العدد 16 - ثقافي
 

السّجل - خاص

تشكل الخلفية في معرض الفنان المصري رضا عبد الرحمن موضوعا اساسيا لا ينفصل عن الشخوص التي تحضر مفردة في العمل، او في ثنائيات ينقطع بينها الحوار.

المعرض الذي حمل عنوان "ناس من حولي"، وتم تمديده يمثل مرآة عاكسة لبيئة الفنان الذي يرصد المحيط الساكن، الذي تجلى في حضور مفرد للافراد الذين انشغلوا بجوانياتهم وهمومهم، وهو يعبر في اربعين عملا نفذت بمواد مختلفة منها الأكريليك والأحبار والأصباغ الخاصة على الورق والقماش عن اللحظة العابرة التي بدت فيها الوجوه غير واضحة الملامح، وان كان ايحاؤها قويا لجهة ابراز حالة الوحدة والضياع التي يعاني منها الانسان.

الميزة التي تنبع منها اهمية المعرض الذي يقام في مركز رؤى للفنون ان الفنان الذي يحمل دفتر الرسم اينما حل يحاول ان يقدم لقطاته كصياد للحظة التي يكون فيها شخوص اعماله في وضع عفوي، بلا تصنع. ويقترح الفنان او يكمل النص البصري من خلال الخلفية التي تجيء في اكثر الاحيان باللون الاصفر او البنفسجي الذي يعد احد درجات الاسود فيزيائيا او الموت في تأويلات الضوء. ويقول الفنان في دليل وزع مع العرض عن معرض له اقيم العام 2007 ، "وجدت نفسي مهتما بالعودة الى تكوين النماذج الإنسانية، وعمل حوار مع هذه النماذج والتوقف عند العمل من خلال الذاكرة المؤقتة ومحاولة تشكيلها بطريقة أكثر معاصرة وتشكيل ألوان تسيطر على مساحة العمل وإضاعة اللوحة أحيانا والسيطرة على العاطفة بمصاحبة اللون في محاولات عديدة للتعرف على الحقيقة وعلاقتها بمساحة اللوحة".

الفنان عبد الرحمن وان كان يميل الى التخطيطات ، الا انه يشبه الهيئات الشخصية بعدد من العناصر التشكيلية التي تتصل بالظلال والانوار والتحبيرات ، فهو يشتغل على اللوحة بطريقة كلاسيكية وفق المنظور التقليدي، لتبدو الاعمال اشبه ما يكون بالموديلات او عارضات الازياء، وخصوصا في الهيئات المنتقات لشكل الجسد الذي يثري الشكل بعدد من الخطوط المرنة المكونة من الاشكال المنحنية والقوسية.

ويقول الناقد المصري كمال الجويلي في تقديمه للمعرض: من خلال وصفه لإحدى اللوحات، "يقدم عبدالرحمن في معرضه الشخصي الجديد لوحة على خلفية وردية هادئة، تندمج فيها الشخصية "الموديل" بالأبعاد الثلاثة للمنظور، الحاضر بالإيهام، وينجح الفنان في جعل مركز التكوين متمثلا في وجه الفتاة المتأمل في بساطة ثرية، بينما تمتد الحركة الى اليدين المسترخيتين، من أعلى إلى أسفل، متجهة الى اليسار مع حركة القدم، صاعدة من جديد مع بقعة الخلفية الحرة. كل ذلك بحس موسيقي غنائي، يجمع بين التجريد ولمحات الواقع بهمس رقيق".

ويضيف الجويلي: "إن المعرض اضافة جديدة بين اعمال الفنان بعد معرضيه الاخيرين في فرنسا، حيث حقق نجاحا ملحوظا يستوجب ولا شك التقدير ويدعو إلى المتابعة والتأمل. وهو دعوة من الفنان إلى الشباب إلى تعميق الدراسات والبحث وتملك لغة التشكيل التي يفتقر اليها الكثيرون".

اما الناقد المصري محمد كمال فيقول عن تجربة عبدالرحمن: "إنه واحد ممن اجتمعت لديهم موهبة الرسم والثقة في الذات، حتى صار رساماً من فصيل الكبار في تاريخ حركة الفن المصري المعاصر، وفي هذا السياق نجد رضا يحشد كل طاقته الابداعية وحرفيته التشكيلية على الخط كوحدة اصيلة في معمار الصورة، يلملم عليها فيضا من القيم الجمالية بين نغم وإيقاع وانسجام، بما يجعل اوراقه بأحجامها المختلفة تشدو بموسيقى خطية عبر قلم فصيح لا يعرف التردد أو الارتباك".

ويضيف ان الفنان عبد الرحمن: "يمارس اللعب بحيل الظل والنور على جسم الخط نفسه، والذي يطأ الورق في مساحة زمنية وموضعية محدودة، اعتماداً على تحول القلم إلى إصبع سادس في كف اليد من لحم ودم وأعصاب، ..وفي هذا الإطار نراه في اللحظات التي يحاكي فيها المشاهد يستطيع أيضا من دون عناء يذكر أن يضبط أبعاده الفيزيقية المألوفة للعين عند الحد الأدنى للإجهاد الذهني". يذكر أن الفنان رضا عبدالرحمن حاصل على شهادة الدكتوراة "الفلسفة في الفنون الجميلة" تخصص تصوير جداري .

يعمل مسؤولاً عن الفنون التشكيلية بصندوق التنمية الثقافية في وزارة الثقافة المصرية، وله مشاركات في أكثر من 16 معرضاًً داخل مصر وخارجها.

أسس أول مطبوعة شهرية منتظمة للفنون التشكيلية في مصر تحت اسم «بورتريه»، وأنشأ لها قاعة عرض تحت الاسم نفسه وأسس مركز القاهرة القديمة للفنون، كما أقام أول سمبوزيوم دولي للتصوير في مصر (2007) .   

صيد اللحظة في “رؤى” بعمان: تصويرات المصري رضا عبدالرحمن
 
06-Mar-2008
 
العدد 16