العدد 18 - أردني | ||||||||||||||
علاء طوالبة تنتظر خمس مدن عتيقة بعث الروح في "قصباتها" من خلال حلول هندسية تزاوج ما بين الحداثة والحفاظ على الموروث المعماري لحاراتها وبيوتها القديمة. الخطة لإحياء قصبات المدن الخمس: مادبا، السلط، جرش، عجلون، والكرك، تأتي في إطار "مشروع سياحة الثالث"، الممول من البنك الدولي والحكومة، والذي يهدف إلى تنمية هذه المدن سياحيا وتسويقها وتطوير بناها التحتية. وقد أخذ مشروع التطوير هذا اسمه من كونه الثالث في سلسلة من مشاريع التطوير السياحية التي نفذت بتمويل من البنك الدولي؛ ففي السبعينيات من القرن الماضي، نفذ مشروع السياحة الأول الذي شمل مناطق عدة في المملكة، وفي التسعينيات نفذت وزارة السياحة مشروع السياحة الثاني الذي شمل البتراء و الكرك، و جزءا من الشوبك. وقد خصصت للمشروع كلفة إجمالية بلغت نحو 70 مليون دولار، أسهم البنك الدولي فيها بما قيمته 56 مليون دولار، والباقي مساهمة من خزينة الدولة لتصبح المدن مناطق ذات جذب وتنويع سياحي، حسبما أعلن أثناء إطلاق إحياء قصبة عام 2005. يستغرق تنفيذ المشروع ست سنوات تنتهي في 2011، ويتضمن إنشاء مرافق سياحية حضرية، وإعادة تأهيل لبعض المباني التراثية لتوظيفها لأغراض سياحية، وتوفير المجال للمستثمرين لتطوير مرافق جديدة لخدمة الحركة السياحية، وتشجيع إقامة شراكات في المجتمعات المحلية، وبناء القدرة الفنية للبلديات ذات العلاقة، بحيث تصبح لديها وحدات خاصة ذات قدرات فنية لإدارة ما يتم إنجازه من مرافق.
السلط
السلط هي المدينة الوحيدة التي انتهى العمل في المرحلة الأولى فيها، وقد تكشف الأمر عن أضرار كبيرة لحقت بالتجار في الثلاثة أعوام الماضية خلال التنفيذ، فقد عملت البلدية على ترحيل بعض التجار، كما اشترطت تغيير المهن الموجودة في الأماكن المراد العمل فيها. لكن رئيس البلدية سلامة الحياري يؤكد أن «الترحيل لم يتم إلا لمن يجاورون مسجد السلط الكبير وفقا لاتفاقيات بينهم وبين وزارة الأوقاف تتضمن تعويضهم ماليا». مع انتهاء العمل في المرحلة الأولى الممولة تحديدا من الحكومة اليابانية، ينتظر، بحسب الحياري، أن «يبدأ مشروع سياحة الثالث خلال الفترة المقبلة، وهذا يتطلب أيضا ترحيل موجة جديدة من التجار لعدم تناسب مهنهم مع طبيعة المنطقة السياحية». ويبين الحياري أن المشروع الذي بدأ عام 2005 ليس محددا بجدول زمني، بل إن المقياس هو ضخ الأموال لإتمامه. وبحسب مصدر في بلدية السلط، فإن وسط المدينة «يعاني من ازدحام المباني واكتظاظها، إضافة إلى ضيق الشوارع وشدة انحدارها وافتقارها إلى الساحات العامة ومواقف المركبات، فضلا عن عشوائية المباني التي أقيمت خلال العقود الثلاثة الماضية، ما أساء للنمط المعماري التراثي الذي تميزت به السلط». معالجة المشاكل الناجمة عن وجود الأبنية الحكومية في وسط المدينة، بحسب المصدر ذاته « لا يتم إلا بإزالتها وتأهيل المنطقة التي تشغلها، مع إمكان إنشاء مواقف للمركبات تحت مستوى الأرض وبما يؤدي إلى إبراز الأبنية التراثية القائمة خلف المباني الحديثة». ووفقا لدراسة أجرتها بلدية السلط حول تطوير وسط المدينة، فانه يصعب