العدد 17 - أردني | ||||||||||||||
نهاد الجريري وعلاء طوالبة تظهر سجلات وزارة التنمية الاجتماعية طفرة في ترخيص جمعيات أجنبية بعضها «غير حكومية»، إذ تشير إلى دخول 26 جمعية خلال السنوات السبع الأخيرة، وهو عدد الجمعيات نفسه التي رخصت منذ 1958 وحتى العام 2000. تنقسم هذه الهيئات إلى فئات عدة؛ منها ما هو مرخص رسمياً في المملكة مثل بعض المؤسسات الألمانية ومنها ما يتمتع بحرية العمل استناداً لاتفاقيات ثنائية على مستوى الحكومات، وصناديق تابعة لسفارات دول غربية مثل بريطانيا، وكندا أو سويسرا. لكن ثمة منظمات مانحة لا مقار محلية لها، ومع ذلك تسهم في تقديم منح لأنشطة محلية أو إقليمية، مثل: فورد فاونديشن Ford Foundation (مقرها الإقليمي في القاهرة) وروكفلر فاونديشن Rockefeller Foundation (مقرها الرئيس نيويورك). أغلبية الجمعيات تركز على قضايا تتعلق بتطوير الإعلام، والتنمية السياسية والاجتماعية، تعزيز مبادئ الإدارة الرشيدة وحكم القانون فضلاً عن تمكين المرأة، حقوق الإنسان، ورفع سوية التعليم، ومكافحة المخدرات، وحماية البيئة. المنظمات الأميركية، هي الأوسع نشاطاً، وتقدم في الأغلب تمويلها لمؤسسات المجتمع المدني المحلية من خلال وكالة الإنماء الأميركية USAID وهي الذراع التمويلية للإدارة الأميركية وتتبع لوزارة الخارجية. ضاعفت الوكالة ميزانيتها نهاية التسعينيات عشرات المرات (250 مليون عام 2000)، لدى "إدراك الحاجة إلى تقديم مصادر إضافية إلى الدول التي تؤثر إيجاباً في سلام المنطقة"، بحسب موقعها الإلكتروني. الوكالة تقدم دعمها لمؤسسات المجتمع المدني المحلية من خلال مؤسسات أميركية مثل: مجلس البحوث والتبادل الدولي (آيريكس)، وجامعة ولاية نيويورك (SUNY)، وفريدم هاوس Freedom House، وإنترنيوز Internews. الخبير الاقتصادي، يوسف منصور، يرى أن بعض الجهات المانحة "تحرص على أن تعيد النقود التي تمنحها، إلى بلدانها الأصلية من خلال اشتراط التعاقد مع خبراء أو شراء المعدات من دول أجنبية معينة". مدير مركز استشارات اقتصادي، فضل عدم الإفصاح، عن هويته، يرى أن "10 بالمئة من ميزانية برامج الدراسات الاستشارية تذهب لمستشارين أردنيين، بينما يحصل المستشارون الأجانب على 90 بالمئة من مخصصات المشاريع والدراسات". تنفذ SUNY مشروع «تعزيز السلطة التشريعية» في الأردن لتوفير الدعم الفني لمجلس الأمة، بميزانية تزيد على 8.5 مليون دولار. من شركاء SUNY المحليين مركز القدس للدراسات السياسية، والمنبر الأردني للتنمية الاقتصادية التابع لمركز الأردن الجديد للدراسات. تعمل على الساحة الأردنية أيضاً الوقفية الوطنية للديمقراطية (NED)، وهي غير ربحية هدفها «تدعيم ومساندة الهيئات والمؤسسات الديمقراطية». تقدم NED، بالتنسيق مع منظمات حقوق إنسان ونسائية محلية، دعماً للأنشطة ذات الصلة بدراسة المجتمع المدني والانتخابات. شركاء الوقفية المحليون: مركز الإعلاميات العربيات، مركز حماية وحرية الصحفيين، مركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان، ومركز الأردن الجديد للدراسات، والمركز