العدد 19 - أردني | ||||||||||||||
علاء طوالبة منذ قمة "أنشاص في مصر العام 1946، وحتى قمة الرياض في العام الماضي لم يتغيّب الأردن عن أي قمة عربية، برغم تغير الظروف السياسية العربية والأولويات. ولم يتراجع مستوى المشاركة الدبلوماسية الأردنية منذ أول قمة تشير إليها سجلات الجامعة العربية بوصفها أول قمة رسمية عادية- دشّنت انطلاق مؤسسة القمّة- وهي التي عقدت في القاهرة في 13 كانون الثاني/ يناير 1964. في ذلك الوقت كانت العلاقات بين عمّان والقاهرة مقطوعة. الحسين بن طلال، الذي كان في زيارة للبحرين، استبق القادة العرب بالموافقة على حضور القمّة. وكان أول الحاضرين بعد أن أوفد إلى القاهرة وزير خارجيته أنطون عطا الله لإعادة العلاقات الدبلوماسية، حسبما يستذكر رئيس الوزراء الأسبق أحمد اللوزي. الملك عبد الله الثاني، الذي تسلم أخيراً رقعة الدعوة إلى قمة دمشق من وزير الخارجية السوري وليد المعلم، أعلن دعمه لها، من دون أن يحدد مستوى تمثيل المملكة في القمة. «لا يجوز»، بحسب رئيس الوزراء الأسبق فايز الطراونة، «القول بتضاؤل الدور الأردني المحتكم إلى شبكة من التعقيدات المتداخلة عربياً، ومحلياً، ودولياً». ويقول الطراونة: «لعل الدور السياسي الكبير الذي لعبه الأردن بفضل الراحل الملك الحسين، وفّر للمملكة هامشاً واسعاً من المناورة السياسية. في حين أن الدور الأردني في الوقت الحالي ليس أقل حرصاً على المتابعة وتعزيز العمل العربي المشترك». يضيف الطراونة: «الأردن لم يتغيب عن أي قمة عربية حتى في العام 1970 عقب (حرب) أيلول. وأبدى التزاماً حيال كل القرارات التي اتخذتها القمم، رغم تأثره ببعضها، مثل قرار اعتماد منظمة التحرير ممثلاً وحيداً للشعب الفلسطيني (في الجزائر عام 1973 وتأكيداً في الرباط العام 1974). يستذكر الطراونة كيف حذّر الملك حسين من تبعات ذلك القرار، ويؤكد أن «ارتباط الأردن الوثيق بالقضية الفلسطينية لعب دوراً في الحضور الأردني المكثف». «في العهد الجديد»، الطراونة، الذي انتقل العرش في عهد حكومته إلى الملك عبد الله الثاني بعد وفاة الحسين، في السابع من شباط/فبراير 1999، يقول: «كان حضور الملك عبد الله الثاني في القمة الأولى التي يشارك بها في القاهرة فعالاً بتمسكه بشدة بدورية عقد المؤتمرات العربية، وأن يكون حسب الأحرف الأبجدية، حتى يكون الأردن أول الدول التي تنظمها». رئيس وزراء أسبق، رأى أن كل هذه القمم «بلا داع»، وقال باستهزاء: «كل هالقمم حكي فاضي، بلا قمم بلا وجع راس، الله يعين الأردن عليها.» الأردن شارك في القمة التأسيسية الأولى التي دعا إليها الملك فاروق في قصره بأنشاص العام 1946، بوصف مصر إحدى الدول السبع المؤسسة للجامعة العربية. اهتمام كبير أبداه الأردن بالقمم العربية منذ قمة بيروت 1956 التي شارك فيها الحسين على رأس وفد رسمي تصدر أجندة تلك القمة العدوان الثلاثي على مصر أثناء قمة القاهرة 1957 تلقى الملك الحسين برقية تهنئة من مجلس الجامعة العربية بمناسبة إلغائه المعاهدة البريطانية الأردنية وطرده قائد الجيش الجنرال البريطاني باغوت كلوب. بعد سبع سنوات، جاءت قمة القاهرة 1964 التي لعب فيها الأردن، باعتباره أكبر المتضررين، دوراً بارزاً في القضية التي سيطرت على مقررات القمة، وهي تأمين التنفيذ الفوري للمشروعات العربية لاستغلال مياه نهر الأردن وروافده، وإحباط مشروع إسرائيل بتحويل مياه النهر، وتعزيز الدفاع العربي المشترك. لكن القرار الأبرز الصادر عن تلك القمة كان ولادة منظمة التحرير الفلسطينية واعتمادها ممثلة للشعب الفلسطيني، وهو قرار رحب به الأردن. ثم جاءت قمة الدار البيضاء 1965 والخرطوم 1967 التي علت فيها شعارات «لا صلح، لا تفاوض، لا اعتراف بإسرائيل». وفي عام 1970 عقدت قمة القاهرة على خلفية ما يعرف بـ"أحداث أيلول"، وطالبت بوقف الأعمال العسكرية كافة التي مزقت المملكة، والتزم الأردن بذلك، استجابة للطلب العربي الذي هدد باتخاذ إجراءات ضد من يخل بالاتفاق. عام 1974 عقدت قمة الرباط التي قررت تأكيد الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب الفلسطيني، والتزم الأردن بالقرار. وفي قمة عمـّان الاقتصادية 1980 بذل الأردن جهوداً جبارة في سبيل إنجاح المؤتمر، وتعزيز صمود الأمة العربية والعمل المشترك، بعد سنتين من قمة «الصمود والتصدي» في بغداد عام 1978 التي تركت شرخاً في العالم العربي. بعد عام من قمة عمان، سعى العرب في قمة فاس الأولى 1981 إلى التوفيق بين المملكة الأردنية