العدد 19 - اقليمي | ||||||||||||||
بموازاة قمم الحكومات العربية، ثمّة هيئة مشتركة للبرلمانات تجتمع دورياً لكنهّا تتحرك مع ذلك تحت سقف الحكومات. فليس لـ «الاتحاد البرلماني العربي»، أي دور تشريعي أو رقابي فعلي، وإنما يكتفي بدوره المعنوي في «تعزيز التضامن العربي والعمل المشترك». لذلك لا يثير الاتحاد اهتمام المواطن العربي الذي يرى فيه منبراً للخطابة وإصدار بيانات، وفي أحسن الأحوال إصدار توصيات غير ملزمة. لكن رغم المنعطفات الدقيقة التي واجهت العمل العربي المشترك خلال العقود الماضية، فإن الاتحاد البرلماني العربي، واصل نشاطه، وعقد أخيراً مؤتمره الثالث عشر، والدورة الخمسين لمجلس الاتحاد، في إربيل، كردستان العراق بين 11 - 13 آذار/مارس الماضي. في ذلك الاجتماع، سلّم رئيس مجلس النواب الأردني عبد الهادي المجالي رئاسة الاتحاد إلى نظيره العراقي رئيس مجلس النواب محمود المشهداني. مسيرة الاتحاد البرلماني العربي تبقى متواضعة وهامشية مقارنة بقفزات البرلمان الأوروبي الذي يتكون من 785 عضواً منتخباً من شعوب 27 دولة. البرلمان الأوروبي، الذي ينتخب كل خمس سنوات منذ عام 1979، يشكّل مع مجلس وزراء الاتحاد الأوروبي الذراع التشريعية للمؤسسات الأوروبية. الاتحاد البرلماني العربي في المقابل، منظمة برلمانية تتألف من "شُعب" تمثل المجالس البرلمانية ومجالس الشورى العربية بغض النظر عن تباين الأنماط التمثيلية وتعددها. الهيئة الأعلى في الاتحاد هي مؤتمره العام الذي يعقد مرة كل سنتين، ويتولى بحث القضايا القومية العامة. فيما يعقد مجلس الاتحاد الذي يتألف من عضوين من كل شعبة برلمانية دورة سنوية، لبحث مسائل إجرائية مثل: إقرار الميزانية، وضع جدول أعمال المؤتمر العام، وتعيين أمين عام للاتحاد. يتناوب على رئاسة الاتحاد سنوياً رؤساء الشعب الأعضاء وفق الترتيب الأبجدي لأسماء شعبهم. وعليه فإن مجلس الأمة - بشقيه الأعيان والنواب، يمثل الشعبة الأردنية. تتشكّل لجنة تنفيذية للشعبة الأردنية، لمتابعة الأنشطة والأعمال الخاصة بالاتحاد البرلماني العربي، من 28 عضواً منهم 18 عضواً من مجلس النواب يمثلون أعضاء المكتب الدائم ورؤساء اللجان الدائمة و9 أعضاء يسميهم مجلس الأعيان. ويرأس الشعبة رئيس مجلس النواب، ويكون نائبه أحد أعضاء مجلس الأعيان. تأسس الاتحاد البرلماني العربي في دمشق بعد مؤتمره التأسيسي هناك بين 19 - 21 حزيران/يونيو 1973، في مناخات التضامن العربي المشترك عقب حرب أكتوبر. وشارك في المؤتمر التأسيسي برلمانات عشر دول عربية؛ الأردن، البحرين، تونس، السودان، سورية، فلسطين، الكويت، لبنان، مصر، وموريتانيا. وما لبثت عضويته أن توسعت تدريجياً وصولا إلى 22 بانضمام برلمانات ومجالس شورى دول أخرى. يقيم الاتحاد علاقات مع جامعة الدول العربية بهدف التعاون والتنسيق في مجالات العمل المشتركة وفي العلاقات مع المنظمات الدولية والإقليمية. الاتحاد والجامعة أبرما اتفاقاً للتعاون المشترك عام 1996. ومن أبرز نتائجه وضع مشروع صيغة مشتركة لتأسيس البرلمان العربي الذي وافق مؤتمر قمة الجزائر عام 2005 على تأسيسه. تلك القمة قررت إنشاء «برلمان عربي» انتقالي لمدة خمس سنوات وذلك كمرحلة انتقالية نحو ميلاد برلمان عربي دائم، على غرار البرلمان الأوروبي. يتم اختيار أعضاء البرلمان الانتقالي، أربعة لكل دولة عضو في الجامعة العربية، من بين أعضاء المجلس النيابي أو ما يماثله في كل دولة، مع مراعاة تمثيل المرأة التي باتت تشغل تسعة مقاعد من بين 88 مقعداً. البرلمان العربي الانتقالي اختار في كانون الأول/ديسمبر 2005 رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الأمة الكويتي محمد جاسم الصقر رئيساً له للنصف الأول من المرحلة الانتقالية. اختصاصات متعددة وضعت للبرلمان الانتقالي تتناول تعزيز العمل العربي المشترك ومواءمة التشريعات في الدول العربية. لكن هذا البرلمان وجد أساساً، لوضع قانون أساسي لبرلمان عربي دائم، ليصبح نافذاً بعد إقراره في مجلس الجامعة على مستوى القمة. محمد جاسم الصقر يرى أن البرلمان الدائم يستهدف «أن تشارك الشعوب في صنع القرار، مثل الاتحاد الأوروبي». لكنه يستدرك: «البرلمان الأوروبي عمره الآن سنوات طويلة. ولن نصل إلى مستواه إلا بعد فترة طويلة. لكن هدفي أن أضع قانوناً أساسياً يجعل الشعوب العربية قادرة على المشاركة شعبياً». يشكل النشاط الدولي ركيزة مهمة في عمل الاتحاد البرلماني العربي لطرح القضايا العربية على المحافل البرلمانية الدولية، وفي مقدمتها الاتحاد البرلماني الدولي الذي يرجع تأسيسه إلى عام 1889، ويضم في عضويته الآن 138 شعبة برلمانية. وأدخلت اللغة العربية لغة رسمية في أعمال الاتحاد الدولي اعتباراً من عام 1993. يقيم الاتحاد البرلماني العربي حوارات مع هيئات إقليمية مشابهة مثل: البرلماني العربي-الأفريقي، البرلمان الأوروبي، الاتحاد الروسي وأميركا اللاتينية. كذلك أسهم في تأسيس اتحاد برلمانات الدول الإسلامية في طهران عام 1999. القيمة التاريخية الوحيدة للاتحاد البرلماني العربي، وللبرلمان العربي الانتقالي هي تقريب العالم العربي من إنجاز خطوة توحيدية ترتقي إلى مصاف نموذج البرلمان الأوروبي، بحسب القائمين عليه. فحيوية الأمة هي في تقدمها على هذه الدرب، مروراً بإنجاز الأدوات التوحيدية التي ما زالت بحاجة إلى تفعيل كي تلبي طموحات الشعوب العربية. |
|
|||||||||||||