العدد 18 - أردني | ||||||||||||||
سليمان البزور في قاع المدينة، المنطقة الوحيدة التي ما زالت تحتفظ بشيء من عبق عمان الغائب في زحمة الأبراج والكتل الإسمنتية، يلفت انتباهك رواق في شارع الملك فيصل يحمل اسم "ديوان الدوق". وهو بطابعه التراثي، يبدو وكأنه قد آل على نفسه أن يبقى محافظاً على هوية عمان وروحها، فبات قبلة لزوار المدينة القادمين من كل أقطار العالم. يرجع تاريخ البناء، الذي يشغل الطابق الثاني منه "ديوان الدوق"، إلى العام 1924 حين بناه عبد الرحمن باشا ماضي. وقد استأجرته منه دائرة البريد المركزي لحكومة إمارة شرق الأردن حتى نهاية الأربعينات، تحول بعدها إلى فندق حيفا، وهو الاسم الذي بقي يعرف به حتى العام 2001. في العام المذكور لفت هذا المبنى انتباه ممدوح البشارات المعروف بلقب "دوق المخيبة"، وهو لقب منحه للبشارات الملك الراحل الحسين نظراً لخدماته ومساهماته في خدمة المجتمع الأردني، فاستأجره من عائلة ماضي ليعيد استغلاله بشكل آخر ينسجم مع روح المدينة، واختار له اسم "ديوان الدوق" ليكون متحفاً ومعرضاً وملتقى للمثقفين، وليترجم رؤيته التي يتحدث عنها دائماً: "لا يمكننا الاستمتاع بحداثتنا إذا أهملنا تراثنا وماضينا". يتكون "الديوان" من خمس غرف مختلفة الأحجام مرتفعة السقف، وأرضية مغطاة ببلاط مربع الشكل بلونين أخضر وأسود، وبنوافذ واسعة ومقوسة، مبنية بالحجر المعاني الأبيض المنقوش بعناية، وأعمدة ذات قمم منحوتة بدقة بالغة. للصعود إليه عليك ارتقاء 28 درجة من البلاط الأصفر، تصل بعدها شرفة تطل على شارع الملك فيصل، حيث تنتشر المقاهي العتيقة ومحلات العطارة وتعبق رائحة البخور والعطر المركّب. مدير الديوان صالح بطارسة، موجود هناك على الدوام، مستقبلا السياح القادمين من أنحاء العالم كافة، والذين يحرصون على جعل زيارة الديوان بندا على جدول أعمالهم، لا سيما الفرنسيون "بوصفهم أصحاب ثقافة وحضارة تقدر الفن والإبداع،" كما يقول بطارسة الذي يتولى أمر الإشراف على الديوان والاعتناء به، وتنظيم أوقات المعارض التي تقام فيه. فمنذ افتتاحه، تحول "الديوان" إلى مسرح لفعاليات وأنشطة مختلفة؛ أمسيات شعرية ومعارض فنية يساهم فيها فنانون من مختلف أنحاء العالم، تقام مجانا في المعرض الذي يفتح أبوابه من الصباح للمساء في كل الأيام. وهو ما يفسر وجود عدد من اللوحات المعلقة على جدران الديوان والموسومة بتواقيع فنانين من جنسيات شتى. |
|
|||||||||||||