العدد 3 - أردني
 

مُنيَ الاقتصاد الأردني بخسائر كبيرة خلال العامين الماضيين، جراء القفزات المتتالية في سعر صرف العملة الأوروبية الموحدة اليورو مقابل الدولار الأميركي، كحال باقي دول العالم التي ربطت عملتها بالورقة الخضراء.

وترتبط المملكة بالدولار منذ العام 1995، إلا أنه سجل تراجعاً كبيراً في السنوات الأخيرة.

وواصل سعر صرف اليورو ارتفاعاته القياسية أمام الدولار الأميركي، حتى عقب قرار البنك المركز الأميركي يوم الخميس الماضي، بتخفيض معدل فائدته الرئيسية بمقدار ربع نقطة لتصبح 4.50 %.

ويستهدف القرار الجديد للبنك المركزي الأميركي، الذي كان خفض الفائدة نصف نقطة في 18 أيلول (سبتمبر) الماضي، مواجهة مخاطر حصول تباطؤ في الاقتصاد أمام تصاعد وتيرة أزمة التسليفات العقارية.

وتجاوزت اليورو للمرة الأولى الـ1.45 دولار، حيث بلغ 1.4504 دولار، فيما يحذر خبراء من استمرار ضعف الدولار أمام العملات الرئيسية وتأثيره على قيمة المديونية الخارجية وقيمة مستوردات المملكة خصوصا من منطقة اليورو، مما سيؤثر بزيادة معدلات التضخم.

وبدأت فكرة اليورو مع بداية التكتل الاقتصادي الأوروبي منذ العام 1957 حيث وقعت اتفاقية “روما” التي أنشأت الجامعة الاقتصادية الأوروبية، وقامت هذه الجامعة بالتنسيق بين الأطراف المعنية في المجال الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي.

وتم الاتفاق على انضمام 11 دولة أوروبية في العام 1999 إلى اليورو الذي أصبح بمثابة وحدة نقد حسابية منذ كاون الثاني (يناير) 1999.

وتم الاتفاق على أن يكون هناك تدرج في استخدام هذه العملة حتى تصل إلى جيوب الأوربيين، وبدأت استخدامها في الحياة اليومية في كانون الثاني 2001 لتصبح عملة فعلية في أيدي الأوروبيين. وتكمن تأثيرات ضعف الدولار كون مستوردات المملكة من دول الاتحاد الأوروبي تشكل نحو ربع إجمالي مستوردات المملكة، التي بلغت قيمتها 5.19 بليون دينار خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي، بزيادة نستبها 9.9% مقارنة بالفترة ذاتها العام الماضي.

وتشير في هذا الصدد بيانات حديثة من دائرة الإحصاءات العامة زيادة المستوردات بشكل واضح، من دول الاتحاد الأوروبي والدول الآسيوية مقابل تراجع المستوردات من دول منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، خصوصاً من السعودية التي يمثل النفط معظم مستوردات الأردن منها.

ويرى ماليون أن انخفاض الدولار عالميا يأتي نتيجة البيانات الاقتصادية الضعيفة التي تصدر عن الاقتصاد الأميركي، إضافة إلى أزمة الرهن العقاري التي تشهدها الولايات المتحدة، وتلقي بظلال قاتمة على الوضع الاقتصادي والتوقعات المستقبلية.

وعلى الصعيد المحلي، تتعدى الضغوط الاقتصادية التي سيتسبب بها ضعف الدولار على الاقتصاد الوطني الميزان التجاري، لتؤثر على المديونية الخارجية.

ويرى أحد وزراء المالية السابقين الذي فضل عدم نشر اسمه أن “تأثر المديونية الخارجية مرهون بعملية السداد”. ويؤكد بأن “هبوط الدولار أمام العملات الرئيسية سيزيد قيمة المبالغ الواجب دفعها لسداد الديون غير المقومة بالدولار”.

