العدد 19 - اقتصادي | ||||||||||||||
السجل- خاص تتجنب تقارير صندوق النقد الحديث عن قضايا تهم المواطن لتبقى ملاحظات بعثاته مقتصرة على المؤشرات الاقتصادية العامة، التي لا تنعكس سوى ارتفاعات في الأسعار والضرائب منذ سنوات. ففي الوقت الذي يتعرضون لمعدل النمو، تسارع تدفق الاستثمار، الاحتياطي من العملات الأجنبية، الدعم، المنح وتعديل قانون الدين العام، يهمل مسؤولو الصندوق قضايا أساسية وحساسة تمس المستوى المعيشي للمواطنين. معدلات التضخم والارتفاعات المتتالية للأسعار، الفقر، والبطالة مواضيع لم تستوقف بعثة الصندوق الأخيرة بل بقي تقييمها للاقتصاد محصورا بأرقام مقدسة، تدفع الأردن لتحقيقها بعيداً عن آثارها السلبية على حياة الناس. ملاحظات فريق الصندوق الذي زار الأردن نهاية الشهر الماضي ضمن برنامج التقييم والمراجعة الدورية تضمنت تحسن أداء الاقتصاد خلال 2007 وإشادة بسياسة سعر صرف الدينار والفائدة على الدولار. يلفت الصندوق في تقريره إلى إمكانية أن يحقق الاقتصاد نتائج أفضل العام 2008 إذا ما تم ضبط التشوهات الاقتصادية ومنها: التضخم الذي يتوقع أن يصل 9 بالمئة، عجز الموازنة الذي يتوقع أن يقارب مليار دينار بعد المنح، والحساب الجاري الخارجي. فريق الصندوق يلفت في تقريره إلى قيام الحكومة بمعالجة التشوه في السياسة النقدية من خلال إلغاء الدعم عن المشتقات النفطية وزيادة أسعارها بمعدل 47 بالمئة. كما يؤكد على أهمية توجه البرلمان بتعديل قانون الدين العام لتخفيض نسبته إلى 69 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2011. جاء في التقرير توصيات من الصندوق لمسار الاقتصاد خلال الأعوام القادمة منها خفض العجز المالي إلى 2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2013، إذ اقترح الفريق لأجل ذلك تقليص نمو الرواتب والأجور بحيث لا يتجاوز 3 بالمئة سنويا. لكن هذه التوصية لم تأخذ بعين الاعتبار الظروف المعيشية للأسر الأردنية وتدني رواتب القوى العاملة -قوامها مليون وربع المليون- التي لا تتجاوز 300 دينار لحوالي 75 بالمئة منها. البعثة طلبت من الحكومة تخفيض عبء الدين الخارجي بشراء 1ر2 مليار دولار من ديون نادي باريس باستخدام رصيد عوائد التخاصية المقدرة الآن بمليار دينار ونصف دولار ومنح خارجية تقارب 500 مليون دولار. التوصية بشراء الدين بهذه المصادر المالية تحرم الأردنيين من إنشاء مشاريع تنموية وإنتاجية توفر فرص عمل وتساهم بتقليل عدد الفقراء. كما أن دفع هذا المبلغ لصفقة شراء الدين يحرم الأجيال القادمة من حصد نتائج ايجابية لسياسة الخصخصة التي اتبعتها المملكة منذ أكثر من عقد. من أكثر التوصيات سلبية تلك المتعلقة بالحد من زيادة الأجور، لا سيما أن تحديد الأجور سيؤثر على حجم طلب المستهلكين على السلع والخدمات، ما سيؤدي إلى تراجع الاقتصاد وانخفاض معدلات النمو التي حققت أرقاما جيدة خلال السنوات الماضية بلغت نسبتها بالمتوسط 4ر5 بالمئة. كذلك، غضت البعثة النظر عن تحليل الآثار الحقيقية لسياسة ربط الدينار بالدولار وانعكاسات ذلك على عجز ميزان المدفوعات والمديونية الخارجية. القرار الملكي الأخير بتأخير إزالة الدعم عن الأعلاف ورفع ثان لسعر اسطوانة غاز الميثان المنزلي، كان مقررا مطلع الشهر المقبل، جاء ليوقف انهيار مداخيل المواطنين أمام غول الأسعار. يبقى القول إن الصندوق يركز على الانجازات بالأرقام والمؤشرات. لذا على الحكومة رصد الطرف الثاني للمعادلة، وهم الناس الأشد تأثرا بالسياسات الاقتصادية المطبقة، وذلك من أجل تقليص أثرها على مستوى معيشتهم لا سيما وأن التراجع المتلاحق للظروف الاقتصادية جاء، بلا شك، نتيجة توصيات برامج الصندوق التي بدأ الأردن بالخضوع لها عام 1989 وظل يلتزم بها حتى بعد تخرجه منه عام 2004. |
|
|||||||||||||