العدد 20 - حريات
 

للمرة الثانية في غضون أسبوع واحد، يستفيد قاتلٌ من نصٍ في قانون العقوبات، يتيح لمن يُدان بما يُسمى "جريمة شرف"، الحصول على حكم مخفف. فقبل أيام، تلقى رجل يبلغ من العمر 38 عاماً، حُكماً بموجب القانون يقضي بالحبس لستة أشهر، بعد أن قتل زوجته خنقاً، لاشتباهه بارتكابها جرم الزنا. وقال الجاني في أثناء التحقيق معه إنه شاهد رجلاً يخرج من بيته، لحظة عودته للبيت، من دون أن يتمكن من اللحاق به أو إمساكه أو التعرف على هويته. وقد أُدين بجنحة القتل العمد المقرون بالعذر القانوني المخفف، المسمى "سورة الغضب".

قبلها بأيام، كانت امرأة تبلغ من العمر 69 عاماً، تستفيد من نص القانون وتتلقى حُكماً بالحبس لمدة عام واحد، لقتلها ابنتها المُطلّقة بـ"قطاعة"، بعد أن اشتبهت بأنها حملت من علاقة غير شرعية. إذ أُدينت بالجنحة نفسها: القتل العمد مقروناً بالعذر القانوني المخفف. وقد أُفرج عن العجوز فوراً كونها قضت مدة محكوميتها موقوفة على ذمة التحقيق.

النص المستند إليه في القضيتين، تتضمنه المادة 98 من قانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960 وتعديلاته، التي تنص على أنه: "يستفيد من العذر المخفف فاعل الجريمة الذي أقدم عليها بسورة غضب شديد ناتج عن عمل غير محق وعلى جانب من الخطورة أتاه المجني عليه". فيما توضح بنود المادة 97 من القانون ذاته، كيفية هذا "التخفيف"، على النحو التالي: 1 - إذا كان الفعل جناية توجب الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو الاعتقال المؤبد، حُوّلت العقوبة إلى الحبس سنـة عــلى الأقــل. 2 - وإذا كان الفعل يؤلف إحدى الجنايات الأخرى، كان الحبس من ستة أشهر إلى سنتين.3 - وإذا كان الفعل جُنحة، فلا تتجاوز العقوبة الحبس ستة أشهر، أو الغرامة خمسة وعشرين ديناراً.

وبسبب وجود المادة 98، ذات الطابع العام الذي لا يحدد ماهية الجريمة، فإن تعديل نص المادة 340 من القانون نفسه، منذ العام 2001، باتجاه تجريم مرتكبي القتل بداعي «الشرف»، لم يحُل دون استمرار وقوع تلك الجرائم أو التقليل منها. وقد تم تعديل النص الذي كان يتيح تبرئة مرتكبي تلك الجرائم، والمسمى «العذر المحلل»، أي الذي يُلغي صفة الإجرام عن حادثة القتل بداعي «الشرف»، إلى نص يمنح عذراً مخففاً، متيحاً للمرأة أيضاً إمكانية الاستفادة من «العذر المخفف»، وليس للرجل فقط كما كان في النص السابق، لكنه يشترط على المرأة مفاجأة زوجها «على فراش الزوجية»، وليس في أي مكان آخر. والنص المعدل للمادة 340 من قانون العقوبات، هو: 1 - يستفيد من العذر المخفف من فوجىء بزوجته أو إحدى أصوله أو فروعه أو أخواته حال تلبسها بجريمة الزنا أو في فراش غير مشروع، فقتلها في الحال أو قتل من يزني بها أو قتلهما معاً أو اعتدى عليها أو عليهما اعتداء أفضى إلى موت أو جرح أو إيذاء أو عاهة دائمة.

2 - ويستفيد من العذر ذاته الزوجة التي فوجئت بزوجها حال تلبسه بجريمة الزنا أو في فراش غير مشروع في مسكن الزوجية، فقتلته في الحال أو قتلت من يزني بها أو قتلتهما معاً أو اعتدت عليه أو عليهما اعتداءً أفضى إلى موت أو جرح أو إيذاء أو عاهة دائمة. 3 - ولا يجوز استعمال حق الدفاع الشرعي بحق من يستفيد من هذا العذر ولا تطبّق عليه أحكام الظروف المشددة.

هل يجب الإبقاء على النصوص القانونية التي تتضمن أعذاراً مخففة لمرتكبي القتل العمد بداعي «الشرف»، أم تغييرها بحيث يتم التعامل مع مرتكبي ذلك النوع من القتل، كمجرمين خططوا لجريمتهم ونفذوها عن وعي كامل؟ بخاصة أن المؤشرات بعد قضايا القتل بداعي «الشرف»، تدل على أن حادثة القتل عادة ما يكون مخططاً لها بشكل «جيد»، إذ حين تقرر العائلة قتل ابنتها، فإنها تختار شقيقها أو أحد أفراد أسرتها، وترتب له لقاءً مع الفتاة لارتكاب الجريمة، حيث تُفتعل مشادة كلامية معها، تنتهي بقتلها، ثم يدّعي القاتل، الذي عادة ما يُسلم نفسه طواعية، أنه ارتكب جريمته بعد أن أفقدته الضحية السيطرة على مشاعره، كي تُعدل المحكمة وصف التهمة الموجهة له من «القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد"، إلى المادة 98 من قانون العقوبات، أي "القتل تحت سورة الغضب".

تستقبل "السّجل" من قرّائها، مشاركاتهم حول هذا الموضوع، بما لا يتجاوز 300 كلمة، وذلك عبر بريدها الإلكتروني.

قضية للنقاش: العذر المخفِّف في “جرائم الشرف”
 
03-Apr-2008
 
العدد 20