تطوير بعض المناطق في وسط المدينة دون حل مشكلات الاكتظاظ السكاني والازدحام العمراني والمروري والخدمي. إضافة إلى توفير ساحات عامة وحدائق، وترميم وتأهيل كل المباني التراثية، واستغلال الممكن منها لاستعمال المؤسسات الاجتماعية والثقافية والجمعيات والنوادي والهيئات التطوعية والحرفية التراثية. وتتضمن الدراسة إقامة عدد من المشاريع السياحية والخدمية في المدينة كإنشاء «بانوراما المغاريب» وقرية سياحية في زي وإنشاء مسلخ للحوم والدواجن، وسوق خضار مركزي وسوق شعبي ومجمع للسفريات الخارجية. ** الكرك نقلة نوعية ستشهدها الكرك القديمة بتنفيذ "المشروع السياحي الثالث". وحتى يرى المشروع النور، لا بد من وضع خطة مرورية جديدة للمدينة، وإيجاد مواقف للحافلات العمومية خارج المدينة القديمة والحفاظ على موروثها التاريخي والحضاري، وتأهيل بركة ميشع وإحياء المدخل الشرقي للمدينة وتسليط الضوء على قلعة الكرك التاريخية من خلال إحياء القاعات الأثرية وفتحها أمام السياحة الداخلية، والاستثمار فيها بما يتطابق والخصائص التاريخية للقلعة، وربط السوق التجاري مع النسيج العمراني للمدينة ومراعاة تأهيل الساحات والأبنية القديمة. يقول وزير السياحة والآثار السابق أسامه الدباس إن "مشروع سياحة الثالث" سيعمل على أن تصبح المناطق المستهدفة ذات جذب سياحي يعود بالمنفعة الاقتصادية على المواطنين إضافة إلى تنويع المنتج السياحي الأردني.
** عجلون
تقدر دراسات مشروع قصبة عجلون الكلفة الإجمالية لتنفيذه بنحو 4 ملايين و 900 ألف دينار. وتشمل تنفيذ تصاميم المشروع وتطوير جزء من شبكة الطرق الرئيسية وسط المدينة بكلفة 400 ألف دينار، ومبلغ 4 ملايين دينار لتنفيذ المشروع، وإنهاء مخطط استعمالات الأراضي، وتحديد مواقع الاستثمار، وخطة حماية البيئة الطبيعية، وإعادة تشجير بعض المناطق بكلفة 500 ألف دينار. وقد جاء مشروع تطوير وسط المدينة للمساهمة في التنمية السياحية بواسطة تهيئة البنى التحتية اللازمة لها، وسيشمل المشروع تطوير المواقع السياحية والأثرية القائمة بما يتلاءم مع طبيعة المحافظة. ويعتقد المواطن محمود أبو ليمون أن «تنفيذ المشروع حسبما هو معلن سيسهم في حماية البيئة الطبيعية وإعادة تشجير بعض المناطق وتحديد استعمالات الأراضي في المناطق المشمولة بالمشروع، وسيعمل أيضا على الحد من حالة الفوضى العمرانية والتنظيمية والبيئية وإعادة تأهيل بعض المواقع، وخاصة مجمع السفريات وسوق الخضار ومحيط مسجد عجلون الكبير وإزالة محلات الحرف اليدوية ومحلات النجارة والميكانيك التي تشوه مداخل المحافظة من الجهتين الجنوبية والشمالية». وفقا لتصريحات نائب الأمين العام لوزارة السياحة والآثار إيهاب عمارين «سيكون العمل في المشروع على محورين، أولهما: خطة تنفيذية متكاملة لتحديد مناطق يجب حمايتها من ناحية بيئية، إضافة إلى تحديد مناطق مناسبة للتطوير وإعادة تأهيل المناطق التي يمكن الاستثمار فيها سياحيا». أما المحور الثاني «فيتعلق بتحسين البنية التحتية الحضرية في عجلون بدءا من مدخل عنجرة مرورا بوسط عجلون ثم دوار عجلون وانتهاء بقلعة الربض. وكشف تقرير رسمي صدر عن وحدة التنمية بمحافظة عجلون أخيرا عن وجود 250 موقعا أثريا في المحافظة، إذا ما تم تأهيلها بالشكل الصحيح، فإنها ستحدث نقلة كبيرة بالحركة السياحية واستقطاب الاستثمارات. ** مأدبا
