العدد 17 - أردني
 

جمانة غنيمات

أخيراً حُسمت المعركة القضائية بين مجموعة طلال أبو غزالة وأمانة عمان الكبرى، بقرار محكمة العدل العليا التي ردت الطعن المقدم من المجموعة العملاقة في قرار أمانة عمان استملاك عقارات ومباني المجموعة الواقعة في منطقة العبدلي.

بموجب القرار القطعي عن أعلى محكمة، يعتبر قرار استملاك مباني أبو غزالة قانونياً.

الصراع الذي دار لسنوات له علاقة بمشروع تطوير وسط عمان «العبدلي»، أعرق الأحياء في قلب عمان، والتي تم هدمها بالكامل تقريباً حتى يعاد بناؤها على طراز وسط بيروت بمشاركة ورثة وأبناء رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري، صاحب مشروع السوليدير.

أبناء رفيق الحريري أنشأوا شركة مع رجال أعمال كبار تحت مسمى شركة تطوير العبدلي، لهدم المنطقة وإعادة بنائها على شكل مجمعات، ومعارض، ومكاتب، ومراكز تسوق ومسارح.

مشروع العبدلي أو قلب العاصمة الجديد، كما يحلو للقائمين عليه تسميته، سيأتي على أطلال مبان احتضنت في ذاكراتها بعضا من تاريخ عمان وبيوتات لكثير من الأسر ارتبطت بتاريخ المدينة وترعرعت فيها.

تضم أرض المشروع القيادة العامة للقوات المسلحة، كلية الشرطة العسكرية، سكناً قديماً لكبار الضباط، مقر المخابرات العامة القديم، وبعض مقرات المعسكرات الإدارية، ونادياً للضباط وآخر للأفراد، وعشرات الأبنية والمحلات التجارية.

لكن رجل الأعمال طلال أبو غزالة الذي تقع شركاته الأربع ضمن أرض المشروع رفض بيع ممتلكاته، وهنا نشأ الخلاف بين الطرفين حين تمترس أبو غزالة في موقعه ورفض إخلاءه.

احتدمت الأزمة بين الطرفين حين أبلغ أبو غزالة الحريري أنه سيتنازل عن مقره في حالة واحدة، وهي استبدالها بمقرات آل الحريري في ضاحية قريطم في بيروت.

من الحلول التي اقترحت في بداية الأزمة عرض مبالغ مالية مغرية على أبو غزالة الذي لم يخضع للإغراءات، بحسب أحد المقربين منه، بل بقي صامداً في موقعه. وتصاعدت المبالغ من 12 مليون دينار إلى 17 مليوناً وأخيراً 27 مليون دينار.

المصدر نفسه، يؤكد أن أبو غزالة "لم يخض المعركة من أجل رفع السعر بل من أجل ترسيخ فكرة سيادة القانون".

أمانة عمان هي الأخرى علقت وسط هذه الأزمة كون أمينها عمر المعاني عضوا في مجلس إدارة شركة تطوير العبدلي، صاحبة مشروع السوليدير بنسخته العمانية، التي كانت تمارس الضغوط على أبو غزالة للخروج.

أبو غزالة الذي رفض الرحيل كان استخدم وسائل متعددة للتعبير عن رفضه منها إطلاق حملة يعلن فيها عدم التخلي عن ممتلكاته، ووضع لافتة كبيرة علي مقراته يقول فيها: "لا للاستملاك"، بعد أن أعلنت الأمانة نيتها استملاكها للنفع العام وعرضت مخططات تثبت أن شارعاً رئيسياً سيخرق موقع شركات أبو غزالة لوضع حلول مرورية للمنطقة.

فيما ترى المجموعة أن الاستملاك تم لخدمة مشروع العبدلي.

تدخل الأمانة دفع شركات أبو غزالة لعقد مؤتمر صحفي العام الماضي، كشفت فيه تفاصيل الصراع على لسان مستشارها القانوني عمر العطعوط الذي اتهم الأمانة وأمينها صراحة "بالضغط على وكلائه والتدخل لصالح شركة استثمارية أخرى، مهددا باللجوء لمحكمة العدل العليا بعد أن ألغت الأمانة تراخيص الوكلاء".

