العدد 19 - رزنامه
 

السجل – خاص

يقدم الفنان طالب دويك لوحات معرضه "انتظار" المقام على جاليري دار المشرق بعمّان، مؤكداً حميمية علاقة الإنسان/صاحب القضية، بالمكان/الوطن، وجسّ مواضع ألمه وتضحيته تشبثاً فيه أو دفاعاً أو بحثاً عنه.

يصور دويك في لوحاته أجساداً يلفها سديمٌ لطبيعةٍ داكنة اللون، ويتغلغل فيها صمتٌ مكرب منقولٌ بحساسية عبر اللون الأصفر/الكركم ولون التراب والنار.. وتبدو هذه الأجساد، التي تتخلل تفاصيلَها أشكالٌ هندسية، من دون ملامح، أسيرةً، مكفهرّة، تنتظر وتنتظر وتنتظر؛ فيما واقعها يتقاذفها من متاهة إلى أخرى، وكأن لا أمل في طريق الشقاء الطويلة.

وفي لوحاته التي تصوّر متواليةً من وجوهٍ شاخصة الأعين، يتلمس دويك التصويرَ طريقاً ونهجاً، واضعاً المتلقي أمام تساؤلات مرعبة عن تلك العيون المتحجرة لضحايا العنف والتقلبات الكابوسية التي لا نهاية لها، تلك التي تجتاح حياة الفلسطيني النازح واللاجئ والباقي فوق ترابه على السواء.

وما يفاجئ المُشاهد هو خلفيات اللوحات بألوانها الوردية والبنفسجية والحمراء الزاهية التي تغمر حقول فلسطين/الوطن الحلم، وكرومها، وكأن الفنان يريد بذلك أن يؤكد حضور المكان الفلسطيني بكل ما فيه من مباهج وإقبال على الجمال والحياة، ويذكّر باستحالة تشويهه أو تغييبه مهما حاول الغاصب ذلك.

ويرسم دويك، مستخدماً تقنيات مختلفة على خلفيات من القماش أو الورق، المرأةَ الفلسطينية المتفردة في مقاومتها وصبرها وفدائها، وكأنما هي صورة لآلهة الخصب والعطاء، وهي صورة تبدو من خلال الألوان الحارّة، خصوصاً الأحمر والبرتقالي، فيها بعض ألم وكثير من الأمل، إذ تواصل هذه المرأة التضحية بأبنائها قرباناً لتحرير الأرض من مغتصبيها، دون تردد.

ويكشف دويك المولود في القدس سنة 1952 والمحاضر في جامعة القدس، وفي كلية الفنون الجميلة، وعضو لجنة المناهج للفنون والحرف الفلسطينية، عن تعلقه وتعالقه مع التراث الفلسطيني الضارب في العمق، وخصوصاً مدينة "القدس" التي تصدرت عناوين العديد من لوحات المعرض، ومنها: "القدس في الليل"، "القدس في اللون الأصفر"، "القدس في العين"، "القدس في الليل"، و"القدس عربية" التي تستلهم أجواءها من المخطوطات الإسلامية القديمة، وتصور حارات القدس وأزقتها بألوان مشعة مثل الأخضر والأزرق المحددَين باللون الذهبي، وقد تكررت في اللوحة عبارة "القدس عربية".

“انتظار” طالب دويك.. حميمية علاقة الإنسان بالمكان
 
27-Mar-2008
 
العدد 19