الأردني للبحوث الاجتماعية. وتعمل NED أيضاً من خلال منظمات أميركية أخرى مثل المعهد الوطني الديمقراطي NDI، و المعهد الجمهوري الدولي IRI، ومركز المشروعات الدولية الخاصة CIPE الذي يرتبط بغرفة التجارة الأميركية. الى جانب USAID، يمول الاتحاد الأوروبي كجهة رسمية،مؤسسات غير حكومية لاسيما في إطار عملية برشلونة 1995، التي وضعت أصلاً بهدف محاربة الإرهاب والهجرة غير المشروعة من جنوب المتوسط الفقير إلى شماله الغني. الاتحاد، من خلال المفوضية في عمان، يدعم عدداً من مؤسسات المجتمع المدني مثل اتحاد المرأة الأردنية وجمعية النساء العربيات. المنظمات الألمانية: تعمل في الأردن منذ بداية الثمانينيات. أكبرها 3 منظمات تعتبر مؤسسات سياسية مانحة تتبع للأحزاب الألمانية. فريدريش إيبرت (الحزب الاشتراكي الديمقراطي) تعمل بموجب اتفاقية مع الجمعية العلمية الملكية، كونراد أديناور (الحزب المسيحي الديمقراطي) مسجلة لدى وزارة التنمية الاجتماعية، فريدريش ناومان (الحزب الديمقراطي الحر) مسجلة لدى وزارة الصناعة والتجارة. يضاف إلى ذلك مؤسسة هنريخ بول التابعة لحزب الخضر ومقرها الإقليمي في فلسطين. شركاء المنظمات الألمانية الرئيسيون: الجمعية العلمية الملكية، وجمعية البيئة الأردنية، ومركز الأردن الجديد للدراسات، ومركز القدس للدراسات السياسية، والمنتدى الوطني للشباب والثقافة: شباب الأردن، ومركز عمان لدراسات حقوق الإنسان، وجمعية مراكز الإنماء الاجتماعي. تتلقى المنظمات الألمانية تمويلها الرئيسي من وزارتي التعاون الدولي والخارجية الألمانية، ويتعين عليها أن تنفق نصف مواردها داخل ألمانيا والنصف الآخر في الخارج لدعم الديمقراطية في العالم. تمويل وتحديات إنجازات منظمات المجتمع المدني الأردنية، وفي مقدمتها مراكز دراسات ومنظمات حقوق إنسان وبيئة ومنظمات نسائية ما كانت لتتم لولا هذا التمويل الذي أتاحته المنظمات المانحة الأميركية والأوروبية. المنظمات المحلية ليست بالضرورة على سوية واحدة في تعاملها مع التمويل الأجنبي. وهناك تساؤلات حول مدى استثمار هذا التمويل في برامج مفيدة تعطي نتائج تراكمية أو تتغلغل إلى الفئات المستهدفة في المجتمع. مركز الأردن الجديد للدراسات، نظم ما يزيد على 200 مؤتمر وندوة وورشة عمل، وأصدر مثل هذا العدد من الكتب والمطبوعات التي تغطي قضايا المجتمع المدني والتحول الديمقراطي والمرأة وحقوق الإنسان والتنمية الاقتصادية والبيئة، بحسب القائمين على هذا المركز. مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان يوفر على موقعه الإلكتروني معلومات عن أنشطته الممولة من مصادر دولية وأجنبية من 2005 -2007. عدد الأنشطة 60، بإنفاق بلغ 760 ألف دينار، توزعت على قضايا تتعلق بتدريب العراقيين، مراقبة الانتخابات في سورية، بالإضافة إلى إصدار مطبوعات و التدريب على حقوق الإنسان ومراقبة الانتخابات. لكن التمويل الأجنبي، من حيث المبدأ، لا يروق لنشطاء سياسيين لا يرون فيه إلا جانباً سلبياً. الباحث عبدالله حمودة من أوائل المتابعين لهذه القضية، يرى فيها "جزءاً من لعبة سياسية عالمية". الإسناد الخارجي والإعلام جزء مهم من الدعم الذي تتلقاه منظمات مجتمع مدني متخصصة يتركز في مجال الإعلام. ويُستثمر في تدريب الإعلاميين وتمكينهم. أبرز المؤسسات المانحة في هذا المجال، هي فريدم هاوس، مراسلون بلا حدود، المادة 19 (لندن)، المؤسسة الدنماركية للإعلام، الاتحاد الأوروبي، وآيركس التي تنفذ مشروع "تحرير الإعلام" بميزانية 5 ملايين دولار على مدى 3 سنوات. أما شركاؤهم المحليون فأبرزهم: مركز حماية و حرية الصحفيين، عمان نت، شبكة أريج/صحفيون من أجل صحافة استقصائية عربية، الهيئة الأردنية للثقافة الديمقراطية، مؤسسة أبو محجوب للإبداع، مركز الإعلاميات العربيات، ومركز المشرق الجديد للدراسات. لا تتخذ نقابة الصحفيين موقفاً مضاداً للتمويل الأجنبي "الواضح في مصادره وأوجه إنفاقه الذي يخضع للمراقبة والمساءلة ويصب في مصلحة تطوير العمل دون شروط" بحسب نقيب الصحفيين طارق المومني. تدحض رنا الصباغ مديرة «أريج» التنفيذية الاتهامات بوجود ضغوط من الجهات الأجنبية الممولة لتمرير أجندات خاصة، مشيرة إلى أن «النتاج الإعلامي الذي تقدمه الشبكة من تطوير وتأهيل دون مقابل مالي من الإعلاميين أو مؤسساتهم، يسهم في تطوير قدراتهم في مجال الصحافة الاستقصائية». يتخذ الصحفي في يومية «الغد» محمد سويدان موقفا حادا من التمويل الخارجي، إذ يرى أن «برامج هذه المؤسسات ستتأثر بأجندة الجهات الداعمة، ما يحد من استقلاليتها». أما مدير مركز حماية وحرية الصحفيين نضال منصور فيقول: «تتفق رؤية المركز مع مؤسسات تمويلية دولية حول برامج تطوير الإعلام. من هنا يأتي الاتفاق معها على أجندة مشتركة باعتبارها رغبة لدى الطرفين» مبديا استياءه، من جهة أخرى، من «شح التمويل المحلي والعربي في مقابل سخاء الأجنبي». وحول غياب "الشفافية"، معظم الأحيان، في إعلان المنظمات المحلية عن الشركاء، حجم التمويل وأوجه الإنفاق، يجادل منصور إن "شركاء المركز الدوليين غير ثابتين بل يتغيرون حسب تنوع النشاط الذي ينفذه المركز فلا تظهر أسماؤهم في قائمة واضحة على موقعهم الإلكتروني". ويتابع "لكن المركز يذكر اسم الشريك عند الإعلان عن الدعوة إلى نشاط معين" ويؤكد أن "المركز يقدم ميزانياته المدققة إلى الجهات الرسمية والرقابية". هاني الحوراني، مدير مركز الأردن الجديد للدراسات، الذي يقدم في موقعه الإلكتروني قائمة بأسماء الشركاء، يقول إن «الشفافية في الإعلان عن البيانات المتعلقة بالتمويل تنقلب أحيانا ضد المركز مع التحامل العام على التمويل الأجنبي». ويشرح أن «بعض الجهات تتخذ هذا الأمر ذريعة ضد المركز»، مبينا أن «المركز يقدم بياناته المالية عند الطلب للأكاديميين والممولين على حد سواء». لكن أكاديمياً بارزاً، فضل عدم الإفصاح عن هويته، يخالف منصور والحوراني، ويقول: إن هذه أعذار «غير مقنعة، إذ إن هذه المؤسسات أنشئت أصلا لأجل تعميق قيم الديمقراطية والحكم الرشيد والشفافية ما يستدعي التزامها بالمبادئ التي أنشئت من أجلها، بنشر موازناتها وبياناتها أمام أعين المجتمع». |
|
|||||||||||||