العدد 18 - اعلامي
 

السجل- خاص

طالبت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحكومات العربية بالتخلي عن تقييد حرية التعبير والمعلومات، وتحديدا ما يتعلق بالمشروع الخاص بتنظيم البث الفضائي الإذاعي والتلفزيوني العربي المثير للجدل الذي تبناه وزراء الإعلام العرب في اجتماع لهم في القاهرة في 12 شباط الماضي.

يقول جو ستورك، المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة "هيومن رايتس ووتش" الأميركية: "تحاول الحكومات العربية في جامعة الدول العربية تقييد إحدى أدوات الإعلام غير الخاضعة للرقابة جزئياً في المنطقة". ويضيف: "على مصر والسعودية أن تخجلا من رعاية مشروع كهذا، كفيل بمد القيد على حرية التعبير إلى موجات الأثير التي تحمل البث الإذاعي والتلفزيوني بالمنطقة».

وتعتبر المنظمة قيود الوثيقة فضفاضة ومن شأنها عرقلة حق شعوب المنطقة في التعبير عن الآراء المنتقدة للحكومات، وكذلك تلقي الأخبار والتعليقات التي تعكس الآراء الناقدة.

وقال جو ستورك: «تستخدم دول عربية كثيرة مصطلحات مثل مصالح الدولة والسيادة الوطنية كعذر لحبس الصحفيين وترهيب المنتقدين (...) وهذه المبادئ المزعومة ليست إلا اعتداء بيّن على حرية التعبير».

ترى "هيومن رايتس ووتش" أن تنفيذ بنود الوثيقة ينتهك القانون الدولي ومعايير حرية التعبير، وبخاصة المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وتحمي المادتان "الحق في حرية التعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية». ولا يمكن تقييد ممارسة هذا الحق بناء على التذرع بـ»الأمن القومي" أو "النظام العام" أو "احترام حقوق وسمعة الآخرين"، حين تكون هذه القيود فضفاضة التعريف على هذا النحو.

يطلب ميثاق وزرائ الإعلام العرب من دول الجامعة العربية في بدايته «ضمان عدم تأثير المحطات الفضائية سلباً على السلم الاجتماعي والوحدة الوطنية والنظام العام والآداب العامة وعدم تناول قادتها أو الرموز الوطنية والدينية بالتجريح". وتوصي الهيئات التنظيمية في الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية "مصادرة المعدات وفرض الغرامات والتوقف عن العمل ورفض تجديد التراخيص للمحطات الفضائية التي ترى السلطات أنها تنتهك هذه "المبادئ".

ومن المعروف أن القوانين الداخلية في معظم الدول العربية تقيد حرية التعبير والإعلام. ففي الأردن الذي كان أول بلد يسن قانونا لحرية الإطلاع على المعلومات، تقرر المؤسسات الرسمية أي المعلومات يجب استبعادها من مجال حرية الإطلاع على المعلومات، وذلك بموجب استثناءات أمن وطني فضفاضة التعريف بموجب قانون حماية أسرار الدولة عام 1971.

أما مصر، وهي أحد رعاة الوثيقة، فقد تكررت فيها الملاحقة القضائية للمراسلين والصحفيين؛ ففي 13 أيلول 2007 أصدرت محكمة بالقاهرة أحكاماً على أربعة من رؤساء تحرير الصحف المستقلة والمعارضة على خلفية نشر تقارير "يُرجح أن تكدر السلم العام». وفي أوائل شباط 2008 أيدت محكمة استئناف إدانة الصحفية هويدا طه العاملة في قناة الجزيرة بتهمة «حيازة وتداول صور كاذبة حول الوضع الداخلي في مصر يمكن أن تسيئ إلى سمعة البلاد" في إشارة إلى فيلم وثائقي عن التعذيب في أقسام الشرطة المصرية.

أما السعودية - الراعي الآخر للوثيقة - فلا يوجد فيها قانون مكتوب للعقوبات وهي تسجن بشكل منهجي المعارضين بناء على اتهامات فضفاضة من قبيل "الخروج على طاعة الحاكم". وفي 10 كانون الأول 2007 اعتقلت السلطات صاحب المدونة السعودي فؤاد الفرحان، ويبدو أن هذا كان بسبب انتقاده اعتقال نشطاء الإصلاح في شباط 2007. وهو ما زال رهن الحبس الانفرادي بمعزل عن العالم الخارجي في سجن دهبان، دون توجيه اتهام إليه، حسبما هو معروف.

وفي سوريا، لاحقت السلطات القضائية على نحو مماثل المدافعين عن حقوق الإنسان وأصحاب المدونات بتهمة "نشر أنباء كاذبة من شأنها أن توهن نفسية الأمة"، على خلفية نشر مقالات "تهدد أمن سوريا وتضر بصورتها». وأغلق العراق ثلاثة مكاتب على الأقل لمحطات تلفزيونية منذ عام 2004، حين منعت السلطات قناة الجزيرة من التغطية الإخبارية في البلاد. وفي تشرين الثاني 2006 أغلقت مكاتب محطتي "الزوراء» و»صلاح الدين» لأنهما «تثيران التوترات الطائفية»، وذلك إثر تغطية المحطتين للحكم الصادر على الرئيس السابق صدام حسين. وبرر متحدث باسم وزارة الداخلية إغلاق مكتب محطة الشرقية الفضائية في كانون الثاني 2007 وإغلاق محطة العربية في أيلول 2006، وقام التبرير على الأسس نفسها، دون اللجوء إلى المحاكم أو الإثبات العلني بأن بث هذه المحطات أدى إلى العنف.

وفي العام الماضي رفضت السلطات التونسية قبول التصديق على لطفي حاجي مراسلا لفضائية الجزيرة. ويرأس حاجي "نقابة الصحفيين التونسية المستقلة"، التي رفضت الحكومة منحها تصريحا بالعمل القانوني.

وتوضح مبادئ جوهانسبرغ بشأن حرية التعبير وحقوق الدولة أن مثل هذه القيود على حرية التعبير ليست مشروعة إلا حين "تحمي وجود الدولة أو سلامة أراضيها من استخدام التهديد بالقوة، أو قدرتها على الرد على استخدام القوة أو التهديد بها»،و لكن ليس "لحماية مصالح لا علاقة لها بالأمن القومي، بما في ذلك، على سبيل المثال، حماية الحكومة من الإحراج أو كشف الأخطاء، أو إخفاء معلومات عن أداء المؤسسات الحكومية والعامة، أو لتعزيز آيديولوجية معينة أو لقمع اضطرابات».

“الأمن القومي” و“الخروج على الطاعة” تقيدان الحريات الاعلامية
 
20-Mar-2008
 
العدد 18