العدد 20 - أردني
 

سليمان البزور

منذ سنوات والأردن يخوض حربا شرسة مع التدخين، سلاحه الرئيسي فيها سن التشريعات التي تمنع التدخين في الأماكن العامة. وعلى الرغم من صعوبة تحديد بدء تلك الحرب ، فإن من الممكن استذكار بعض التواريخ المهمة في هذا المجال.

في العام 1997 أصدرت رئاسة الوزراء تعميماً بمنع التدخين في جميع المكاتب والدوائر الحكومية، وأقر قصر العدل مؤخراً حظراً على التدخين داخل أروقته، وفرض غرامة مقدارها عشرة دنانير، لمن يخالف ذلك، وفي العام 2004 أصدر مجلس النواب تعميماً يقضي بمنع التدخين تحت القبة.

وقد جاءت هذه الإجراءات لتضاف إلى عدد من القوانين التي صدرت لمكافحة التدخين أبرزها: قانون الصحة العامة المؤقت رقم 54 لسنة 2002 الذي يعاقب المدخن في الأماكن العامة بالحبس من أسبوع إلى سنة، وبغرامة من 25 إلى 500 دينار أو بالعقوبتين معاً. وقانون الأحداث الذي يحظر على المحلات التجارية ومراكز التسوق بيع الدخان لمن هم دون سن الثامنة عشرة. أما قانون السير فيعاقب على التدخين أثناء القيادة بغرامة مالية تتراوح بين 15 - 30 ديناراً، ويرتب على التدخين في سيارات الركوب العمومية عقوبة تراوح غرامتها بين 10 و 20 ديناراً.

ورغم هذه الترسانة من القوانين، فإن إحصاءات مركز الحسين للسرطان تشير إلى أن 55 في المئة من سكان الأردن المقدر عددهم بخمسة ملايين و800 ألف نسمة هم من المدخنين، وأن نحو 4 آلاف مواطن يصاب بالسرطان سنويا نصفهم لأسباب تتعلق بالتدخين. وتنفق هذه الشريحة على التدخين نحو 500 مليون دينار سنويا خسائر مباشرة، أي ما يعادل 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وتشير أرقام وزارة الصحة إلى أن خسائر الأردن من التدخين تزيد على بليون ونصف البليون دينار سنوياً.

منظمة الصحة العالمية وصفت الوضع في الأردن بالمقلق فيما يتعلق بالتدخين، وأبدت تخوفها من تفاقم الوضع في حال استمرار ارتفاع عدد المدخنين من فئة الشباب وطلاب المدارس.

زيد الكايد، رئيس الجمعية الوطنية لمكافحة التدخين ، يرى أن القوانين والتشريعات الخاصة بمنع التدخين "باتت قديمة، ولابد من تحديثها لتتناسب مع متغيرات العصر. علينا أن ننفذ القوانين التي تمنع التدخين، وعلى الطرف الآخر أن يتوقف عن إصدار التشريعات التي لا تجد طريقها للتنفيذ كقانون الصحة العامة وتعديلاته، وقانون السير".

يضيف الكايد: «أحياناً يكون الشخص القائم على تنفيذ التشريعات الخاصة بمنع التدخين مبتلى به، فلا يقوم بواجبه على أكمل وجه»، كما يعتبر الكايد أن ظاهرة التدخين السلبي هي سلوك قسري يجبر عليه الأشخاص غير المدخنين من قبل المدخنين، ما يلحق بهم الضرر، أحياناً بالحجم نفسه الذي يقع على المدخن». وربما كان من الطريف أن نذكّر هنا بدراسة لوزارة الصحة أشارت إلى انتشار ظاهرة التدخين بين الأطباء الأردنيين بنسبة 34 بالمئة. وبأننا كثيرا ما رأينا مجلس النواب وهو يتحول إلى ما يشبه المدخنة، لاسيما في جلسات الثقة، الموازنة، وإقرار القوانين. ولا تختلف في ذلك رئاسة الوزراء، إذ يروى عن رئيس حكومة سابق أنه كان يفتتح جلسات حكومته بوضع علبة سجائره على يمينه ويستمر في حرق محتوياتها واحدة تلو الأخرى.

وزير البيئة خالد الإيراني الذي يمنع التدخين في وزارته، يربط بين «صحة الإنسان والبيئة العامة»، معتبرا أن دخان السجائر يصب في تلويث المنطقة المحيطة بالمدخن.»

وتتفق رئيسة قسم الوقاية من أمراض التدخين في وزارة الصحة هدية أيوب مع الإيراني: «ينتج احتراق سيجارة واحدة نحو 4 آلاف من الغازات السامة التي تلوث البيئة الجو، وتترك آثارها السلبية على البيئى من خلال رمي أعقاب السجائر وتلويث الأماكن المغلقة.»

علاء غنيم، الطالب في الجامعة الأردنية والقادم من إربد، يرى أن أحدا لا يستطيع إجبار الآخر على التدخين. «شخصياً، أبتعد كثيراً عن الجلوس مع أصدقائي حين يكونون في أمكنة مغلقة ويدخنون؛ بعضهم بات يتكيف مع مثل هذا الوضع وبدأوا تخفيف التدخين أثناء وجودي. لقد رفضت أن أشرك طالباً يدخن بالسكن الذي أقيم فيه حتى وجدت شاباً غير مدخن».

إبراهيم عارف، المحاسب في أحد «المولات» التجارية، يعتبر التدخين السلبي انتهاكا لخصوصيات الآخرين واعتداء على حريتهم في الحفاظ على أنفسهم وصحتهم: «أعرف الكثير من الشباب الذين لم يسبق لهم أن دخنّوا، ولكن نتيجة لوجود زملاء في العمل يدخنون فقد انتقلت إليهم العدوى، وباتوا يدخنون بشراهة».

التدخين حرب تخسر فيها الدولة أموالها والمواطن صحته
 
03-Apr-2008
 
العدد 20