العدد 16 - حتى باب الدار | ||||||||||||||
تتنوع طرق تحديد المسؤوليات والصلاحيات وبيان ما إذا كان بمقدور الواحد منا ابداء الرأي في أي من المسائل المطروحة. كي تتمكن من التدخل في شأن من الشؤون، ينبغي أن "يعص أحد على ذنَبك"، لأنه إذا لم يحصل ذلك، أي إذا لم يعص أحد من ذوي العلاقة على ذَنَبك، فبالضرورة أنك لو تدخلت فستجد من يسألك: "من عص على ذنبك؟". إذا لم يعص أحد على ذنبك وما زلت ترغب بإبداء رأي في الأمر، أي أمر، فيمكن قبول تدخلك إذا كان هناك من "داس لك على طرف"، وهي مرتبة أدنى قليلاً من مرتبة "العص على الذنب". في مستوى أدنى أيضاً من "الدوس على طرف"، ولكي يكون لك صلاحية التدخل، ينبغي أن يتواجد من "ييجي فيك" أو "يِكْتَلش فيك" أو "يُدْقُر فيك" أو "ينكشك" أو "يجيب طاريك" أو "يكيل بصاعك" أو "يحسب حسابك" أو على الأقل "يتطلع عليك".. وإلا فانه سيقال عنك: مسكين ما حدا "جاي فيه" أو "مكتلش بيه" أو "داقر فيه" أو "ناكشه" أو "جايب طاريه" أو "كايل بصاعه" أو "حاسب حسابه" أو "متطلع عليه"… على التوالي. أفضل الحالات بالطبع، أن تجد من "ينخاك"، فهي حالة تمكنك من التدخل مع الشعور بأنك متفضل على من تتدخل بشؤونهم، فأن ينتخي بك أحدهم معناه أنك في الموقع القوي وأنه يعجز عن القيام بأموره دون مساعدتك. لكن يوجد دائماً من له "قرص في كل عرس"، أو من "يدس انفه" فيما يريد، وغيرهم ممن لا ينتظرون اذناً للتدخل، وهي مراتب لا يصلها الا الواصلون. **
أكثر من "خرابيش دجاج يروى ان قائم مقام قضاء عجلون في أواخر العهد العثماني الأمير أمين أرسلان كان مولعاً بتربية الدجاج، وكان يمارس ولعه ذاك في دار الحكومة ومقرها إربد، حيث اقتنى في أقبية الدار ما يقرب من ألف دجاجة بلدية بالضرورة، فآنذاك كان كل الدجاج بلدي!. كان الأمير أمين يقوم على رعاية الدجاج بنفسه، ففي كل صباح يباشر يومه بتقديم العلف للدجاج، وفي بعض الأحيان يتم جلب العلف خصيصاً من منطقة جبل الدروز، أي من المنطقة الأصلية للأمير. كان رش العلف يتم في الساحة الخلفية لدار الحكومة، وكثيراً ما كان الدجاج يرد الجميل، فبينما يكون القائم مقام متوجهاً الى مقر عمله في الطابق العلوي من الدار، يقوم الدجاج بمرافقته عبر الدرج المؤدي الى مكتبه في موكب دجاجي مهيب. الأمر يتم برضى واستمتاع من الجنود والموظفين الذين يسمح لهم بجمع البيض الذي ينشره الدجاج في الأمكنة التي يستطيع الوصول اليها. الطريف في الأمر أن الأمير كان يندمج في متعته تلك الى درجة أنه كثيراً ما كان ينسى ارتداء بنطلونه بعد أن يعلف الدجاج، وقد تكرر قدومه الى مقر عمله وهو يلبس الطربوش والصدرية والجاكيت دون البنطلون، الى أن يصارحه أحد الموظفين بحقيقة حالته فيهب مسرعاً الى البيت ليلبس البنطلون ويعود الى عمله، دون ان ينسى هوايته في صباح اليوم التالي. تمعنوا في الموقف جيداً قبل تشكيل رأي قد يكون تقليدياً، فنحن أمام مسؤول يصر على الإسهام في العملية الانتاجية وعدم الاكتفاء بالحديث عنها. ملاحظة: المادة الأصلية وردت في مذكرات صالح مصطفى التل والد الشاعر عرار ،كما قدمتها وقرأتها الباحثة الدكتورة هند أبو الشعر.
|
|
|||||||||||||