الهاشمية والجمهورية العربية السورية إثر خلافات بينهما، وصلت الى مستوى التحشيد العسكري على الحدود، وفي قمة فاس الثانية 1982 قدّم الملك الحسين والرئيس الراحل ياسر عرفات، رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، خطة مشتركة لتنفيذ مشروع سلام عربي من أجل تحقيق تسوية سلمية عادلة وشاملة تضمن انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من جميع الأراضي العربية المحتلة وفي مقدمتها القدس الشريف، وتؤمن استعادة الحقوق الوطنية الثابتة للشعب العربي الفلسطيني، وشهدت القمة تقديم الأمير فهد بن عبدالعزيز آنذاك مبادرته التي عرفت فيما بعد «مبادرة فاس». ألقت تداعيات الحرب العراقية الإيرانية بظلالها على قمة عمّان 1987، إذ أولى الزعماء العرب تلك الحرب كل الاهتمام، وجاء دور الأردن باعتباره البلد المضيف فاعلاً في دعم العراق للدفاع عن أرضه ضد إيران. وقد شهدت القمة ارهاصات عودة مصر إلى الجامعة العربية بعد عزلها ومقاطعتها لأكثر من سبع سنوات في ضوء توقيعها اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل، وفشل الرئيس التونسي السابق الحبيب بورقيبة من مغادرة بلاده لحضور قمة عمان بعد أن نفذ زين العابدين بن علي انقلاباً أبيض أدى الى خلعه من الحكم. وأبدى الأردن التزاماً في قمة الدار البيضاء غير العادية عام 1989 حين دعت الجامعة العربية عمان، ودمشق، وبيروت والقاهرة إضافة إلى فلسطين لتكثيف العمل صوب عقد مؤتمر دولي للسلام. ولكن الأردن احتفظ بموقف مخالف لقرارات قمة القاهرة التي عقدت عام 1990 في أعقاب الغزو العراقي للكويت، فلم يصوت الملك الحسين على قرار يستهدف تحشيد الأساطيل الغربية بقيادة أميركية في سبيل حل القضية داخل البيت العربي، بحسب رئيس الوزراء الأسبق فايز الطراونة. اكتسبت القمة الطارئة بالقاهرة التي عقدت عام 1996 تحت شعار «فلسطين طريق السلام» أهمية خاصة، ولا سيما أن الأردن كان قد وقع اتفاقية للصلح مع إسرائيل في «وادي عربة في 26/10/1994» بعد سنة من اتفاقات الحكم الذاتي بين منظمة التحرير وإسرائيل، وربط الأردن حينها التطبيع مع «العدو» ووقف المقاطعة العربية له بمدى التقدم في العملية السلمية. بعد وفاة الملك حسين في العام 1999، وتسلم الملك عبدالله الثاني مقاليد الحكم، استضافت عمـّان الدورة العادية الثالثة عشرة 2001 التي ترأسها الملك عبدالله الثاني. كان الأردن من أشد المتحمسين لتبنى مبادرة السلام العربية التي قدمتها السعودية في قمة بيروت 2002، والهادفة إلى إرساء السلام في الشرق الأوسط. وفي العام التالي شارك الأردن في قمة شرم الشيخ 2003، باعتباره عضواً في لجنة مبادرة السلام العربية. وكثف جهوده بالتنسيق مع اللجنة للتحرك على الساحة الدولية، والإعداد لعرض الأمر على مجلس الأمن حتى يتحمل كامل مسؤولياته تجاه الوضع الخطير في الأراضي الفلسطينية وتداعياته على الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم. وأكد المؤتمر رفضه المطلق لضرب العراق. في 2004 عقدت القمة في تونس بمشاركة أردنية رفيعة المستوى ترأسها الملك عبد الله الثاني. ورفع المؤتمر شعارات التصدي للإرهاب وعدم الخلط بينه وبين الإسلام، وفي العام 2005 أيد الأردن في مؤتمر الجزائر الالتزام بمبادرة السلام العربية بوصفها المشروع العربي لتحقيق السلام العادل والشامل والدائم، ودان المؤتمر استمرار إسرائيل في بناء الجدار التوسعي، وأكد الأهمية الفائقة لفتوى محكمة العدل الدولية الصادرة بهذا الشأن في العام نفسه، ورفض المؤتمر من جهة أخرى القانون المسمى «محاسبة سورية»، واعتبره تجاوزاً لمبادئ القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة. شارك الأردن في مؤتمر القمة العربي العادي الثامن عشر في الخرطوم 2006، الذي أكد فيه العرب مجدداً على مركزية قضية فلسطين، وعلى خيار السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط عبر التمسك بالمبادرة العربية للسلام التي أقرتها قمة بيروت وأعادت إطلاقها في الرياض في ربيع العام الماضي. قمة الرياض أشادت أيضاً بالانتخابات «الديمقراطية النزيهة في فلسطين» واحترام خيارات الشعب الفلسطيني، فضلاً عن «احترام سيادة العراق» وإدانة استهداف الأماكن المقدسة فيه، إلى جانب التضامن مع لبنان وسيادته وحقه في المقاومة، والتضامن التام مع سورية إزاء العقوبات المفروضة عليها. وستكون هذه العناوين الحاضر الغائب على طاولة القادة العرب في قمة دمشق. |
|
|||||||||||||