العدد 1 - أردني
 

عمّان – يخيّم الفتور على الحراكات الانتخابية داخل مخيمات اللاجئين الفلسطينيين وأوساط الأردنيين من أصول فلسطينية، مع غياب الشعارات الأيديولوجية وافتقار غالبية المرشحين للصقل السياسي. يفاقـــم هذا المشهد وصول سكان المخيمات إلى حــــالة من الإحباط بعد ستة عقود من الشتات على خلفــــية التأرجح بين الاندماج في المجتمع الأردني والعودة إلى الوطن، على ما يرى لاجئون وخبراء في الشأن الفلسطيني. مقابل غياب مرشحين من "العيار السياسي الثقيل"، بحسب توصــــيف رئيس وزراء أسبق، تركت ساحات المخيمات لعشرات المتنافسين على خلفيات إما عشائرية أو فصائلية.

أصحاب الفكر السياسي من أصول فلسطينية تركزوا في دائرة عمّان الثالثة، التي ظلّت غالبية أصواتها حكرا على مرشحين من أصول فلسطينية مثل النائب المسيحي السابق عودة القوّاس، الذي يطمح لإعادة انتخابه.

يخو ض المعركة في الدائرة الثالثة هذا الموســـم الاقتصادي طارق خوري الذي جاء متســــلحاً بنادي (مخيـــم) الوحدات، صاحب أكبر شعبوية بين الفرق الأردنية. تضم هذه الدائرة خمسة مقاعد من بينها مقعد للمسيحيين بموجب الكوتا. يتنافس على هذه المقاعد تسعة وعشرون مرشحا – من بينهم خمسة مسيحيين ثلاثة منهم من أصول فلسطينية. يقطن الدائرة الثالثة 169 ألف ناخب محتمل.

يجادل محللون سياسيون بأن المقعد المسيحي في الدائرة الثالثة يذهب حتما لأردني من أصول فلسطينية، بينما يستذكر آخرون حالات نجاح شرق أردنيين في هذه الساحة مثل: خليل حدّادين وفخري قعوار الذي صعد على بطاقة الإسلاميين.

بعض التحليلات ترجع تدني نسبة الاقبال سابقا إلى مناطق ينتشر بها بكثافة أردنيون من أصول فلسطينية. وتعزو هذه التحليلات ضعف مشاركتهم إلى الخوف من فكرة الوطن البديل ما يقوّض- باعتقادهم- فرص عودتهم إلى فلسطين.

الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية الدكتور فايز بريزات ينسب إلى هذه الفئة "خوفا من فكرة التوطين السياسي" لافتا إلى أن الأردنيين من أصول فلسطينية "يخشون من تثبيت الهوية السياسية الأردنية – إن شاركوا في الانتخابات- وهذا يتساوى مع فكرة الوطن البديل وسقوط حق العودة بالنسبة إليهم".

مخيمات

تتحدث الخبيرة في الشأن الفلسطيني ناديا سعد الدين عن حالة من "عدم الاكتراث" بين غالبية سكان المخيمات مع أن أكثرية المرشحين من أبناء أحد المخيمات.

استناداً إلى جولات ميدانية، تنقل سعد الدين عن عشرات الشباب قولهم إنهم سيعزفون عن الاقتراع في العشرين من الشهر الحالي حتى "لا يكرّروا تجارب سابقة فاشلة". أمام أحد الشعارات الخدمية يقف بحيرة أحمد وجهاد ومصطفى، من الجيل الرابع بعد التهجير عام 1948. يرى الشباب الثلاثة أن غياب الشعارات السياسية والوعود بالعودة إلى فلسطين تسهم في إحباط مشاعر الكثير من سكان البقعة- أكبر مخيمات الأردن ال 14، بعدد سكان يناهز 120 ألف نسمة.

أم خالد (48 عاما)، من الجيل الثالث، تتهم مرشحين ب"المتاجرة بشعارات غير قادرين على تحقيقها". ناديا سعد الدين ترى أن غياب السجالات المتعلقة بالقضية الفلسطينية وافتقار شعارات المرشحين إلى برامج سياسية ساهما في حالة الفتور داخل المخيمات.

صاحبة رسالة ماجستير "الصهيونية والنازية وإشكالية التعايش السلمي مع الآخر"، تقـــول إنها لم ترصد سوى شعار وحيد يستذكر "حق العودة" و/أو التعويض بموجب قرار الأمم المتحدة 194 الصادر عام 1948. تلحظ سعد الدين تراجعا في شعبية حركة حماس الإسلامية منذ انقلابها على حركة فتح- كبرى فصائل منظمة التحرير وركيزة السلطة في الداخل- في منتصف حزيران/يونيو الماضي.

وتقول إن انقلاب "حماس" العسكري في غزّة أدى إلى تراجع نفوذها في المخيمات لا سيما البقعة والوحدات- اللذين يشهدان حراكا فصائليا قبل الانتخابات.

في المقابل ينشط مناصرو فتح في الترويج لمرشحين مقربين من هذه الحركة التي تجــــاهد لإعـــادة بناء شعبيتها بإسناد غير معلن من موقع صناعة القرار في الأردن.

يقول مناصرو حماس إن مثل هذا الإسناد يتعارض مع تفاهمات ثنائية سابقة كانت تحظر أي أنشطة سياسية للحركات الفلسطينية على الساحة الأردنية. بدأ الحراك الفتحاوي في خريف 2004 عقب وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات- مؤسس فتح قبل أربعة عقود. ثم تسارعت وتيرته بعد الفوز الكاسح الذي حقّقّته حماس في الانتخابات التشريعية مطلع العام الماضي، حسبما يرى النائب الإسلامي السابق محمد عقل. سبق فتل العضلات التشريعية على الساحة الأردنية تمدّد فتحاوي في كثير من مفاصل المخيمات الإدارية إذ انتزعت الحركة كامل مقاعد نادي البقعة التسعة مخرجة مرشحي التيار الإسلامي من المعادلة بعد 13 عاما من الهيمنة. ينظر إلى مخيم البقعة كباروميتر النشاط الفلسطيني على الساحة الأردنية.

تحدث عقل، في مقابلة سابقة، عن «مساحة كبيرة للتمدد في العلاقة بين مؤسسة الرئاسة بقيادة محمود عبّاس وأصحاب القرار والأشخاص المحسوبين عليهم في تنظيم فتح داخل الأردن».

على أن هاني أبو فارس، أحد قياديي فتح فاز الذي بعضوية نادي شباب البقعة، ينفي وجود أي قرار فتحاوي باستئناف الحراك السياسي داخل مخيمات الأردن، التي تؤوي مليوناً وستمائة ألف لاجئ أي 41 % من فلسطينيي الشتات.

فتور حماسة الأردنيين من أصول فلسطينية – السجل خاص
 
08-Nov-2007
 
العدد 1