ومن بين الدول الدائنة للمملكة ،اليابان التي لها خُمس الدين الخارجي، وارتفعت عملتها مقابل الدولار، علماً بأن المديونية الخارجية تتجاوز 5 مليارات دينار.

ويمتد تأثير المديونية ليشمل الديون المترتبة على المملكة بالعملة الأوروبية والبريطانية، بعد تفوقهما على الدولار في الآونة الأخيرة، إذ تشكل الديون بالجنيه الإسترليني 9.6 %،من رصيد الديون الخارجية، فيما تشكل الديون باليورو 22.3% .

ويقول في هذا الصدد رئيس جمعية الصرافين الأردنيين علاء ديرانية إن الدينار الأردني كان يصرف قبل عامين بثمانين قرشاً لقاء اليورو وحالياً تجاوز الأخير الدينار، ما رافقه هبوط مواز أمام العملات العالمية الرئيسية الأخرى باستثناء الدولار الضعيف.

وعن الآثار المترتبة أكد بأن ذلك “انعكس على جميع مناحي الحياة الاقتصادية، وخصوصاً مستوردات الأردن من دول الاتحاد الأوروبي، ما رفع قيمة واردات المملكة وتسبب في زيادة كلف القطاع الصناعي”.

ويعتبر ديرانية الخلل في البيانات الاقتصادية الأميركية، كارتفاع معدلات البطالة، من الأسباب التي تؤدي الى تدهور الدولار.

ويشير أحد المستوردين الى ارتفاع الخشب المستورد من أوروبا والصين ارتفاعاً ملحوظاً منذ بداية العام الحالي كإحدى النتائج على ربط الدينار بالدولار.

وانعكست تداعيات تقلبات أسعار الصرف على كلف الأثاث وعمليات الإنشاءات والصناعات التي يعتبر الخشب مدخلها الإنتاجي الأساسي، بحسب أصحاب مناجر ومعارض للأثاث.

أما رئيس جمعية المصدرين الأردنيين عمر أبو وشاح، فيقول إن مستوردات الأردن من منطقة اليورو تتنوع من آلات ومعدات ثقيلة وسيارات وخلافها.

ويحذر أبو وشاح من “تأثيرات ارتفاع الكلف على القطاع الصناعي وإمكانية جعله خارج المنافسة”.

الى ذلك، دعا أبو وشاح إلى ضرورة إعادة النظر في الاتفاقيات مع دول الاتحاد الأوروبي بشكل يمكّن الصادرات الوطنية من دخول تلك الدول وتحقيق عائد جيد يحفظ استنزاف العملات الصعبة.

وأكد أن قيمة مدخلات الإنتاج من منطقة اليورو ارتفعت 65% خلال السنوات الثلاث الماضية، وأشار الى أن الارتفاعات الأخيرة التي طرأت على أسعار المنتجات الوطنية ناتجة عن ظروف خارجية.

وقال رئيس نقابة تجار المواد الغذائية خليل الحاج توفيق ان تأثير “تراجع الدولار أمام العملات الرئيسية يتعلق بقوت المواطن، ويمس حياته المعيشية ما جعله يشعر في الأثر بشكل كبير”.

ومع هذا الانخفاض المستمر للدولار تتعالى أصوات خبراء ومختصين بضرورة استبدال ربط الدينار بالدولار بسلة من العملات لدرء المخاطر عن الاقتصاد الأردني، غير أن البعض يرى بأن الوقت أصبح متأخراً.

ويعلل الخبراء ذلك نتيجة تسجيل الدولار ضعفاً لم يبلغه منذ تداول عملة اليور، وبالتالي فإنهم يرون بأنه من الصعب التخفيف من الخسائر التي تكبدها الاقتصاد الوطني.

ربع المستوردات تأتي من منطقة اليورو تراجع الدولار يكبد الاقتصادي الوطني خسائر فادحة – السجل خاص
 
22-Nov-2007
 
العدد 3