العدد 18 - أردني | ||||||||||||||
السجل- خاص ما إن انتهى المؤتمر الصحفي الذي عقدته "الشركة الاستراتيجية للأبحاث والدراسات" لإعلان نتائج مسح (آيركس) حول تراتبية الصحف اليومية لدى المواطن وأولويات اهتماماته، حتى شنّت صحيفة الدستور هجوماً كاسحاً على ما خلص إليه الاستطلاع. صحيفة «العرب اليوم» لم تنتظر انتهاء المؤتمر الصحفي الذي عقده صاحب «الاستراتيجية للأبحاث والدراسات» معين خوري ومستشارها طوني صباغ، بل رفضت نتائجه مسبقاً من خلال تقرير استبقت به المؤتمر الصحفي. استطلاع «آيركس» IREX ، الذي جاء ضمن برنامجها الخاص لتدعيم وسائل الإعلام الأردنية، استخلص أن صحيفتي «الرأي» و«الغد» تتصدران الصحف من ناحيتي القراءة والتوزيع. يمول برنامج «آركس الوكالة الأميركية للتنمية الدولية USAID ، التي خصصت خمسة ملايين دولار لحزمة مشاريع مشابهة تستهدف «تطوير الإعلام في الأردن». رأس الحربة في هجوم «الدستور» على الاستطلاع كان مقال لرئيس تحريرها ووزير الإعلام الأسبق والسفير الزميل نبيل الشريف بعنوان «أبو علي يعرف أكثر»، شكك فيه بنتائج الاستطلاع، معتبرا أن صاحب كشك «الثقافة العربية» (أبو علي) يعرف أكثر من (آيركس) عن نسبة توزيع الصحف اليومية. وفي اليوم التالي لإعلان نتائج الاستطلاع نشرت «الدستور» على صدر صفحتها الأولى مقالاً بعنوان مثير: «نتائج تقريرها... حسب رغبة جهة التمويل: شخصيات تطالب بمراقبة أعمال مراكز استطلاع الرأي الممولة أجنبياً». بدا واضحاً تفاوت المقاربة من المسح تبعاً لبوصلة رضى أو غضب المستهدف من المشروع، فـ«العرب اليوم» اكتفت بما استبقت به المؤتمر الصحفي ولم تشر لنتائجه من قريب أو بعيد. الصحف الأخرى اختلفت في طريقة تعاملها مع نتائج الدراسة. لكن كلا منها «أدار النار صوب قرصه». فيومية «الغد» أبرزت على صدر صفحتها الأولى أنها تصدّرت نسبة الاشتراكات المنزلية بين الصحف اليومية، كما حلّت بالمركز الثاني فيما يعرف بـ«عنصر الولاء»، وتوصيل الصحف إلى نقاط التوزيع والمنازل. لكنها كغيرها من الصحف، لم تلتفت، بشكل تحليلي، إلى نتائج الدراسة الرئيسية التي ركزت على وسيلة الإعلام الأكثر انتشارا التي ذهبت إلى الإذاعات الناطقة بالعربية. أما «الرأي» فقد اكتفت بالخبر دون تحليل انتقادي، وأبرزت أن كتابها يحتلون المراكز الثلاثة الأولى، وأنها الأولى توزيعاً في المملكة من بين الصحف اليومية. «الدستور» عادت في اليوم التالي فأفردت إحدى صفحاتها الداخلية مقابلات أجرتها بعنوان: «الشارع الأردني يشكك بمصداقية الأبحاث والدراسات الممولة من الخارج». تضمنت المقابلات آراء لشخصيات لا يتفق بعضها مع ما ذهب إليه العنوان، منها نقيب الصحفيين طارق المومني، وهاني الحوراني، مدير مركز الأردن الجديد للدراسات الذي تلحق به مثل هذه «الهجمة» ضرراً مباشراً بسبب اعتماد مركزه على التمويل الخارجي. المفارقة أنه في الصفحة نفسها، تستشهد الصحيفة بنتائج «الرصد الإعلامي للانتخابات النيابية 2007» الذي نفذه مركز عمّان لدراسات حقوق الإنسان بتمويل أجنبي. ذلك الرصد وضع «الدستور» في المرتبة الأولى بين الصحف اليومية في مجال تغطية الانتخابات. المفارقة الثانية أن هذا الانجاز الذي تستشهد به الزميلة بخصوص حجم التغطية، ساهم فيه مركز الأردن الجديد للدراسات مساهمة رئيسية من خلال أنشطته حول الانتخابات التي كان قسم منها نفذ بتمويل أجنبي. حين سُئل رئيس