العدد 17 - استهلاكي
 

يؤكد عاملون في مجال التسهيلات البنكية للأفراد ازدياد الإقبال على اقتناء البطاقات الائتمانية في وقت يحذر اقتصاديون من تأثير حمى الائتمان السلبي في بلد تتآكل فيه مداخيل أبنائه وتتضاعف طرق صرفها.

ويرى خبراء اقتصاد أن الأردنيين، الذين ينفقون 120 بالمئة من مداخيلهم، بحسب تقديرات دائرة الإحصاءات العامة، لا يمتلكون وعياً كافياً حول مخاطر استخدام بطاقات الائتمان.

تناقص القدرة الشرائية للمواطنين وتجاوز معدلات الإنفاق يرافقها منح البنوك المحلية تسهيلات ائتمانية ما ساهم- بحسب عاملين في القطاع البنكي- في رفع الطلب على هذه البطاقات بنسبة نحو 30 بالمائة مقارنة بمطلع العام الماضي.

مدير التسهيلات في أحد البنوك المحلية يقول إن بنكه «ألغى اشتراط تحويل الراتب قبل منح هذه البطاقات كما يروجها بين الطلاب الجامعيين».

يؤكد المدير ذاته أن البنوك «تجني أرباحاً مش بطالة» من هذه البطاقات، إذ تتراوح الفائدة الشهرية عن تأخير السداد بين 1.8 بالمائة و 2 بالمائة وصولاً إلى 4 بالمائة في حال السحب النقدي على بطاقات الائتمان.

إلا أن الخبير الاقتصادي، غسان معمر، يتهم البنوك بجني أرباح «طائلة» من بطاقات الائتمان.

سهيلة يخلف، الموظفة في القطاع العام، اقتنت بطاقة ائتمان سقفها ثلاثة أضعاف راتبها الذي لا يتجاوز 350 دينارا لتتمكن من ترخيص سيارتها.

تقول يخلف: «لم أتمكن من الحصول على قرض شخصي، لأنني أصلاً أدفع نصف راتبي لتسديد قرض سكني، ولذا ساعدتني البطاقة الائتمانية على ترخيص سيارتي وتسديد بعض الالتزامات المتراكمة الأخرى».

كغيرها من المؤسسات الحكومية، أدخلت دائرة ترخيص السواقين والمركبات بطاقات الائتمان ضمن وسائل قبض الرسوم.

مدير تسهيلات الأفراد في احد البنوك الكبرى يرى أن منح البطاقات الائتمانية يمثل «التفافاً على قرار البنك المركزي الذي يحدّد نسبة الاقتطاعات الشهرية لتسديد القروض بما لا يتجاوز نصف راتب الفرد. ويصف مدير التسهيلات فتح باب الائتمان بأنه «حجج لتقديم تسهيلات للأفراد» مقابل فوائد مجزية.

«البطاقات الائتمانية، بخاصة الدوارة منها revolving credit cards، عبارة عن قروض مستمرة لفوائد عالية، بخاصة أن نحو 95 بالمائة من مستخدميها لا يسددون قيمتها كاملة بل يدفعون الحد الأدنى شهريا.»

مدير التسهيلات يلاحظ أن التجار والمستثمرين يسددون 100 بالمائة من سحوباتهم الشهرية على البطاقات الائتمانية، فيما يسدد أصحاب الرواتب القليلة الحد الأدنى الشهري، بينما تتراكم الفوائد عليهم خصوصا أن الفائدة يتم احتسابها شهريا على المبلغ غير المسدد ضمن فترة السماح التي تتراوح بين 45 يوما و60 يوما بحسب سياسة البنك.

في المحصلة تقفز الفائدة إلى 24 بالمئة سنويا، أي ضعفي سعر الفائدة تقريبا على القروض الشخصية.

ميساء عبد العزيز اكتشفت بعد أن اقتنت بطاقة ائتمان «أن الفائدة تقضم أكثر من نصف المبلغ الذي تسدده شهريا». جمانة التي تعمل موظفة في إحدى الشركات العقارية اضطرت للحصول على قرض شخصي بفائدة 11 بالمائة حتى تسدد كامل مستحقات البطاقة الائتمانية.

