العدد 3 - أردني | ||||||||||||||
السرادق التي تقام على أرض خلاء وبجوار البيوت تخصص عادة لمناسبات الفرح أو العزاء، غير أن أحد مرشحي الدائرة الخامسة في العاصمة انفرد ليلة الاثنين - الثلاثاء بإقامة ما يشبه خيمة استخدمها أنصاره “غرفة عمليات”، على مبعدة بضعة أمتار من مدخل مدرسة رشيد طليع أحد مراكز الاقتراع للدائرة. الدعاية الانتخابية ممنوعة بالقانون في يوم الاقتراع. غير أن خيمة المرشح كانت ساكنة باستثناء حركة الداخلين والخارجين منها، وحيث لا يظهر للرائي العابر ما هو بداخلها. وعلى باب المدرسة كان أنصار بقية المرشحين يوزعون باحتشام بطاقات تحمل اسم وصورة المرشح، وبعضهم من الشبان بدوا أشبه بالكشافة وهم يتمنطقون بأوشحة بيضاء مكتوب عليها بالأحمر أو الأسود أسماء مرشحين. كانت هناك في الشارع أربع أو خمس سيارات للشرطة، وبضعة حافلات برتقالية (باصات مدارس خاصة) متوقفة. سيدة كانت تحمل بطاقات دعاية لأحد المرشحين قالت إن الباصات “حملت أناساً من مناطق نائية لمصلحة أحد المرشحين” ولم يكن ممكناً التثبت من صحة ما قالته، وما إذا كان دعاية انتخابية مضادة أم لا. كان الشارع أمام المدرسة الحكومية شبه مغلق أمام حركة السير لازدحام السيارات والباصات، وبعضها توقفت امام بنايات السكان. غير أن الناس يعذرون بعضهم بعضا في هذه المناسبة خلافاً للأيام العادية. الحماسة بدت مكتومة، ويشوبها بعض التوتر بين العاشرة والحادية عشرة صباح الثلاثاء. أحد المرشحين يدخل الباب ويقوم رجال الشرطة بتسهيل دخوله فيما هو منشغل بمكالمات هاتفية لا تنقطع. القلق سيد الموقف. رجال الأمن يمنعون أي تزاحم عند باب المدرسة ويخاطبون أنصار المرشحين بلطف، ويستجيب هؤلاء بدورهم ويخلون المدخل. في الداخل تبدو الأمور أشد هدوءاً وانضباطا. يتوج ه الناخب بعد إبراز هويته لأحد أفراد القوات الخاصة عند مدخل باحة المدرسة، الى مركز اقتراع الذكور ويبرز هناك مجدداً هوية الأحوال المدنية المثبت عليها اسم الدائرة. ماذا عمن جددوا هوياتهم خلال العامين أو الأعوام الثلاثة الماضية ولم يثبت عليها اسم الدائرة؟. هؤلاء لا فرصة لديهم للاقتراع. لا عودة لسجلات الأسماء في الحاسوب. كل شيء مرهون بالهوية واسم الدائرة في أسفل وجهها الآخر. يتم التصويت بكتابة اسم المرشح في ركن مستقل منعزل نسبياً، لكنه ليس معزولاً بستارة أو ما يشبهها. ثم يجري التوقيع في دفتر لدى الموظف المختص على التصويت. ويتم استرداد البطاقة بعد قصها من أحد زواياها. مندوبو المرشحين يجلسون على مقاعد الطلبة بهدوء وانضباط التلاميذ ولا يتبادلون الحديث مع بعضهم بعضاً. عددهم كان ستة، وبالسؤال عن مندوبي بقية المرشحين، أجاب أحد الحاضرين: لم يأتوا .. إنهم ضامنون للنتيجة. قالها ضاحكاً متهكماً، فليس مضمونا نجاح أربعة عشر مرشحا غاب مندوبوهم. لم يُلحظ وجود مراقبين أو متابعين أو ما شاكلهم في الداخل. رجال الأمن وحدهم من يتولون المراقبة، خارج غرف الاقتراع. شوهدت نسوة وأطفالهن حسب عادة وطنية في “أخذ الأولاد “ مع الآباء والأمهات حيثما ذهبوا. الحماسة المكتومة تتجلى في حالة من الوجوم، والترقب المشوب بحذر شديد. حالة الترقب عالية الدرجة وكأن شيئا ما لا تحمد عقباه قد يحدث فجأة، ويتجنب الجميع حدوثه. الجميع لا رجال الشرطة فقط، حريصون على الانضباط التام. لا صوت يرتفع ولو قليلاً، حتى إن الناس كانوا يتبادلون الكلام بينهم في ما يشبه الهمس، مخافة أن يتذرع أحد ما بـ”خطأ “ لفظي ما قد يصدر عن أحد منهم. لا ضحكة تعلو. لا أحد يصل مهرولاً ولا أحد يغادر على عجل. هناك حماسة ملحوظة، لكن مظاهر العرس .. “العرس الديمقراطي “ غائبة. فلا أحد يحتفل، وليس هناك أهل لعريس أو عروس. يافطات وسيارات وأناس محتشدون صامتون، كما في المستشفيات. ليس هناك أي ابتكار في أشكال الدعاية الثابتة في بحر شارع “الهمذاني” حيث يقع مركز الاقتراع. ذلك أفضل بالطبع من أية فوضى أو تجاوزات. |
|
|||||||||||||