العدد 17 - اعلامي
 

سارع رئيس مجلس النواب، عبد الهادي المجالي، لنفي أفكار أطلقها نائبه الثاني تيسير شديفات حول منع الصحفيين من تغطية أنشطة المجلس المنتخب، أسوة بالأعيان، ما عكس- على الأرجح- أزمة داخلية وتفاوتاً في المواقف حيال «السلطة الرابعة»، امتداداً للأزمة التي نشبت نتيجة اعتداءات على صحفيين في المجلس النيابي السابق.

هذه الإشكالية نشبت بعد أقل من أسبوعين على أزمة مماثلة بين الإعلام والحكومة إثر تعميم رئيس الوزراء نادر الذهبي على المؤسسات الحكومية بمنع الموظفين من تسريب وثائق رسمية تتعلق بتجاوزات في العمل.

كان شديفات، الشيوعي السابق، أثار الأزمة الجديدة في مداخلة له خلال ندوة عصف فكري مشتركة بين نواب وصحفيين في البحر الميت الأسبوع الماضي. إذ كشف أمام برلمانيين وإعلاميين أن المكتب الدائم للمجلس «يدرس جدياً منع الصحفيين من تغطية النشاطات النيابية على غرار مجلس الأعيان».

المجالي الذي فوجئ، على ما يبدو، بتصريحات نائبه الثاني؛ سارع لنفي كلامه، وأكد «على عمق العلاقة بين الإعلام والبرلمان، وتفهم النواب للدور الذي يلعبه الإعلام على غير صعيد».

مداخلة شديفات جاءت بعد أن وجه إعلاميون انتقادات لمجلس الأعيان بسبب عدم سماحه للصحفيين بتغطية أعمال لجانه ونشاطاتها، حاصراً ذلك بوكالة الأنباء الأردنية والتلفزيون الأردني، والسماح للصحفيين بحضور جلسة الأعيان فقط.

الندوة الفكرية ذاتها، التي شارك فيها 43 نائباً و15اعلامياً، شهدت أيضاً سجالات بين الطرفين اظهرت عمق الفجوة بينهما، انعكست على التوصيات الابتدائية التي قدمها كل طرف، ففي الوقت الذي طالب فيه إعلاميون النواب بقراءة الدستور والنظام الداخلي بشكل جيد والاطلاع على دور الصحافة في مراقبة أداء النائب رفض نواب «رفع التكليف» بين الصحفي والنائب، ومعرفة كل طرف لحدود الآخر والوقوف عندها»، ودعا بعضهم إلى منع الصحفيين من مرافقة الوفود النيابية في زياراتها للخارج.

اتهامات النواب وصلت إلى القول إن وجود صحفيين من ذوي المصالح الشخصية مع نواب، يؤدي إلى تسليط الضوء على هؤلاء النواب، وتعظيم انجازاتهم والتغاضي عن هفواتهم. هذا الكلام استفز صحفيين ودفعهم الرد بالقول: إن هناك نواباً يقومون بالأمر ذاته مع الحكومات، فيقايضونها على وظيفة أو معالجة، وبالتالي، فإن التعميم غير جائز ولا يعني وجود حالة أو اثنتين بين الإعلاميين أن جميعهم في الميزان ذاته».

النائبة ناريمان الروسان، مساعدة رئيس المجلس، سلطت الضوء على تدخل الحكومات المتعاقبة في العمل الإعلامي، وتحديداً الرسمي منه، مطالبة الحكومة برفع يدها عن وكالة الأنباء والتلفزيون الأردني، وجعلهما يتحركان في مساحة حرية جيدة حتى يتمكنا من تقديم منتج إعلامي جيد.

ما ذهبت إليه الروسان، أيده صحفيون طالبوا بأهمية تمييز النواب بين الإعلام الجيد وإعلام آخر يقوم على عرض عناوين بدون مضامين، وضرورة أن لا يتم وضع الصحف اليومية وكذلك الصحف الأسبوعية في الميزان ذاته، مشيرين إلى وجود صحافة أسبوعية ملتزمة بدأت تقدم إعلاماً مغايراً، وتفتح ملفات لم يتم فتحها من قبل، وفق الصحفي وليد حسني.