وتقول: «اكتشفت أنني سأدفع 11 بالمائة سنويا بدلا من 18 بالمائة للبطاقة. بعد ذلك كسرت البطاقة وأعدتها للبنك ولن أقوم باقتناء بطاقة ائتمانية مرة أخرى.»

موظف تسهيلات آخر يؤكد أن ثلاثة أرباع مقتنيي البطاقات الائتمانية، لاسيما الطلاب، لا يلتزمون بالتسديد شهريا ضمن فترة السماح وبالتالي يتحملون غرامات تراكمية.

يضيف المدير: «في هذه الحالة نقوم بمقابلة العميل غير الملتزم ونعمل تسوية نقسط فيها المبالغ المترتبة عليه على دفعات. ولا نلجأ للقضاء إلا في الحالات المستعصية بخاصة أن البنوك مهتمة بالحصول على النقود وليس الدخول في مشاكل».

المحلل الاقتصادي غسان معمر يرى أن كثيرا من الجهل وعدم المعرفة بأصول استخدام البطاقات الائتمانية يشوب استخدامها في الأردن.

على مستوى الاقتصاد الجزئي، فإن البطاقات الائتمانية تسهل عملية الإنفاق، لأن المستخدم في هذه الحالة يصرف النقود وكأن كل حسابه البنكي موجود في جيبه، بحسب معمر.

ويضيف: «الحساب الجاري نوع من أنواع التوفير، لأن المستخدم يسحب منه ما هو بحاجته فقط ولا يصل للنقود بسهولة مثل لو كانت كلها في جيبه. ولكن مع استخدام البطاقات، فإن عملية الإنفاق تصبح أسهل.»

معمر يرى أن البطاقات الائتمانية «حالة إنفاق تلبي جميع الحاجات الاستهلاكية للأفراد بسرعة هائلة بما يمثل تبديدا للثروة في نوع من الإنفاق غير المدروس غالبا وبصورة واسعة تنعكس سلبا على الاقتصاد الكلي».

دين على دين

بالأرقام المطلقة، يرزح كل مواطن أردني، نظرياً، تحت دين يقدر بـ2000 بقسمة مجموع الدين الداخلي والخارجي على عدد السكان.

يقول معمر: «كل هذا يأتي ضمن حسابات دقيقة ولكنها خطيرة في ظل اقتصاد غير نام، لأن كل أساليب نمو الإنفاق محدودة وأسباب النمو محدودة.»

ارتفعت التسهيلات الائتمانية المباشرة وصولاً إلى 11.295 مليار دينار العام الماضي بزيادة 15.7 بالمئة عن عام 2006. ولا يوجد تفصيلات رسمية حول حجم تسهيلات البطاقات الائتمانية ضمن مجمل تسهيلات البنوك.

معمر يدعو البنك المركزي إلى وضع ضوابط تحكم منح البطاقات الائتمانية بخاصة أنها تصرف ضمن مبادئ تختلف عن مبدأ التسهيلات العادية.

***

نصائح أساسية لاستخدام البطاقات الائتمانية

1 - البطاقات الائتمانية عبارة عن قرض بفوائد عالية يجب تسديده وإلا تراكمت الفوائد والغرامات.

2 - على المستخدم حساب إنفاقه بما لا يتجاوز قدرته على التسديد.

3 - على المستخدم متابعة إنفاقه والتذكر أن المشتريات غير المبرمجة تؤثر على مصروف البطاقة الائتمانية بسرعة كبيرة.

4 - على المستخدم الاحتفاظ بفواتير البطاقة الائتمانية ومقارنتها بالتقرير الشهري للبطاقة.

5 - على المستخدم عدم إعارة بطاقته الائتمانية لأي كان.

6 - عدم تسديد المبالغ المترتبة على البطاقة يؤثر على فرصة المستخدم للحصول على قروض ويضعه على "اللائحة السوداء".

7 - على المستخدم محاولة تسديد المبالغ المترتبة على البطاقة بالوقت المناسب والتذكر أن عدم التسديد يزيد الفوائد التي "لا تنتهي".

8 - الامتناع عن إدخال أوصاف البطاقة إلى مواقع إلكترونية غير مضمونة.

تآكل المداخيل يزيد الطلب على بطاقات الائتمان
 
13-Mar-2008
 
العدد 17