العدد 16 - حريات
 

يحتفل العالم بيوم المرأة العالمي في الثامن من آذار من كل عام. وقد درج النشطاء والناشطات والمهتمون والمهتمات على إحياء هذا اليوم للمطالبة بمزيد من المساواة بين الرجل والمرأة في أنحاء العالم كافة، وإن كان التمييز ضد المرأة يتباين من منطقة جغرافية لأخرى في العالم.

في الأردن، أحرزت المرأة خلال السنوات الأخيرة مزيداً من المكتسبات في هذا المجال، في الأطر السياسية والاقتصادية، لكن ما يقال في هذا السياق إن كثيراً من تلك المكتسبات المنصوص عليها قانونياً في التشريعات، قد لا تجد طريقها للتطبيق في كل الأحوال، ما يشي بثقافة اجتماعية ترفض فكرة المساواة، وتسعى لاستعمالها دعائياً فقط، والتملص منها في التطبيق.

رغم ذلك، ما يزال معظم النشاط في موضوع تمكين المرأة وتعزيز فرصها ومساواتها مع الرجل، ينحو للتركيز على التشريعات دون الثقافة الاجتماعية، فقبل زهاء أسبوعين، وفي خبر أوردته "ے" في العدد الماضي، زار وفد من اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة، ترأسه الوزيرة السابقة أسمى خضر، الأمينة العامة للجنة، رئيس الوزراء وسلّمه وثيقة مطالب النساء، التي تضمنت الإشارة إلى 12 قانوناً تطالب النساء بتعديل بعض نصوصها بهدف «إزالة أشكال التمييز ضد المرأة». ومن أهم تلك القوانين: العمل، الأحوال الشخصية، الجنسية، العقوبات، التقاعد المدني والعسكري، إضافة للمطالبة بزيادة مقاعد الكوتا النسائية في مجلس النواب بما لا يقل عن 20 بالمئة.

الحركة النسائية الأردنية ترى أن الجانب التشريعي ذو أهمية خاصة، فهو يساعد في صياغة الوعي العام تجاه المرأة من جهة، ولأن إنجــازات ذات أثــر لم تتحــقق لصالح المرأة على صعيد القوانين حتى الآن، من جهة ثانية.

تقول آمنة الزعبي، رئيسة اتحاد المرأة الأردنية، إن معيقات حصول المرأة الأردنية على حقوقها التي تجعلها شريكاً كاملاً للرجل، لا تتمثل بالثقافة السائدة وحدها، بل هي نتاج عدة عوامل يمثل الجانب التشريعي أولها وأهمها، ويُضاف إليه جوانب اقتصادية وممارسات اجتماعية وأعراف مترسخة. وترى أن تغيير الذهنية يتم عبر تغيير القوانين والإجراءات، وبخاصة تلك التي تكرّس صورة نمطية «دونية» للمرأة، وتحجم حقوقها وفرصها في المجتمع.

وتؤكد أن فكرة تغيير الواقع عبر تغيير القوانين، لم تُجرّب بعد، لأن الأردن لم يشهد حتى الآن تغييرات حاسمة في القوانين التي تمس المرأة، برغم بعض التغييرات التشريعية التي حدثت في بعض القوانين، ولهذا فإن الحركة النسائية ما تزال متمسكة بتعديل القوانين، وهو ما يفسر احتواء وثيقة مطالب النساء على تعديلات قانونية بشكل أساسي. وترى أن بعض التعديلات التي قُدّمت على أنها في صالح المرأة، كانت ضارة بحقوق المرأة أكثر مما كانت نافعة، بما في ذلك الكوتا النسائية في قانون الانتخاب، التي تصفها الزعبي بأنها «تمييز جديد ضد المرأة» كونها لم تمكّن المرأة من إثبات كفاءتها وأهليتها للعمل السياسي، ولم تقدمها باعتبارها نصف المجتمع. إلى جانب ذلك، تقول الزعبي، فإن جملة من القوانين ومشاريع القوانين المطروحة، لا تخدم قضية المرأة بشكل خاص، وتضر المرأة باعتبارها مواطناً بشكل عام، ومنها قوانين الاجتماعات العامة والجمعيات، إلى جانب قانون الجنسية الذي «لا يفكر أحد بطرحه» بحسب الزعبي، رغم أهميته للمرأة في مجال منحها الجنسية لأولادها في حال كانت متزوجة من غير أردني، وهو موضوع شديد الأهمية، لأنه الوسيلة لمنح الأولاد حياة كريمة. رغم ذلك، تضيف الزعبي، فإن الحركة النسائية الأردنية لم تكتف يوماً بالمطالب المتعلقة بتعديل التشريعات، بل سعت دوماً للنهوض بأوضاع المجتمع، والمناداة بالإصلاح الشامل قبل ظهور دعوات الإصلاح الحالية، ليشمل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والتشريعية، بما يمكن من إشراك المرأة وتحسين أوضاعها، فضلاً عن عمل الحركة النسائية الدؤوب والمتواصل في مجال تدريب المرأة وتمكينها.

وتؤكد الزعبي أن المناسبات تكون لها عادة دلالات خاصة، وتمثل محطات لتقييم الواقع والإنجاز، لذلك فإن «يوم المرأة العالمي» يعد فرصة لمراجعة منجزات الحركة النسائية الأردنية، في الوقت الذي تُطرح فيه شعارات كثيرة حول أوضاع المرأة العربية وضرورة إعطائها دورها، من دون تحقيق إنجازات فعلية، لدرجة أنه بات ينطبق على واقعنا القول المعروف: «نسمع جعجعة ولا نرى طحناً».

في يوم المرأة العالمي: الأردنية وحرّياتها: ما هو أبعد من التشريعات
 
06-Mar-2008
 
العدد 16