العدد 3 - أردني | ||||||||||||||
تجسد صور تعرض في متحف بانوراما البحر الميت شواطئه التي إنحسرت خلال الأعوام القليلة الماضية بفعل التدهور في مستوى البحر الذي يجف بمعدل متر سنويا. ويقول خبراء إن مشروع قناة تتراوح تكلفتها ما بين 3 - 4 بلايين دولار تربط البحرين الأحمر والميت هي الوسيلة الوحيدة لإنقاذ البحر من جفاف حتمي يهدده. وكان هذا المشروع الاستراتيجي الذي اتفق على تنفيذه بين الأردن والسلطة الفلسطينية وإسرائيل، ضمن حزمة مشاريع السلام التي انطلقت بعد اتفاقية وادي عربة عام 1994، واجه تأخيراً لأسباب فنية، وبسبب تفضيل الرئيس الإسرائيلي شمعون بيرس أن يشرف القطاع الخاص على المشروع بدلا من البنك الدولي، وفق موقف اسرائيلي جديد تبلور العام الحالي. ولكن زخم الاهتمام عاد للمشروع هذا العام، حيث شهدت عمان قبل أسابيع قليلة اجتماعا لوفد من البنك الدولي ووزراء المياه والري والتخطيط لوضع جدول زمني لمشروع القناة. وقال مستشار الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وحيد ألفيان، في تصريحات صحفية، إن عطاء لإجراء دراسة حول المشروع سيتم منحه في كانون الاول “ديسمبر” المقبل لينتهي خلال 18 شهرا. وبحسب صحيفة “الغد” ما يزال الأردن والسلطة الفلسطينية وإسرائيل كدول مستفيدة من المشروع في مرحلة إيجاد الشركة الاستشارية التي ستنفذ دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع، إلى جانب شركة ثانية لدراسة التأثيرات البيئية للمشروع وتبلغ كلفتها 10،5 مليون دينار. وأوضح مسؤول حكومي أن المشروع واجه معيقات ترتبط بمقترحات حول حلول إقليمية بديلة لقناة البحرين، والتي يعترض عليها الجانب الأردني الذي يصر على دراسة وتنفيذ مشروع القناة ويرفض اي حلول بديلة. وأضاف أن البنك الدولي أزال تقريبا كل المعيقات الفنية التي تتمحور حول من سيقوم بالدراسة. ويواجه البحر الميت الذي انخفض بمعدل أربعة أمتار بين عامي 2005 - 2007 وتراجع أفقيا بما يزيد على 30 متراً، مسجلاً تراجعاً، غير مسبوق، بسبب تحويل معظم مياه الأنهار التي تصب فيه إلى السدود والاستخدامات الزراعية. و تصب في البحر الميت حاليا 20 في المائة فقط، من اجمالي المياه التي كانت تغذيه سابقا. فضلا عن مساهمة شركة البوتاس العربية والصناعات التعدينية الأخرى، المقامة على جانبيه لا سيما في مناطقه الجنوبية، في استنزاف البحر. وساهم تراجع معدل الأمطار السنوية في المناطق المحيطة في استفحال حالة الفقر “المائي” المغذي للبحر الميت. ويعول خبراء في القطاع المائي على أهمية مشروع قناة البحرين للمساهمة في سد احتياجات العجز المائي في المملكة بتوفير 570 مليون متر مكعب سنويا بعد تحلية المياه المتدفقة من أنبوب البحرين الأحمر-الميت. ومع استنفاد المصادر المائية التقليدية لبلد صنف من أفقر عشر دول مائيا في العالم، يقول الخبير المائي دريد محاسنة ان الحاجة اصبحت ملحة لمشروع غير تقليدي لتحلية المياه المتدفقة من أنبوب البحرين الاحمر-الميت. ويوضح محاسنة “إن الخلافات المائية العالقة بين الاردن وسوريا أدت العام الماضي إلى عدم امتلاء سد الوحدة”، الذي أنجز العام الماضي على الحدود الأردنية - السورية بعد عقدين من التأخير. وعلاوة على ذلك يشير هذا الخبير المائي إلى عدم قيام الحكومة بالبدء في مشروع الديسي الذي يهدف إلى سحب ما معدله 100 مليون متر مكعب مياه سنويا من الديسي الذي يقع على بعد 400 كم جنوب عمان، للمساهمة في حل قسم من العجز المائي، ولذلك يقول “أصبح من الضروري تنفيذ مشروع قناة البحرين». ويواجه الأردن معضلة مع شبه استنفاد مصادر مياهه التقليدية التي تفاقمت مع سوء ادارة المصادر المائية والنمو السكاني، فضلا عن هجرات قسرية فاقمت استنزاف الموارد المائية للمملكة. ولذلك، حذر المحاسنة من ان المشاريع الاستثمارية ومشاريع النمو السكاني ستواجه تحديات في حال عدم توفر المياه. وكان مقررا أن يعلن الأردن وفلسطين وإسرائيل تحت مظلة البنك الدولي (الأطراف الثلاثة المشتركة بمشروع قناة البحرين- الأحمر والميت ) عن الشركتين الفائزتين بإجراء الدراسات الفنية ودراسات الأثر البيئي للمشروع، في اجتماع يلتئم في باريس في موعد أقصاه كانون الأول (ديسمبر) المقبل، بحسب صحيفة “الغد”. وفي السابق، اعترضت منظمات غير حكومية مثل جمعية أصدقاء الأرض على مشروع قناة البحرين، مطالبة أن يكون نهر الأردن مشمولا في الدراسات التي تتعلق بالمشروع. وقال عبد الرحمن سلطان، مدير مشروع قناة البحرين في هذه الجمعية التي تتخذ من هولندا مقرا لها “ نشعر أن هناك مشكلة اساسية في طريقة التخطيط والتنفيذ لمشروع قناة البحرين، فالبحر الميت يواجه مشكلة في انخفاض مستوى المياه الذي تغذيه بسبب تحويلها، لكن لا يجوز أن نتكلم عن تزويد البحر الميت بالمياه بمعزل عن نهر الاردن. الذي هو السبب الأساسي في مرض البحر الميت». وانخفض منسوب مياه البحر الميت خلال الخمسين عاما الماضية بمعدل 24 مترا، حيث سجل انحسارا من 395 مترا تحت سطح البحر الى 422 مترا. وما ينقص مشروع قناة البحرين بحسب محاسنة هو وجود راع له “فالخلافات السياسية واختلاف الأنظمة والقوانين بين الأطراف الثلاثة تحتم إنشاء سلطة تفويضية عليا يرأسها الاردن للسير في عمل المشروع وإلا سنبقى نصطدم بعراقيل مختلفة. |
|
|||||||||||||