العدد 1 - أردني
 

تتوقع الأوساط السياسية أن تفرز الانتخابات النيابية مجلس نواب بسقف منخفض على منوال سلفه في ضوء طغيان البعد العشائري وانحسار المد الحزبي باستثناء التيار الإسلامي الذي يسعى للحفاظ على توازن نفوذه السابق بسبب حساسية العلاقة بين الإخوان والسلطات.

يشوب السباق نحو القبّة ممارسات ومصطلحات بدءاً من مقولة «الضوء الأخضر» ما يعني أن المرشح حصل على تطمينات بالإسناد من دوائر الدولة وصولاً إلى "المال السياسي" الذي وصفه وزير التنمية السياسية محمد العوران بأنه طارئ على الساحة الأردنية وجاء محمولاً على جيوب «مليارديرية" خلت منهم المملكة في خمسينيات القرن الماضي.

قائمة الإسلاميين العلنية تضم 22 مرشحاً يساندهم حلفاء مستقلون أو مدعومون عشائرياً، وذلك ضمن معادلات وتحالفات سرّية يأمل الإخوان من خلالها في الحفاظ على مكتسباتهم تحت القبّة بعد تراجع هيمنتهم التشريعية بفعل قانون الصوت الواحد لكل ناخب الذي اعتمد عام 1993.

حصة الإسلاميين في المجلس السابق كانت 17 من 110 مقاعد.

الملك عبد الله الثاني وضع اصبعه على جرح الأحزاب، وتحدث أيضاً عن استحقاقات اقتصادية مجتمعية ملّحة. ففي مقابلة نشرت أمس مع وكالة الأنباء الرسمية (بترا)، قال الملك إنه كان يأمل «بأن يكون 2007 عام الأحزاب السياسية ذات البرامج الواقعية»، بيد أنه أردف «لكن لازلنا بحاجة إلى المزيد من الوقت والجهد لتحقيق هذا الهدف».

أوساط سياسية فسّرت كلام الملك بخيبة أمل حيال الأحزاب السياسية – التي أعيدت الشرعية إليها عام 1992 بعد خمسة وثلاثين عاماً من العمل تحت الأرض. فهي لم ترتق، بحسب التحليل ذاته، إلى مستوى توقعات رأس الدولة في النضوج وصولا إلى التنافس في الانتخابات على خلفية سياسية بعيداً عن العشائرية والفردية.

في المقابلة ذاتها شدّد الملك على أولوية الأمان المجتمعي والاقتصادي لافتاً إلى أنه «وجّه الحكومة لبناء شبكة أمان مجتمعي كاملة في إطار الموازنة واعتماد معادلة جديدة تربط دخل المواطن بمستوى التضخم».

مجلس النواب الخامس عشر سيواجه ملفات اقتصادية "غير شعبية" على الجبهة الداخلية وقضايا سياسية مصيرية عبر الإقليم فيما يتصل بالقضية الفلسطينية، الوضع غير المستقر في العراق وتأرجح الوضع الأمني والسياسي في لبنان. إلا أن الاستحقاقات القادمة وسخونة الساحة لم تنعكس على نوعية أو شعارات المرشحين، كما أن تأثيرها على الناخب المحتمل يبقى محدوداً، بحسب الأوساط السياسية.

في مسح محدود على عدد من الدوائر الانتخابية، وجدت "السِّجل" فتوراً لدى غالبية الناخبين المسجلين إذ يفكر بعضهم في الإحجام عن الاقتراع، معتبرين أن شعارات المرشحين لا ترتقي إلى مستوى هواجسهم حيال ثالوث الفقر، البطالة والفساد.

من أبرز التحديات الاقتصادية أمام السلطتين التشريعية والتنفيذية رفع أسعار الخبز والمحروقات للمرة الخامسة خلال عامين، فضلاً عن تسريع إصلاحات هيكلية من شأنها أن تؤثر في بنية الاقتصاد الوطني، وتسارع خلخلة الطبقة الوسطى في غياب شبكات أمان مُلحة.

تجرى الانتخابات وفق قانون انتخاب مؤقت "إشكالي" ظل موضع انتقاد الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني والنقابات وشخصيات سياسية مستقلة. تعكس الحملات الانتخابية وبيانات المرشحين صورة المجلس المقبل، الذي تعتقد الأوساط السياسية بأنه سيغرق في "الخدماتية والمحسوبية" بعيداً عن الدور الرقابي المنوط به بموجب الدستور.

المحسوبية أخذت بالتوطن منذ سنوات، إذ يشتكي غالبية الوزراء من أنهم يقّضون جل وقتهم في تسيير شؤون الساعين للخدمات الخاصة على حساب الشأن العام.

تغيب عن شعارات الكثير من المرشحين برامج واضحة عن قضايا أساسيّة مثل مكافحة الفقر والبطالة وطرق معالجتها، فيما انهمك مرشحون في الحديث بالعموميات حيناً وقضايا خدماتية أحياناً أخرى.

وزير التنمية السياسية محمد العوران، القادم من المؤسسة الحزبية، يرى أن حظر التنظيمات السياسية بين عامي 7591 و9891 أحدث فجوة في انتشارها لا سيما وأن غالبية الأردنيين الآن من فئة الشباب الذين لم يعاينوا تجارب حزبية. وهكذا يتغلب البعد العشائري على المد الحزبي، حسبما يضيف العوران الذي ينبه أيضا إلى بداية تفتت العشائرية مع خروج أكثر من مرشح في العائلة الواحدة.