رئيسة هيئة تحرير يومية «الأنباط» رولا الحروب، أيدت الروسان، وزادت أن وظيفة الإعلام مراقبة أداء النواب، ش مواقفهم، وتسليط الضوء على آرائهم في القضايا المصيرية، مبدية رفضها بأن يتم التعامل مع الإعلام على أنه «في خدمة النائب أو مكتب إعلامي له».

أخذ نواب على الإعلام تسليط الضوء على السلبيات والتغاضي عن الإيجابيات من خلال عدم التركيز على الدور الذي يقوم به النواب والإنجازات التشريعية التي حققوها خلال أقل من أربعة أشهر، وفق النائب محمد الزيناتي.

التأزيم بين الإعلام والبرلمان ليس الأول من نوعه، فقد سبق لمجلس النواب الرابع عشر أن دخل في علاقة تنافرية مع الإعلام، وصلت ذروتها عندما قام النائبان: مفلح الرحيمي، وغالب الزعبي بالإعتداء بالضرب على المصورين الصحفيين: أحمد شوكت، ومحمد الرفايعة، وشتمهما، وتكسير كاميراتهما، في أثناء قيامهما بواجبهما المهني، ما حدا بالصحف اليومية الى مقاطعة أعمال المجلس وعدم نشر أخباره، وقيام نقابة الصحفيين بإصدار بيان أدانت فيه الاعتداء، وطالبت المجلس بالاعتذار، وهذا ما كان، إذ زار رئيس المجلس وقتذاك عبد الهادي المجالي النقابة، واعتذر عن الاعتداء.

الواقعة أدت إلى توتر العلاقة بين الطرفين (رغم الصلح) فبات نواب في المجلس السابق يشعرون بأنهم مستهدفون من قبل الإعلام بالنقد وتقزيم الإنجازات، ولا يتم التعامل معهم بالشكل المطلوب، فيما شعر صحفيون أن الحادثة ألقت بظلالها على مناقشات النواب لقانون المطبوعات والنشر الذي تم إقراره من المجلس السابق، وهو ما أدى إلى إبقاء عقوبة الحبس للصحفيين رغم أن التوجهات العليا كانت تذهب نحو منع حبس الصحفي على قضايا ذات صلة بالمطبوعات والنشر.

يعتقد الصحفي راكان السعايدة، أن المجلس الحالي الخامس عشر الذي كان أعضاؤه يتابعون إعلامياً - وقت ذاك- توتر العلاقة بين النواب وإسلافهم، أرادوا وضع حد للإعلام منذ البداية، فابتعد بعضهم عن الصحفيين طوعاً، وذهب آخرون الى حد محاولة منعهم من دخول مجلس النواب بإصدار قرار بهذا الأمر من قبل المكتب الدائم المشكل من الرئيس ونائبيه ومساعديه. الصحفي وليد حسني، يؤيد زميله ويضيف بأن يقين مجلس النواب الحالي بعدم قدرته على التأثير في السياسات العامة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية أدت ببعض أعضائه إلى محاولة إقصاء الإعلام، وذلك حتى لا يقع فيما يعتقد بأن المجلس الرابع عشر قد وقع به، معتبراً أن تصريحات النائب الثاني للرئيس، رغم نفيها، إلا إنها تدل على وجود جماعة نيابية ضاغطة باتجاه اتخاذ هذا الموقف وتحييد البرلمان إعلامياً بحيث لا يقع نوابه تحت ضغط سؤال الناخبين.

الدستور الأردني في مادته 85 قال بعلنية جلسات مجلس النواب والأعيان، وحصر سرية الجلسة بطلب الحكومة أو 5 من الأعضاء، ومنح الحق للمجلس قبول ذلك أو رفضه.

خطوط التماس تشتعل بين خنادق الإعلام والنواب والحكومة
 
13-Mar-2008
 
العدد 17