العدد 18 - أردني
 

خليل الخطيب

ترعى نجاح إسماعيل، الممرضة في مستشفى الجامعة الأردنية منذ سبعة عشر عاما، عائلة تتكون من ثلاثة أولاد وبنتين ويساعدها زوجها الذي يعمل على نحو متقطع في إدارة شؤون الأسرة.

رحلة نجاح وأسرتها من أجل الحصول على منزل يضمهم ما زالت مستمرة منذ عشر سنوات، فقد نجحوا في الحصول على قطعة أرض مخدومة في إسكان طلال في الرصيفة وقاموا ببناء منزل مكون من ثلاث غرف صغيرة وصالة.

ورغم أن الأقساط المترتبة على ذلك تستهلك أكثر من ثلث دخلها"الأقساط تحتسب بالاتفاق مع البنك الممول للقرض حسب إمكانات المقترض" بحسب المديرة العامة للإسكان والتطوير الحضري سلام مهيار.

رحلة الحصول على منزل بالنسبة لهذه الأسرة تستحق العناء "أفضل الموت على أن يطرق أحدهم بابي مطالبا بأجرة البيت في آخر الشهر" هكذا تعبر نجاح عن امتنانها لما حصلت عليه بفضل كفاحها وأفراد أسرتها.

أدركت أجهزة الدولة المختصة الحاجة إلى وجود سياسات إسكانية منذ بداية ستينات القرن الماضي فكان أن أنشئت مؤسسة الإسكان عام 1966. ثم قامت الحكومة بتأسيس دائرة التطوير الحضري 1980 لتنفيذ مشاريع التطوير الحضري وتوفير الخدمات الاجتماعية لها في عمان ليمتد مجال عملها لاحقا إلى الزرقاء والعقبة وإربد.

وفي العام 1992 أنشئت المؤسسة العامة للإسكان والتطوير الحضري، وذلك انسجاما مع الاستراتيجية الوطنية للإسكان التي أطلقت في العام ذاته بحيث أصبحت المؤسسة الجديدة خلفا قانونيا وواقعيا لمؤسستي الإسكان والتطوير الحضري.

تولت المؤسسة مسؤولياتها في إنشاء المشاريع الإسكانية للفئات ذات الدخل المحدود وتطوير الخدمات الاجتماعية والبنية التحتية في المناطق العشوائية. وقد تمكنت المؤسسة من إنجاز ما يزيد على 42 ألف وحدة سكنية ضمن حوالي 170 مشروعا استفاد منها 400 ألف مواطن حتى الآن بحسب ما ورد على موقع المؤسسة الالكتروني.

المستفيدون راضون

بعض المستفيدين من مشاريع المؤسسة العامة للإسكان والتطوير الحضري يعبرون عن درجة من الارتياح والقبول بالنصيب.

"أعتقد أن اختيارنا كان صحيحا" يقول فاضل رجب الذي اشترى شقة من طابق في إسكان أم نوارة القريب من جبل النصر، مقسطة على ثلاثين عاما بواقع 122 دينارا شهريا، ويؤكد "لو لم نحصل على هذه الشقة لما امتلكنا سكنا خاصا أبدا".

ويضيف جاره محمود أسعد أبو محمد "الأقساط التي ندفعها تقارب أجرة شقة بسيطة، صحيح أننا ندفع لثلاثين سنة، لكن الشقق ستؤول لأولادنا".

ويؤكد مستفيد آخر في إسكان أبو نصير، ربيع الحاج عيد، "طول مدة التقسيط يضاعف ثمن المساكن لكن الناس لا يشعرون" ويتابع معبرا عن رضاه "أفضل من الإيجار".

هاشم عبد النبي الطالب الذي أنهى دراسته في جامعة اليرموك قبل فصل واحد يقول "لا أدري ماذا سيكون وضعنا لولا هذه الشقة" ويضيف موضحا "في مجتمعنا إذا لم تملك بيتا لا يحترمك الآخرون".

مشكلتان مشتركتان

بعض سكان مشاريع المؤسسة العامة للإسكان والتطوير الحضري يشكون من مشكلتين، ضيق مساحة المساكن، البناء العشوائي.

جمال شاهين، من إسكان طلال القريب من الرصيفة الذي يعتبر حديثا نسبيا يقول:"ضاق بنا البيت ونفكر ببناء غرفة إضافية فوق السطح لكن المال غير موجود".

ويشير بيديه إلى بعض المنازل المجاورة متابعا "كثير من الجيران قاموا بذلك".