في مدينة مادبا، بدأ المشروع بتسلم وزارة السياحة والآثار مبنى مركز أمن المدينة <>السرايا>> الذي يعود بناؤه إلى العام 1922 أثناء فترة الانتداب البريطاني، وهو مقام على شكل مربع من الحجارة المنحوتة، بناء على اتفاقية بين الوزارة ومديرية الأمن العام. يستلزم استكمال متطلبات إنفاذ المشروع، إعادة النظر في حركة السير داخل مدينة مادبا، وخدمات الصرف الصحي، واللوحات الإعلانية، وإعادة صياغة الأطاريف بشكل جديد، وتحسين مداخل المدينة ومخارجها، وغير ذلك من إجراءات، بحسب مدير سياحة مادبا حسين الشوابكة، «وهذا سيسهم في تنمية المجتمع المحلي على صعيد جلب الاستثمارات وتخفيف الآثار السلبية للبنية التحتية الحالية كأزمات السير وغيرها،» كما يقول. وقد وضعت مديرية سياحة مادبا بالتعاون مع بلديتها وقسم السير فيها خطة مستقبلية للسير تتلافى المشاكل التي يواجهها المواطن وشرطة السير في آن. تبلغ التكلفة الإجمالية للمشروع 6 ملايين ونصف المليون دينار، وسيبدأ العمل في المشروع في أواخر الشهر الجاري، بحسب رئيس البلدية عارف أبو راجوح الذي أكد تخصيص مبلغ 270 ألف دينار للخطوة الأولى. لكن «آثارا جانبية» سيتركها تنفيذ المشروع، وستكون بانتظار تجار متضررين، حسبما يقول مالك «الحمام التركي» معتز الصوابحة: «ستواجهنا عند البدء بالتنفيذ مشاكل عدة، إذ إن الشوارع المارة أمام محلاتنا ستغلق، وخصوصا مع بدء الحفريات التي ستتضرر منها المحلات، وتمنع إقبال الزبائن عليها، ما يزيد من الأعباء المالية المترتبة علينا، خصوصا وأن مشاريعنا ارتكزت على الاقتراض، لذا، ندعو منفذي المشروع إلى البحث عن بدائل لتخفيف الضرر على أصحاب المهن والحرف المتناثرة على ضفاف الشوارع». اللافت، أن أعمالا تقوم بها مؤسسات تنفيذية للمشروع تشير إلى خلل واضح في توقيت تنفيذ بعض الخطوات، فهنالك خطوات استبقت الحفريات مثل عمليات تجميل واجهات بعض المحلات بالدهان والرش، وتحسين مداخل المحلات، والأصل في هذه الخطوة أن تأتي تباعا بعد الحفريات.
** حتى الآن، لم يبدأ تنفيذ مشروع سياحة الثالث في جرش، بالرغم من التصريحات لمتوالية لمسؤولي وزارة السياحة والآثار حول موعده. لكن عطاء التنفيذ أحيل إلى شركة محلية للبدء فيه في مطلع نيسان المقبل، بحسب مدير منطقة جرش المهندس مظهر حازوق الذي قدر تكاليف المشروع بنحو 7 ملايين ونصف المليون دولار. ويشرح حازوق: «يستلزم تنفيذ إعادة هيكلة البنى التحتية في المدينة، كالكهرباء، الصرف الصحي والأرصفة وغيرها»، معتبرا أن المشروع «سيسهم في تحسين صناعة السياحة في حال استغلال المشروع جيدا». وعن الآثار الجانبية للمشروع، يؤكد: «لا إغلاق للمحلات التجارية عند التنفيذ، بل هنالك إغلاق للشوارع مرحليا»، معترفا بأن «لكل مشروع ضريبة وبأن الإغلاق سيضر بالتجار، ولكن لدى النظر إلى المشروع برؤية بعيدة المدى فإنهم سيكونون أكبر المستفيدين منه لجهة تنشيط السياحة في المدينة». |
|
|||||||||||||