العدد 18 - كاتب / قارئ | ||||||||||||||
زيارتي الأخيرة إلى فلسطين كانت مختلفة عن مرات سابقة، فالوضع أسوأ بمراحل عما كان عليه في السابق، ووصل الحال بالفلسطينيين الى درجة لا يمكن وصفها. في القدس، اضطر السائق أن يدور لساعات بحثاً عن مكان يدخلني منه إلى المدينة. وفي شوارع المدينة القديمة لاحظت انحسار أعداد الفلسطينيين الذين يعيشون فيها، بسبب السياسات المتبعة الهادفة الى تطفيش السكان العرب، ومنها منع التملك، وإلغاء تراخيص البناء وعدم تجديد تراخيص المتاجر، وكثرة الضرائب المفروضة عليها ما أدى الى إغلاق نصفها على الأقل. الجدار العنصري الذي اكتمل الآن، حول المدن الفلسطينية إلى متاهات يدور فيها الناس بحثا عن مخرج أو مدخل. فيما تتفاقم بين ظهرانيهم مشاكل الفقر والبطالة ويصل الوضع الإنساني الى حد من البؤس لا يمكن تصوره، وقد فقد الناس الأمل بأي تحسن للوضع. وفي الخليل، التي كانت تزخر بالناس والمعروفة، كمركز تجاري، تراجعت الحركة فيها، وتحولت المدينة القديمة الى مدينة أشباح بسبب المستوطنين الذين يقطنون احياءها وحولوا حياة الفلسطينيين الى أخرى شبه مستحيلة.اذ لا يسمح لغير الساكنين في المدينة القديمة بدخولها بعد مرورهم على عدة من نقاط التفتيش. فيما تراجعت التجارة وسبل الكسب فيها، ما أرغم السكان على ايجاد أساليب ووسائل معيشية خارج المدينة القديمة فضلاً عن احتلال المستوطنين للأسطح والطوابق العليا من الأبنية ومضايقتهم للسكان برمي النفايات عليهم، ولهذا ابتدع الفلسطينيون نوعاً من الشبك الذي حال دون سقوط تلك الأقذار على رؤوسهم. كما تفرض إسرائيل منع التجول عليهم بصورة دائمة، بهدف تحويل حياة الفلسطينيين القاطنين بها الى جحيم ودفعهم للهجرة. يمكن تلخيص الحال في مدينة بيت لحم بأنه مصيبة المصائب، فالسكان لا يخرجون او يدخلون الى المدينة الا بإذن، وليس للداخلين أو الخارجين اليها إلا مدخلاً واحداً، فيما تقل فرص العمل فيها وترتفع البطالة ارتفاعا كبيرا. وفي رام الله، حدث دون حرج، فالتوغلات الاسرائيلية بلا حدود، فقبل أيام شاهدت بأم عيني كيف انقطعت الكهرباء فجأة في أحد الأحياء ودخلت سيارات عسكرية إسرائيلية ليلقي أفرادها القبض على أحد الناشطين الفلسطينيين. والمثير، أن وكالات الأنباء ووسائل الإعلام العالمية تظهر الجانب السياسي في القضية الفلسطينية، ولا تظهر أبداً المعاناة التي يعانيها الناس هناك.. وهي الأحق بالوصول الى الراي العام العالمي. وسلام على فلسطين. سحر أبو سعدة- ناشطة عربية أميركية في جمعية فلسطينيون من أجل السلام والديمقراطية |
|
|||||||||||||