تحرير الدستور عن هذه المفارقة، أجاب: «هذا لا يتناقض مع رفض الصحيفة للتمويل الأجنبي»، معتبراً أن «دراسة مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان قام بها شبان أردنيون لهم أولويات أردنية. (...) ونتيجة دراسة مركز عمان ذاتها توصل إليها المجلس الأعلى للإعلام، ولا يستطيع أحد أن يشكك بانتماء هذا المجلس وصدقه ومصلحته الوطنية». وتابع «نحن نشكك بالنتائج من حيث أنها تخدم أغراضاً سياسية، ومن حيث الآلية والأهداف الرامية إليها. والترتيب الوارد في الاستطلاع لا يعكس الواقع». الدستور واصلت حملتها ضد التمويل الأجنبي طوال الأسبوع الماضي من خلال استطلاعات رأي وآراء نقابية وإعلامية كان آخرها مقابلة أجرتها يوم الأحد الماضي مع صاحب كشك الثقافة العربية «أبو علي» الذي وصفته بأنه «شيخ الوراقين». أبو علي «فزع» للدستور، ووصفها بأنها «الأولى في التوزيع بين الصحف». حملة «الدستور» لم تتوقف عند التقارير، وإنما تعدتها إلى أقلام كتابها. فجّيشت إدارة الصحيفة عدداً منهم لانتقاد الدراسة والتشكيك فيها، والدعوة لرفض التمويل الأجنبي. باسم سكجها، وباتر وردم، وجورج حداد ونبيل الشريف كتبوا بنبرات متفاوتة ضد النتائج التي خلصت إليها الدراسة وضد التمويل الأجنبي. رئيس تحرير يومية «العرب اليوم» طاهر العدوان يرفض الآلية التي انتهجتها الدراسة ويقول لـ«السجل» إنها أي الدراسة «تعاني من نقص واضح وعدم موضوعية بشكل عام». فمثلا، «يضعون الصحف الأسبوعية مثل (ے) في مصاف صحف أسبوعية إعلانية مثل الوسيط، ويتعاملون معها بالمقاييس نفسها». ومعروف أن الإعلانية منزلية ومجانية تلقى أمام البيوت. ويتابع العدوان أن «الدراسة تقيم الصحف طبقا لقدرتها على الانتشار». لكن في كل العالم. ويستدرك العدوان أن «أهمية الصحف لا تقاس بالانتشار بل بالموضوعية والمهنية والسقف العالي وقدرتها على التأثير على أصحاب القرار. فهناك صحف مشهورة قوية ومؤثرة في العالم مثل الغارديان، و«واشنطن بوست» لكن توزيعها أقل من صحف أخرى أقل تأثيراً». ويواصل طاعناً بالجهة القائمة على الدراسة: «عند الحديث عن التمويل سواء الداخلي أو الخارجي، فإن القصة معروفة. كلما دفعت أكثر لجهات إجراء الاستطلاعات أو الدراسات جاء الاستطلاع مناسباً لمن يدفع (....)». ويقول «كان على (آيركس) أن تبقي دراستها محدودة ولا تنشرها، لأنها بذلك تروج لجهات إعلامية معينة». رئيس تحرير صحيفة الرأي عبد الوهاب زغيلات يمتلك رؤية مخالفة للعدوان والشريف، إذ يرى أن نتائج الاستطلاع تحمّل صحيفته التي «جاءت أولى» مسؤولية كبيرة، تتمثل بضرورة تطوير العمل والأداء والتحرك قدماً للحفاظ على مستوى متقدم». وعن آلية الدراسة يقول زغيلات: «لم تتمتع بدقة متناهية، لكنها تعطي مؤشرات يؤخذ بها. قد تحدد مواطن ضعف معينة يجب العمل على تطويرها». وبينما يقول: «يجب عدم الوقوف موقف المتشنج من الدراسات، فتستطيع أي جهة أن تنفذ دراسة بعد ستة أشهر. وهذا مهم لدراسة السوق، وهو أمر غير متوافر أو متاح»، يضيف زغيلات: «فليسامحني من يقول إن التمويل يؤثر في مجريات الاستطلاع، هذا كلام غير دقيق، ماذا يهم الجهات الخارجية أن تنشر دراسة أن الرأي تأتي أولاً مثلاً. ولكن اللي مش عاجبه بيطلع 100 قصة». دراسة «آيركس» خلصت إلى ما خلصت إليه. إلا أن الهزّات الارتدادية ما تزال متواصلة عبر «الدستور» التي ترى أن الدراسة استهدفتها. |
|
|||||||||||||