يجادله صاحب البقالة المجاورة أبو طارق معتبرا أن المشكلة "سوء تخطيط من السكان،" ويستطرد موضحا "أنت تختار المساحة عند الشراء فلماذا تنجب ستة أولاد إذا اخترت مساحة تكفي لأربعة؟"

ويضحك أبو طارق موجها كلامه للـ "ے" يا رجل قبل خمس سنوات كنا نتمنى أن نرى زبونا، اليوم لا نستطيع الجلوس من كثرتهم" ويتابع متندرا" بعض الناس صار يزوج بنته في عمر 16 حتى يوسع على أولاده". من جهتها تؤيد مديرة المؤسسة العامة للإسكان والتطوير الحضري ما ذهب إليه أبو طارق إذ تؤكد أن" المواطن هو الذي يختار المساحة بناء على إمكانياته المالية" وتضيف مهيار"في مشاريعنا الحديثة نسبيا مساحات الشقق تتراوح بين 70إلى 120 م ". ومن جهة أخرى تشرح"مساحات الأراضي المخدومة تتراوح بين 200 و600م فبإمكان المستفيد أن يختار المساحة التي تناسب ظروفه"

يعود شاهين إلى الحديث عن فكرة توسيع بيته فيلفت إلى أنه "حتى لو توفر المال، إذا بنيت كل يوم سوف يخالفونك، بحجة عدم الترخيص".

وترد مهيار موضحة "أي بناء سيضاف على المسكن المرخص يجب أن يخضع لأحكام التنظيم وإلا اعتبر عملا عشوائيا تخالف عليه البلدية أو الأمانة".

أما عن الخدمات والمرافق العامة التي توفرها المؤسسة لكل مشروع من مشاريعها فتوضح مهيار أنه "بالإضافة إلى البنية التحتية من ماء وكهرباء وطرق"فإن المؤسسة توفر"قطعتي أرض لمدرستين وحدائق وقطع أراض تجارية للأسواق" أما عن تنفيذ هذه المشروعات فتؤكد"دورنا ينحصر في توفير الأراضي لهذه الأغراض والتنفيذ منوط بالجهات المختصة كالأمانة والقطاع الخاص"

قضية ساخنة

قضية أخرى يثيرها السكان يعتبرها بعضهم مشكلة، فيما يراها آخرون ميزة لإسكانات ذوي الدخل المحدود.

البيوت في هذه الإسكانات منظمة بحيث تكون الارتدادات من حولها مختزلة للاستفادة من أكبر مساحة ممكنة للبناء، لذا فإنها تتقارب إلى درجة التداخل. وتبرز هذه المسألة بوضوح في إسكانات أبو نصير والمنارة وأم نوارة وعالية أكثر من غيرها.

ربيع الحاج من سكان أبو نصير: "الخصوصية شبه معدومة فالبيوت قريبة جدا من بعضها البعض". ويستدرك موضحا لكن هذا الأمر "ليس سيئا دائما" ويشرح الحاج "معظم السكان من الموظفين المتعلمين المتقاربين في وضعهم المالي لذلك تجد أننا نعرف بعضنا ونعيش في تفاهم".ويتابع "الناس في بعض مناطق عمان لا يعرفون بعضهم أما هنا فعلاقات الناس فيها تقارب أكثر"

لكن يبدو أن هذه القضية في إسكان أم نوارة تأخذ بعدا مختلفا عن أبو نصير، إذ يؤكد فاضل رجب "المسألة تعتمد على الحظ فإذا كان جارك سيئا تحولت حياتك إلى جحيم".

ويعلق جاره أبو محمد مؤيدا " أعرف عددا من الأشخاص رحلوا بسبب المشاكل مع الجيران".

**

مساحة خاصة مفقودة

لقاطني إسكانات ذوي الدخل المحدود مشاكلهم الخاصة الناجمة عن شبه التصاق المنازل ببعضها، أو لعيوب في بنائها:

أحد قاطني إسكان المنارة الراحلين منها يقول: «بعت منزلـــي ورحلت لأنني كنـــت أقع في المشاكــــل مع زوجتي بسبب جارة لنا كـــانت تصر على نشر غسيلها وهي في قميص النوم».

أحد سكان أبو نصير الأوائل يضيف:«عندما تسلم الناس مساكنهم في البداية اكتشف بعضهم حالات غش مضحكة؛ فأحد السكان اختلف مع زوجته وحاول أن يصفعها من شدة الغضب، فاصطدمت يده بالحائط وخرجت من الجهة الثانية. في حينه، خصّص الإعلامي الراحل محمد أمين حلقة من برنامجه «ريبورتاج الأسبوع» لتلك القضية قبل عقدين.

حالات الغش التي اكتشفت إثر تلك الحادثة عولجت بعد تلك الحلقة من البرنامج.

إسكانات “ذوي الدخل المحدود”حراسة حلم ملايين المواطنين
 
20-Mar-2008
 
العدد 18