العدد 20 - حريات | ||||||||||||||
أعلنت جامعة الدول العربية دخول "الميثاق العربي لحقوق الإنسان"، حيّز التنفيذ اعتباراً من الخامس عشر من آذار/ مارس 2008. وكان أعلن عن "الميثاق" لأول مرة في القمة العربية التي عقدت في تونس عام 2004، ووقعت عليه 16 دولة عربية، بعد 60 يوماً من إدراج سبع دول عربية وثائق تصديقها عليه لدى الجامعة، هي: الأردن، والإمارات، والبحرين، والجزائر، وسورية، وفلسطين، وليبيا. واعتبرت الجامعة في بيان لها في المناسبة "أن دخول الميثاق حيز التنفيذ يعكس اهتمام الدول العربية المتزايد بحقوق الإنسان، ويفتح فصلاً جديداً في تعامل الجامعة مع الموضوعات المتعلقة بقضايا حقوق الإنسان، في إطار ما تضمنه الميثاق من آليات لا سيما اللجنة العربية لحقوق الإنسان". يتضمن الميثاق ثلاثاً وخمسين مادة، تؤكد نصوصها ضرورة منح الدول العربية مواطنيها حقوقاً وحريات واسعة في المجالات السياسية والمدنية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية. وتوضح المادة الأولى أهداف هذا الميثاق، وهي: (وضع حقوق الإنسان ضمن الاهتمامات الوطنية الأساسية في الدول العربية، تنشئة الإنسان على الاعتزاز بهويته، مع التشبّع بثقافة التآخي البشري، إعداد الأجيال لحياة حرة مسؤولة في مجتمع مدني متضامن قائم على التلازم بين الوعي بالحقوق والالتزام بالواجبات، ترسيخ مبدأ عالمية حقوق الإنسان وترابطها). لكن ما يثير الانتباه في مواد الميثاق، أنه يُجيز اتخاذ تدابير خاصة في "حالات الطوارئ الاستثنائية التي تهدد حياة الأمة"، بحسب نص مادته الرابعة، لا تتقيد فيها الدول بالالتزامات المترتبة عليها بمقتضى الميثاق، شريطة أن لا تتنافى مع الالتزامات المترتبة عليها بمقتضى القانون الدولي، وألا تنطوي على تمييز يكون سببه الوحيد هو العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الأصل الاجتماعي. وفي هذا السياق، يعتقد الأستاذ هاني الدحلة، رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان/ فرع الأردن، أن ضمان عدم تحويل الاستثناءات الخاصة بالطوارئ، إلى وسيلة لتفريغ الميثاق من مضمونه الإيجابي، هو رهن بالتطبيقات التي ستلجأ اليها الحكومة، فليس من بلد، برأيه، لا يمر بحالات استثنائية. لكن الدحلة يرى أن المهم ليس المصادقة على الميثاق وحسب، بل وأن تنتقل مواده لتصير تطبيقات على أرض الواقع، وبخاصة أن مواد الميثاق تنص على كثير من الإصلاحات التي تتعلق بحقوق المواطنين وحرياتهم، وإلا كان هدف مصادقة الأردن على الميثاق، على إيجابيته، هو دعائي بحت. لكن الدحلة لا يُبدي تفاؤلاً من إمكان أن تشكل تطبيقات هذا الميثاق، إضافة إيجابية لصالح حقوق الإنسان في الأردن، مستشهداً بعدم تمكّن إعلانات واتفاقيات حقوق الإنسان الدولية الأخرى، ومعها مجمل نصوص القوانين الأردنية، من الحيلولة دون وقوع تجاوزات على حقوق الإنسان، على حد قوله. يوضح الميثاق في مادته الخامسة والأربعين، الآليات التي ستتبع في تطبيقه، فينص على تشكيل "لجنة حقوق الإنسان العربية"، بحيث تتكون من سبعة أعضاء، تنتخبهم الدول الأطراف في الميثاق بالاقتراع السري، بحيث لا تضم اللجنة أكثر من عضو واحد من كل دولة. ويشترط الميثاق في المرشحين لعضوية اللجنة، أن يكونوا من ذوي الخبرة والكفاية العالية في مجال عملها، وأن يعملوا فيها بصفتهم الشخصية. كما ينص الميثاق على أن تقدم الدول الأطراف إلى الأمين العام للجامعة، تقارير دورية، مرة كل ثلاث سنوات، بشأن التدابير التي اتخذتها لإعمال الحقوق والحريات التي ينص عليها، بحيث يحيلها إلى اللجنة للنظر فيها، فيما تقدم اللجنة بدورها تقريراً سنوياً يتضمّن ملاحظاتها وتوصياتها إلى مجلس الجامعة، عن طريق الأمين العام. ويعتبر الميثاق تقارير اللجنة وتوصياتها وثائق علنية يتم نشرها على نطاق واسع. أما عن الدول العربية الأخرى التي لم تصادق بعد على الميثاق، فقد صرّح السفير محمود غلاب، مدير إدارة حقوق الإنسان في الجامعة العربية، بأن الكويت أبلغت الجامعة العربية رسمياً بأن تصديقها على الميثاق، الذي وقعت عليه، هو الآن في المراحل الأخيرة، وأنها سوف تودعه قريبا لدى الجامعة، وأن السعودية وافقت على الميثاق من خلال مجلس الشورى، وأن الجامعة في انتظار تصديق الملك عبد الله بن عبد العزيز عليه. كما أعلن عن إنشاء لجنة عربية فرعية لحقوق الإنسان، تضم سبعة خبراء من الدول العربية، برئاسة القاضية التونسية منية عمار. ومن أبرز الدول التي تأخرت عن المصادقة على الميثاق: مصر، دولة مقر الجامعة العربية، وهو ما أثار استياءً في أوساط منظمات ونشطاء حقوق الإنسان المصريين. ورأى بعضهم، مثل بهي الدين حسن، مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، أن عدم تصديق مصر على الميثاق العربي، سببه عدم رغبة الحكومة المصرية في الالتزام بمزيد من الاتفاقيات في مجال حقوق الإنسان، فيما رأى آخرون، منهم السفير غلاب، أن مصادقة مصر على الميثاق، مسألة وقت لا أكثر، مستشهداً بدورها الكبير في صياغة مواد الميثاق. |
|
|||||||||||||