العدد 3 - أردني
 

لكوني لست ناقداً ولا أديباً ولا باحثاً ولا منظّراً ماركسيّاً، وبضغط من الزميل العزيز الدكتور هشام البستاني، أجرؤ أن أخوض معركة النقد والنقد الذاتي لتجربة عمرها 65 عاماً، خضت غمارها شخصاً وضعته ظروفه الصعبة وتحولات تاريخية معينة في مسؤوليات هي أكبر بكثير مما توقّع، فمكّنته من أن يساهم في صنع أحداث، وكان شاهداً عن قرب على أحداث أخرى.

هذه محاولة، أمارسها للمرة الأولى، للنقد والنقد الذاتي لتجربة مريرة حصدنا فيها النجاحات الكبيرة ومارسنا الأخطاء الجسيمة، وهي الآن بين أيديكم. لم أشتم أحداً. الكلّ مارس النضال الشاق سجوناً وحرماناً وفقراً من جانب، لكن الجانب الآخر كان أخطاء وتجاوزات سبّبت الكثير من التراجعات والإساءات، وذكرها في نظري فيه أهمية للأجيال الصاعدة ليتجنبوها. وهذه المحاولة لممارسة النقد والنقد الذاتي ستتناول تجربة حزبي، الحزب الشيوعي الأردني، والتجربة السوفييتية، وأطالب الأحزاب الوطنية الأخرى بعزم ممارسة النقد الذاتي من داخلها ومن خلال قادتها.

حزب ماركسي من دون ماركسيّين.

1 - لماذا سمّيناه الحزب الشيوعي الأردني في بلد صغير بلا صناعة وبلا زراعة متطورة، وبالطبع بلا طبقة عاملة؟

2 - لماذا ابتعدنا عن الدين بشكل عام؟ علماً بأنّ الحزب لم يتعارض مع الديانات السماوية، لكنه لم يستفد مما يضمّه الدين من دفاع عن الفقر والجوع والاضطهاد. جاء هذا في عديد من الآيات الكريمة في القرآن الكريم والإنجيل، وكان من الممكن الاستفادة منها، واتخاذها وسيلة للتقارب مع الجماهير الشعبية في القرى والأرياف في بلد متدين الى أبعد الحدود.

3 - لماذا لم نتحدث عن حضارتنا العربية الإسلامية وتاريخها المجيد بما فيه من إيجابيات هائلة نتبناها وأخطاء ونواقص نتجنبها؟ لماذا لم نتحدث عن ابن رشد وابن خلدون وعشرات من المفكرين التنويريين حقاً في تاريخنا؟

4 - نحن حملنا الشيوعية - الماركسية - اللينينية في حزب ليس فيه ماركسيون حقيقيون، ولا منظرون، ولا حتى اهتمام بالفكر الاشتراكي العلمي. هذه حقيقة. وبالتالي لم نثقّف ولم نعلّم أعضاء حزبنا ولا جماهيرنا الفكر العلمي الماركسي لنزيد من تمسكه بالاشتراكية العلمية وبالمسلك النضالي الجدي والمستمر.

5 - من دون وعي علمي جاد، واصلنا الاستعلاء والشللية وحب الظهور والتطلع الى المراكز والتكتلات، مع انعدام النقد والنقد الذاتي، والادعاء السخيف بحمل الحقيقة المطلقة.

6 - لماذا حرص الحزب منذ البداية على إيجاد ستالين خاص بنا وعلى قياسنا ويتصرف بفردية؟

7 - لماذا ومنذ اليوم الأول لقيام الحزب، وعلى رغم عدم وجود اتصال بالخارج، قررنا الالتزام بما يقوله الشيوعيون في الاتحاد السوفييتي، متجاهلين أوضاع بلدنا وبلداننا العربية ومشاكلها المتعددة؟

8 - بأي حق قاومنا وبشدّة تقسيم فلسطين حتى آخر لحظة، ثم وافقنا على ذلك صباح اليوم التالي تنفيذاً لرغبة الصديق والرفيق السوفييتي؟

9 - ماذا استفدنا من مذابح العراق بين الشيوعيين والبعثيين، وفي سوريا بين البعث والإسلاميين؟ ومن استفاد من القتال الدامي بين الأحزاب اليسارية والوطنية غير العدو الرئيس والمشترك في المنطقة والمتمثل بالاستعمار البريطاني والفرنسي والأميركي وإسرائيل العدوانية والصهيونية؟

10 - لماذا ارتضى البعض منا التمويل الأجنبي اللئيم من مراكز استعمارية، ما حوّل العديد من الرفاق الى موظفين؟

* مداخلة أُلقيَت في 21 / 10 / 2007 في منتدى الفكر الاشتراكي في عمّان في ذكرى “ثورة أكتوبر الاشتراكية”.

في النقد الذاتي للشيوعية العربية – يعقوب زيادين
 
22-Nov-2007
 
العدد 3