العدد 3 - اعلامي
 

تشهد المملكة منذ العام 2003 وحتى الآن زحاماً إعلامياً تمثل في ظهور عدد كبير من الإذاعات المحلية التي ملأت الفضاء، وساهمت في خلق حالة من المنافسة المحمومة، لاجتذاب فئات من الجمهور الأردني.

وباتت الإذاعات المحلية تحتل الهواء، وتبث على جميع الترددات، وتستقطب قطاعات الشبان، وربّات البيوت، وسكان المحافظات، مستفيدة بذلك من عدم وجود منافسة تلفزيونية حقيقية باستثناء التلفزيون الرسمي.

وبدأت الإذاعات الخاصة بالظهور في أعقاب إقرار القانون المؤقت رقم “71” لسنة 2002 الخاص بالإعلام المرئي والمسموع الذي أجاز إنشاء محطات إذاعية خاصة، ما أدى الى تبلور أفكار اختمرت في عقـول كثيرين، فانطلقت مجموعة من الإذاعـــات الخاصة تباعاً.وارتفع عدد الإذاعات الخاصة الأردنية ليصل الى ثلاثين إذاعة، لعدد سكان ناهز الخمسة ملايين ونصف مقابل 13 إذاعة خاصة في سوريا التي يبلغ عدد سكانها 17 مليوناً، وسبعة في العراق رغم أن عدد سكانه يناهز 27 مليون نسمة.

يرى مدير مركز حماية وحرية الصحفيين نضال منصور أن الإذاعات الخاصة نجحت في إعادة الاعتبار بعض الشيء لحاسة السمع التي فقدت بريقها وحضورها منذ زمن طويل لدى الأجيال الجديدة من المستمعين موضحاً أن حجم المستمعين للإذاعات ارتفع بشكل ملموس، ووضعها على خريطة اهتمام المواطن الأردني .

وتتنوع الإذاعات سواء من ناحيه البرامج التي تقدمها أو من خلال استقطابها لأسماء إعلامية بارزة تساهم في الترويج لهذه الإذاعة أو تلك؛ بهدف زيادة نسبة المتابعة وتوسيع شريحة المستمعين والمهتمين بهذه الإذاعات.

وتختلف وتتنوع مصادر التمويل اللازمة لإنشاء وبقاء الإذاعات، في ظل إحجام معلنين عن فكرة الإعلان عبر الإذاعات التي تخاطب حاسة واحدة هي “حاسة السمع” بينما يميل رأس المال أكثر الى الإعلان التلفزيوني لتحقيق أكبر فائدة ممكنة.

ولا ينطبـق هذا التوصيـف على جميع الإذاعـــات حيث إن هنـــاك إذاعـــات شبه رسميـــة تعتمد في تمويـــلها على الجهـــات المشرفة عليهـــا او النـــاطقــة باسمهــا أساساً مثل إذاعة أمن “ف.م “ المنبثقة عن مديرية الأمن العام والتي تعتمد في تمويلها على هذه الجهة، وإذاعة القرآن الكريم التابعة لوزارة الأوقاف، وإذاعة الير موك “ف.م” التي تبث من جامعة اليرموك، وإذاعة صوت معان التي تبث من جامعة الحسين بن طلال.

وأظهرت الأرقام الصادرة عن « ابسوس-جوردن» للأبحاث زيادة بنسبة 29 % في حجم الإنفاق الإعلامي في المملكة خلال التسعة شهور الماضية، اذ بلغ 204 ملايين دولار، مقارنة بحجم الإنفاق في الفترة ذاتها من العام الماضي الذي لم يتجاوز 158 مليون دولار

وتحظى عمّان بنصيب الأسد في التغطية الإذاعية حيث حصرت ثماني إذاعات مناطق ومجال تغطيتها في العاصمة عمّان، وتوزعت تغطية بقية المحطات على المدن الكبرى والمناطق الرئيسية في المملكة نظراً للكثافة السكانية.

