من المؤكد أن أعمال القمع التي قامت بها القوات الصينية لسكان التيبت، أخيراً، والصين على أعتاب استضافة الألعاب الأوليمبية المقررة في آب المقبل، ذكرت كثيراً من الناس بالمصير المأسوي لدورة الألعاب المماثلة التي عقدت في موسكو العام 1980، في ظل مقاطعة الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية وعدد آخر من دول العالم الدائرة في فلكهما. والمقارنة المبسطة تنطلق من أن مقاطعة دورة موسكو آنذاك جاءت عقاباً لها على غزو الاتحاد السوفييتي لأفغانستان في أواخر العام 1978، وعليه فإن الولايات المتحدة وأوروبا الغربية سوف تقاطع دورة الألعاب الأولمبية المقبلة عقاباً لها على قمعها ما سماه البعض انتفاضة الرهبان، وبخاصة في ظل إعلانات التضامن العديدة التي صرح بها مسؤولون أميركيون وأوروبيون، مع حركة الاحتجاجات التي تزعمها رهبان التيبت، وكذلك في ظل الدعوات التي ارتفعت في غير بلد أوروبي تطالب بمقاطعة الدورة الأولمبية، وتدعو الصين إلى ضرورة التفاوض مع الدلاي لاما لحل مشكلة الإقليم المتمرد.

غير أن كل تلك الدعوات لم تؤثر في الموقف الرسمي للولايات المتحدة وأوروبا، فقد أعلنت واشنطن على لسان دانا بيرينو، الناطق باسم البيت الأبيض، أن الألعاب الأولمبية حدث رياضي وليس سياسياً. في حين أعلن الاتحاد الأوروبي أن المقاطعة ليست الإجراء الأفضل لحث الدول على الالتزام بتطبيق حقوق الإنسان، ولم يمنع ذلك بعض الدول الأوروبية من إعلان نيتها مقاطعة حفل افتتاح الدورة، كما فعلت ألمانيا.

لكن دورة موسكو للألعاب الأولمبية ليست الحدث الذي تعيده إلى الأذهان أحداث التيبت، فهنالك دورات أولمبية أخرى جديرة بالتذكر، ربما كان أبرزها ما يعرف باسم مجزرة الطلبة التي نفذتها قوات الرئيس المكسيكي لويس إتشفيريا ضد الطلبة المعتصمين في ساحة الحضارات في وسط العاصمة المكسيكية قبل أيام من انعقاد الدورة الأولمبية فيها في العام 1968، حيث قتل وجرح مئات الطلبة.

ما حدث في العاصمة المكسيكية قبل أربعين عاماً، كان أشبه بضربة استباقية للطلبة الذين كانوا يخططون لإبداء معارضتهم لحكم إتشفيريا خلال الدورة مستفيدين من الزخم الإعلامي الكبير الذي يرافقها. وكان هذا عين ما خشيته الصين حين قمعت انتفاضة التيبت بلا رحمة. غير أن دورة المكسيك تلك، شهدت وقوف اثنين من الرياضيين الأميركيين اللذين رفعا قبضتيهما إحياء لذكرى الطلبة القتلى. فهل يتكرر مثل هذا المشهد تضامناً مع سكان التيبت حين تنعقد الألعاب الأوليمبية في الصيف المقبل؟ .