العدد 20 - علوم وتكنولوجيا
 

"محمد عدي" الريماوي

بدأ مفهوم 2.0 Web أو الإنترنت الثانية ينتشر في أوساط المبرمجين ومستخدمي الإنترنت، فالتقدم في الخدمات التفاعلية التي تقدمها مواقع الإنترنت للمستخدمين الآن، أوجدت مفهوماً جديداً للإنترنت لم يكن موجوداً قبلاً، فالمستخدم قد تحول من متلقٍ للمعلومات إلى مصدِر لها ومتحكم بها .

تضم الإنترنت الأولى Web 1.0 المواقع التي أنشئت ما بين 1994 و 2004، وكانت صفحات تلك المواقع تتميز بالثبات وعدم التغير، والاستخدامات البسيطة في التصميم، وعادة ما كانت تستخدم صوراً بسيطة. وهذا يعود بالأساس إلى ضعف الاتصال مع الشبكة، إذ لم يكن معروفاً وقتها ما يسمى بـ"الحزم العريضة"، فلم تكن سرعة الاتصال تتعدى 56K. وسمي هذا التوجه بالإنترنت الأولى، بأثر رجعي، أي بعد الوصول إلى الإنترنت الثانية، وظهور تطبيقاتها المختلفة على الشبكة.

ظهر مصطلح الإنترنت الثانية خلال مؤتمر أقامته O’Reilly Media في العام 2004، وتحدث رئيسها توم أوريلي عن تحول الإنترنت إلى منصة لجميع مستخدميها، وعن مبدأ المشاركة الذي أصبحت تقوم عليه كثير من المواقع الناجحة، فالاعتماد الآن أصبح على مشاركات المستخدمين، أكثر من المواد المنشورة بالأصل على المواقع.

يقوم مبدأ الإنترنت الثانية على التشاركية والإضافة، فقد تحولت الشبكة العنكبوتية الآن إلى منابر للجميع، وأصبح المستخدم قادراً على أن يبني له موقعاً أو صفحة على موقع ما بثوانٍ معدودة، ونشر ما يحلو له من مواد. وتعد المدونات، ومواقع مثل Facebook وWikipedia من أفضل الأمثلة على ذلك، فالمستخدم أصبح الآن هو المتحكم بالمعلومات، وهو الذي يحدد ما يظهر على شاشته.

وانتشرت التطبيقات التي تعمل من دون الحاجة إلى الاتصال بالإنترنت، ولكنها تقدم خدمات أكثر عند استخدامها من خلال الإنترنت، مثل موقع Flicker لمشاركة الصور. وهناك أيضاً التطبيقات التي تعمل بالكفاءة بنفسها سواء كنت متصلاً بالإنترنت أم لا، فالخدمات المتعددة الذي يقدمها Google مثل Google Maps وGoogle Desktop من أهم الأمثلة على ذلك.

وتظهر مواقع هذه الطفرة بتصميم مميز، يساعد على تقديم الخدمات بشكل أفضل، وبمظهر جيد يجذب المستخدمين، وباستخدام سهل للأدوات التي تستعمل لإضافة المواد. ويعد استخدام البرامج المساعدة في التصميم مصدراً أساسياً لتحسين شكل المواقع، مثل Flash وAdobe التي تحسن الصورة وتنقي الشاشة، وبرزت لغات برمجة محسنة مثل Ajax وDHTML لتحسين أداء المواقع وعملها بفعالية أكبر، عند تجاوبها مع طلبات المستخدمين.

ومن ناحية اقتصادية، فإن المشاركة تخيف شركات الإنتاج، فالأغاني والمسلسلات والأفلام أصبحت تتنقل ببساطة بين المستخدمين، ولم تعد هناك حاجة لشرائها، فبرامج مشاركة الملفات هي المفضلة عند مستخدمي الإنترنت الشباب. ولكن اتساع عدد مستخدمي الإنترنت، أوجد طرقاً جديدة للإعلان، فأغلبية مواقع المنتديات والمدونات والتعارف، تدين في بقائها على الشبكة للإعلانات التي أبرزت حالة من التنافس المحتدم بين الشركات على شراء المواقع، ويبدو هذا واضحاً من خلال العروض الخيالية التي تقدمها شركة مايكروسوفت لشراء بعض المواقع المشهورة، مثل Yahoo وFacebook.

ولكن الأب الروحي لشبكة الإنترنت تيم بيرنرز-ليي يؤكد أن مفهوم الإنترنت الثانية لا معنى له، وأن الامر لا يعدو أن يكون تطورا طبيعيا للشبكة ولا يمثل تغييرا حقيقيا عليها، واستشهد بأن موقعا مثل Amazon.com قدم خدمات المشاركة ووضع التعليقات منذ العام 1995، وأطلق بعض الخدمات التفاعلية منذ العام 2001. وهناك كثير من المبرمجين الذين يعتبرون أن ما يحدث الآن هو "الفقاعة الثانية"، بعد فقاعة "الدوت.كوم" التي أصابت العالم في 2001، وارتفعت وقتها بعض بورصات نيويورك لأرقام قياسية، جراء ثورة الإنترنت.

أما الإنترنت الثالثة فإن البعض يشير إليها على أنها تتضمن تزايدا كبيرا في سرعة الاتصال بالشبكة، ويقول بعضهم إنها ستكون بوابة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، أو تطورا كبيرا في فن "الغرافيكس" المستخدم في مواقع الإنترنت. وقد بدأت بعض الشركات بتجربة تطبيقات يمكن استخدامها والتعديل عليها لتنقل شبكة الإنترنت إلى عصرها الثالث. من أهم الخدمات التي يمكن أن تحتويها الإنترنت الثالثة، تحويل الإنترنت إلى قاعدة بيانات هائلة تمكن المستخدمين من تخزين المعلومات عليها بدقة عالية، وسهولة استخراج هذه المعلومات من أي مكان. العمل بتطبيقات الذكاء الاصطناعي التي ستنقل بعض واجبات الإنسان إلى كمبيوتره الشخصي. ثورة البعد الثالث 3D التي يحلم بها جميع مصممي المواقع، وخصوصاً صانعي المواقع المعتمدة على الرسومات. والخطوة الثورية بإعطاء المستخدم السلطة لتغيير خصائص الموقع الذي يزوره، متجاوزاً بذلك الألوان وترتيب الصفحة، للوصول إلى نواة الموقع ووظائفه الرئيسية.

الثالثة لم تأتِ بعد !: الإنترنت الثانية تغزو العالم
 
03-Apr-2008
 
العدد 20