يستشهد العوران بثقل صوت العشيرة لدرجة أن بعض مرشحي العمل الإسلامي اختيروا بسبب امتداداتهم العشائرية. وتجازف الأحزاب، اليسارية والقومية خصوصاً، بالبقاء على الهامش إن رشحّت أحد أعضائها البارزين، إذ إن أفراد عشيرته يلوحون بالإحجام عن انتخابه، حسبما يؤكد العوران وأوساط حزبية.

يرى وزير التنمية السياسية أن مفتاح إدخال الأحزاب إلى الحياة السياسية يكمن في تعديل القوانين وصولاً إلى اعتماد نظام الاقتراع النسبي.

خاض العوران الانتخابات عدة مرات، تارة على كرت العشائرية في مسقط رأسه الطفيلة وتارة في عمان على صهوة حزب الأرض اليساري. إلا أن الأحزاب فشلت في إيصال مؤيديها إلى مجلس النواب لأسباب مختلفة من بينها انتقال عملها تحت الأرض لحين رفع الأحكام العرفية عام 9891 وسن أول قانون أحزاب بعد ذلك بثلاث سنوات.

يتوقع مسؤولون في وزارتي الداخلية والتنمية السياسية أن تنجح ثلاث نساء، على الأقل، في حصد مقاعد في مجلس النواب إلى جانب المقاعد الست المخصصة للنساء بموجب التعديل الذي طرأ على قانون الانتخاب عام 3991.

وترى مؤسسات مجتمع مدني أن رافعة نجاح المرأة تكمن في تغيير النهج في مجتمع ذكوري. إذ إن أكثر من نصف عدد المقترعين في الانتخابات التشريعية الماضية كانوا من النساء.

تشتكي نساء من أن أزواجهن يلوحّون بتطليقهن إن لم يمتثلوا لقرار رب الأسرة باختيار أحد أقربائه أو معارفه.

في الانتخابات البلدية الأخيرة أواخر/تموز يوليو الماضي، نجحت مرشحة في دائرة المفرق (فردوس الخالدي) بفعل الكوتا النسائية رغم أنها لم تحصل على اي صوت.

يرى حزبيون ومؤسسات غير حكومية بأن مخرجات الانتخابات البلدية ستلقي بظلالها على احتمالات إقبال الأردنيين على الاقتراع في التشريعية.

كانت جبهة العمل الإسلامي انسحبت بعد ساعات من افتتاح صناديق الاقتراع بعد أن اتهمت الحكومة بالغش.

تشكك أحزاب ومؤسسات مجتمع مدني في نوايا الحكومة حيال الانتخابات المقبلة. مؤسسات المجتمع المدني، الذي لم يسمح لها بمراقبة العملية الانتخابية بل بالإطلاع على سيرها فقط، أعلنت رفضها لآلية الاقتراع التي اقترحتها الحكومة. كذلك تتساءل أحزاب معارضة ووسطية حول سجلات الناخبين التي حرم منها المرشحون والطريقة التي سيتم من خلالها التأكد من نزاهة العملية الانتخابية.

تجيب الحكومة على لسان رئيس الوزراء والناطق باسمها ناصر جودة بأن نظام الربط الإلكتروني بين صناديق الاقتراع سيضمن عدم تكرار التصويت. كذلك تؤكد أن سجلات الناخبين عرضت أمام الجميع.

على أن الأحزاب تشكك في نجاعة الربط الالكتروني متخوفة من إمكانية اختراقها، وتضع علامات استفهام حول عمليات نقل مئات آلاف الناخبين المحتملين بين سجلات الدوائر الانتخابية.

يطغى "المال الانتخابي" على الكثير من الحملات. وبات الحديث عن بيع الصوت الذي يتردد في الصالونات السياسية والحزبية والحكومية أيضاً. رئيس الوزراء معروف البخيت الذي وجّه الحكومة لمعاقبة المتجاوزين تحدث علناً لأول مرّة عن تداول أسعار في بورصة الأصوات من 05 إلى 051 ديناراً.

لكن رغم تفعيل القانون، الذي ينص على معاقبة مقدم وطالب عطايا مالية أو هبات بين ثلاثة أشهر وسنة و/أو غرامة من 05 إلى 005 دينار، إلا أن الحكومة تبدو غير قادرة على ضبط هذه السوق غير القانونية أو وضع ضوابط لعمليات شراء الذمم.

رغم قتامة الصورة الكلية، تسعى الحكومة لرفع نسبة الإقبال من خلال سلسلة أنشطة وندوات على حث غالبية الناخبين المسجلين 2 - 5 مليون شخص، أي تقريباً نصف عدد السكان.

وتعكس الحملات الانتخابية وبيانات المرشحين صورة المجلس المقبل، الذي تعتقد الأوساط السياسية بأنه سيغرق في "الخدماتية والمحسوبية" بعيدا عن الدور الرقابي المناط به بموجب الدستور.

المحسوبية أخذت بالتوطن منذ سنوات، إذ يشتكي غالبية الوزراء من انهم يقضون جل وقتهم في تسيير شؤون الساعين للخدمات الخاصة على حساب الشأن العام.

وتغيب عن شعارات الكثير من المرشحين برامج واضحة حول قضايا أساسيّة مثل مكافحة الفقر والبطالة وطرق معالجتها، فيما انجرف مرشحون نحو الحديث في العموميات حينا وقضايا خدماتية أحيانا أخرى.

ويرى حزبيون ومؤسسات غير حكومية بأن مخرجات الانتخابات البلدية ستلقي بظلالها على احتمالات إقبال الأردنيين على الاقتراع في التشريعية.

الملف: الانتخابات النيابية
 
08-Nov-2007
 
العدد 1