وفيما سجلت إذاعة فن FM نفسها كأول محطة إذاعية خاصة في الأردن حيث تم تدشينها في الخامس والعشرين من أيّار من عام 2003، نقلت قنوات تلفزيونية تجربتها الى الأثير مثل: قناتي (ميلودي وروتانا) لتحقيق مزيد من الانتشار والسيطرة الإعلامية. ودخلت الجامعات حيز المنافسة من خلال إذاعتي اليرموك التي تبث من جامعة اليرموك، وصوت معان التي خرجت من رحاب جامعة الحسين بن طلال.

وقال مدير عام إذاعة مزاج إن هناك حاجة في السوق والمجتمع لترفيه هادف ومنتقى، إذ إن كثيراً من المستمعين يتابعون الأغاني، لكن هناك أنماطاً منها مزعجة ومسيئة، و”مزاج FM” تراعي وتحرص على الترفيه المحترم وتضع في مقدمة أولوياتها الحرص على ذوق المجتمع.

ووصف انتشار الإذاعات الخاصة “بـالصحي وإلايجابي”، موضحاً أن الوقت والسوق كفيلان بغربلة المحطات التي تتميّز وتقدم ما يستحق المتابعة والاستماع، وأنه من السهل عليك أن تفتح إذاعة لكن من الصعب أن تستمر، وهذا يعتمد على عامل التميّز وتقديم الأفضل، والمهم ليس العدد إنما ما يقدم للناس.

وقال مدير إذاعة “عمان نت” أيمن البردويل، إن الإذاعات المجتمعية لا تعتمد في مصادر تمويلها على الإعلانات، وهي لا تستطيع منافسة الإذاعات الأساسية لجذب المعلنين، لكنها تعتمد على الدعايات من منطلق المسؤولية الاجتماعية، وهناك كثير من الشركات تعي وتدرك مسؤوليتها الاجتماعية، ولذلك تخصص جزءاً من ميزانياتها لدعم مبادرات كهذه، ما يشكل جزءاً من المصادر التي تموّل مشاريع لها علاقة بالتوعية. وهناك إعلانات نبثها ونسبتها ضئيلة.

وتابع نحاول في إذاعتنا المساهمة في التوعية، دون أن نثقل على المستمع بالإعلانات، مؤيداً في الوقت ذاته ظاهرة الإذاعات المجتمعية التي بدأت تظهر مؤخراً، مشيراً الى وجود مجموعة من تلك الإذاعات قيد الإنشاء.

وترى مديرة إذاعة (صوت المدينة)، فردوس المصري، أن الإعلام المسموع من أخطر أنواع الإعلام، لأنه يعتمد على حاسة السمع. ولهذه الأسباب وفور حدوث توترات أو انقلابات في بعض المناطق تجري المحاولة للسيطرة على الإذاعات، واحتلال الهواء ووضع اليد عليه، وتشير الى أهمية وجود أعلانات تنافسية على مستوى المملكة تهدف الى رفع سقف الحرية

ورحب مدير مركز حماية وحرية الصحفيين نضال منصور بولادة أي منبر إعلامي جديد: المقروء أو المسموع أو المرئي، وذكر بأن الجمهور هو صاحب القرار الأول والأخير في تحديد نوعية الإذاعة التي يرغب في الاستماع اليها.

وأمل أن يساهم ولادة الاذاعات الخاصة في رفع سقف الحريات الاعلامية في المملكة، بما يخدم حرية الاعلام بشكل عام، داعيا القائمين على تلك الإذاعات الى المساهمة في ذلك.

ووجدت إذاعات خاصة من الحملة الانتخابية مجالاً للتنافس فيما بينهما، فألقت إذاعات الضوء على الشعارات الانتخابية لجهة قراءتها وتسليط الضوء عليها، وفتحت اخرى مجالا لمرشحين للنقاس والحوار والسجال.

البث عبر الأثر يعتمد على الإعلانات الإذاعات الخاصة ظاهرة تنافسية أم انطلاقة إعلامية جديدة؟ - سليمان البزور
 
22-Nov-2007
 
العدد 3