أبو غزالة الذي تنتشر شركاته في 63 دولة عرض حلولا بديلة من بينها التعهد بتعديل الواجهات الخارجية لمقرات الشركة وفقا لمواصفات منطقة العبدلي بحلتها الجديدة أو تخصيص مساحات مساوية داخل مشروع العبدلي نفسه لشركة أبو غزالة على حساب المستثمر في تطوير المنطقة لكن هذه العروض لم تلق آذاناً صاغية لدى الفريق الثاني.

تفاقمت المشكلة بين الطرفين حين اتهم رئيس مجلس إدارة المجموعة الأمانة بتقديم معلومات مضللة ومغلوطة إلى مجلس الوزراء آنذاك والتي استند إليها المجلس في قراره الموافقة على الاستملاك في منطقة العبدلي بما في ذلك رسائل مخالفة للواقع ومخططات مختلقة ومعلومات مضللة.

دلالات تفاقم المشكلة بين الطرفين توجت بإعلان صاحب المجموعة طلال أبو غزالة أن "قرار مجلس الوزراء بالموافقة على الاستملاك صدر مختلفاً عن الإعلان الذي نشر في الصحف من قبل أمانة عمان لاستناده إلى مخططات مختلقة".

وتفاقمت القضية حين انتقد أبو غزالة قرار مجلس الوزراء ووصفه بأنه "قرار يشوبه العيب" لصدور طلب الاستملاك دون استيفاء الشروط المنصوص عليها في المادة 4 من قانون الاستملاك رقم 12 لسنة 1987 وتعديلاته، وهي مخطط العقار المطلوب استملاكه، وكشف تقدير أولي لمجموع التعويض عنه، وتقديم ما يثبت القدرة المالية للأمانة لا يعتد بقرار مجلس الوزراء الصادر على أساسه.

ثم تتالت تصريحات الكر والفر. فاتهم أبو غزالة أمين عمان بتوجيه كتاب إلى دائرة الأراضي يؤكد فيه بأن العقارات المدرجة بقرار مجلس الوزراء لا يشملها قرار الاستملاك وأنه لا مانع لديه من بيعها (إلى شركة العبدلي)، إذ إن أمين عمان ألغى بكتابه قرار الاستملاك بحجة النفع العام.

وكشف أبو غزالة أن بعض العقارات المستملكة، ومن ضمنها عقارات مجموعته استملكت بحجة شق الطرق في حين أن قرارات اللجنة اللوائية رقم 214 ورقم 692 الصادرين عن الأمانة يلزمان الشركة المستثمرة (شركة العبدلي) "بإفراز الشوارع وشراء الطرق وتنفيذ التوصيات المرورية واستيفاء التعويض". وبالتالي فإن في قرار الاستملاك محاولة لتحميل الدولة بأموال خدمة لمصلحة شركة استثمارية لا سيما أن الأمانة صرحت في مناسبات عديدة بأن شركة العبدلي ستتحمل تلك التكاليف.

أمانة عمان رفضت التعليق على تفاصيل الموضوع، وأكدت "التزامها بقرار القضاء الأردني النزيه". واكتفى مدير مركزها الإعلامي طه أبو ردن بالتذكير بأن قرار الاستملاك يهدف إلى توسعة شارع الأمين وشارع الملكة نور إضافة إلى إنشاء تقاطع مروري في الموقع، وذلك لمواجهة التحديات المرورية التي سيخلقها مشروع تطوير العبدلي قيد التنفيذ حاليا.

أما المستشار القانوني لمجموعة أبو غزالة المحامي عمر العطعوط، فيؤكد أن قرار محكمة العدل العليا واضح والمجموعة ملتزمة به.

العطعوط يوضح أن هناك معارك أخرى ستدور في رحى ساحات المحاكم منها القضية التي رفعتها المجموعة على شخص أمين عمان عمر المعاني.

صدور القرار القضائي طوى المشكلة بين الطرفين. لكن إلى حين.

معركة “تطوير العبدلي” تحسم في العدل العليا: المحكمة تنتصر للأمانة وأبو غزالة يخطط لجولة جديدة
 
13-Mar-2008
 
العدد 17