العدد 20 - أردني | ||||||||||||||
حسين أبورمان خصص مجلس النواب جلسة الأربعاء الماضي، لـ "مناقشة عامة" لموضوع البترول في الأردن، بناء على طلب 15 نائباً. وطالب موقعو الطلب إلى الحكومة إعداد تقرير مفصل حول هذه القضية. وزير الطاقة والثروة المعدنية خلدون قطيشات، قدم في بداية الجلسة تقريراً مفصلاً حول التنقيب عن النفط منذ عام 1947 والنتائج التي أسفر عنها، وحول استراتيجية الوزارة للتعامل مع ملف الطاقة والرامي إلى رفع المساهمة المحلية في إنتاجها من أربعة بالمئة حالياً إلى 25 بالمئة عام 2015، وإلى 39 بالمئة عام 2020. المعلومات التي قدمها الوزير مهمة ومنسجمة. وتشرح بصورة دقيقة أين وصل الأردن في موضوع التنقيب عن النفط والغاز، وما هي مشاريعه لتكرير الصخر الزيتي واستخدامه في إنتاج الكهرباء. برغم ذلك، اندفع نواب نحو حرف المناقشة عن مسارها باتجاه قضية منظورة أمام القضاء تخص تخلي شركة تنقيب بترولية عن 80 بالمئة من حصتها لشركة أخرى، فيما واصل نواب آخرون الحديث بلغة "التشكيك" بما قدمه الوزير، بالاستناد إلى افتراضات أنه يجب أن يكون لدينا نفط ما دام أن لدى بعض جيراننا منه، أو أن هناك "مؤامرة" خارجية حسب ما جاء في مداخلة خليل عطية. المعلومات التي توافرت قيمة، وكان بإمكان النواب أن يحصلوا عليها من وزارة الطاقة والثروة المعدنية دون حاجة إلى جلسة مناقشة عامة. فهذه الجلسة كان يمكن عقدها دون جعلها جلسة أسئلة يوجهها نواب لوزير. رئيس مجلس النواب بالإنابة ممدوح العبادي، خرج بانطباع أن زملاءه النواب لم يقتنعوا تماماً بالمعطيات التي بسطها وزير الطاقة أمامهم، فاستخلص الحاجة إلى تكليف لجنة الطاقة والثروة المعدنية في مجلس النواب إعادة بحث إمكانية وجود شواهد بترولية منتجة في المملكة مع خبراء جيوفيزيائيين. هذا الاستخلاص يحمل عدة دلالات: الأولى أن جلسة المناقشة العامة لم تؤد الغرض منها، إذ إن النواب عادوا إلى نقطة الصفر وكأنهم لم يستمعوا إلى واحد من التقارير المهمة التي تقدم بهذا الشأن. ولهذا جرى تكليف لجنة الطاقة النيابية بالتحقق من إمكانية وجود النفط في الأردن، ما يفرض على اللجنة أن تقدم تقريراً للمجلس حول حصيلة الاستقصاءات التي ستجريها. الدلالة الثانية، أن موقعي طلب المناقشة العامة كان يمكنهم التحاور مع لجنة الطاقة والثروة المعدنية قبل تقديم الطلب لرئاسة المجلس للإحاطة بالموضوع بطريقة أفضل. فلو كان النواب درسوا درسهم جيداً لكان بإمكانهم تحديد الثغرات في تقرير الوزير وطلب إيضاحات إضافية حولها. الدلالة الثالثة، أن مجلس النواب الخامس عشر يميل إلى القيام بالتحقيق أو التحقق من مسائل معينة من خلال لجانه أو لجان يشكلها. هذا الميل غير مفيد لأن دور النواب هو ممارسة الرقابة، لا القيام دائماً بعمليات استقصائية بأنفسهم. وبالتالي كان الأجدى في جلسة "البترول" الطلب من الحكومة تقديم أجوبة على الأسئلة التي لم يتلق النواب جواباً عليها، لا أن يقوموا هم بعمل "الحفريات" اللازمة للبحث عن النفط. جلسة البترول كشفت مثل جلسات المناقشة السابقة، أن النواب يدخلون إلى الجلسة، وقد قيّدوا أنفسهم مسبقاً بدور باهت، وهو التعليق على التقرير الذي تقدمه الحكومة حول موضوع المناقشة، في ثلاث دقائق لكل منهم. وبرغم أن المناقشات قد تفرز عدة اتجاهات في الرأي، إلا أن معظم المداخلات تشتمل على تكرار الأفكار نفسها تقريباً. ولعل من الخطأ تقييم جلسات المناقشة العامة فقط من زاوية كونها مفيدة أم لا. والتساؤل الذي يطرح نفسه: هل قيم أحد في مجلس النواب جلسات المناقشة العامة السابقة وإلى أي مدى حققت أهدافها؟ يفترض أن المكتب الدائم واللجان المختصة في المواضيع المناقشة يقيموا هذه الجلسات لتعظيم الفائدة منها. تنتهي جلسات مجلس النواب في العادة بإجراءات وقرارات محددة. هذا الأمر لا ينطبق على جلسات المناقشة العامة. والسبب هو وجود خلل في وظيفة هذه الجلسات التي يتعين أن تكون جزءاً لا يتجزأ من آلية الرقابة على الحكومة. وحتى تؤدي وظيفتها، فإنه لا غنى عن إعادة النظر بطريقة التحضير لها. تنص المادة 130 من النظام الداخلي لمجلس النواب على حق طالبي المناقشة العامة أو غيرهم "طرح الثقة بالوزارة أو بالوزراء بعد انتهاء المناقشة العامة"، وذلك مع مراعاة أحكام المادة 54 من الدستور. هذا يؤشر إلى أهمية هذه الجلسات كأداة من أدوات الرقابة على الحكومة. إن أول المتطلبات المنطقية لعقد جلسة مناقشة عامة أن يقوم موقعو الطلب بكتابة مذكرة تبرر طلب عقد الجلسة، وذلك بدراسة الموضوع المطروح وتحديد ما الذي يريدونه من الحكومة. هل مجرد الاستفسار عن مسائل معينة، أم أن لديهم ملاحظات على السياسات الحكومية في الموضوع ذاته. وقد يكون مفيداً أن يجتمعوا ويتباحثوا مع اللجنة النيابية المختصة في الموضوع المقترح لتحديد ماذا يطلبون من الحكومة وكيف يناقشونها في الأمر. |
|
|||||||||||||