العدد 16 - رزنامه
 

السّجل - خاص

في جدارياته ومنحوتاته التي يعرضها على جاليري "4 جدران"، يفتح الفنان الأردني حازم الزعبي نافذةً على الحياة من طين الماء والتراب، على حد تعبيره. وهو لا يكتفي بالطين لإنجاز أعماله، بل يمضي نحو السيراميك والبرونز، تارةً يمنح كل مادة من هذه المواد حيزها وحضورها الخاص عبر إنتاج عمل مفرد بواسطتها، وتارةً أخرى راغباً في التجريب عبر مزج اثنتين من بينها معاً، بما يحقق ثيمة العمل ورسالته على الوجه الذي يبتغيه الفنان.

ففي جدارياته التي يحتل المربع فضاءَ تشكيلها البصري، يزاوج الزعبي بتوازٍ بين الطين من جهة، والتشخيص والحروف من جهة أخرى، إلى جانب اشتغالاته المتنوعة في توزيعات الألوان (التزجيج) بما يمنح العمل الواحد حيوية وثراءً.

وفي منجزه الذي اكتسب حضوراً عربياً وعالمياً لافتاً، ثمة إتقان في التعامل مع الطين وتحولاته الجمالية، والقدرة على ضبط معايير الأكاسير والزجاج ومدة الحرق لإنتاج ألوان أقرب إلى الحس المعدني القديم. كما تتميّز أعماله المعروضة بالطابع الهندسي، وبالزخارف ذات الحدود الصارمة المحفورة على الخزف بعناية فائقة، وبأسلوب تجريدي لافت.

يبدو الزعبي في معرضه الذي يضم 35 عملاً، وكأنه مهجوس بما يمكن دعوته «تثوير» الرموز التراثية، وإبراز الموتيفات التي تشير إلى الفن الإسلامي والشرقي عموماً والذي يتسم بالغنى والتنوع. وهو ينهل موضوعات أعماله من أجواء البيئة المحيطة، فيستوحي وادي رم والبحر الميت وحضارة جنوب الأردن والبادية الشامية، متأملاً في فنون النواح والحدو والقصيد، والزخارف الموشّاة بالحناء والوشم والخلخال والأقراط.. وتشكل أعماله الخزفية، تجسيداً لتجليات الموروث الإنساني، سواء أكان على صعيد النص المكتوب أم على صعيد المكان كتربة يعاد إنتاجها عبر شَيّ الطين المنزوع من حيزه الجغرافي.

أما في مجموعته التي يشتغل عليها بدأب تحت اسم «الكراسي»، يذهب الفنان باتجاه الرمز راصداً تحولات الكرسي المرتبط بالسلطة تاريخياً، وثمة إعادةُ إنتاج مدروسة لمدلولات قطعة «الأثاث» هذه، عبر حركات الأرجل، والتواءات أبعاده، وملامح الأشخاص الملتصقين فيه. إذ ينظر الزعبي إلى الكرسي لا بوصفه مجرد شيء أو «غرض» يؤثث الفراغ فقط، بل على أنه «أيقونة» تقود المتلقّي إلى تأويلها وطرح أسئلته الإنسانية والوجودية.. وإمعاناً في منح الحياة للأشياء، يترك الفنان الكرسي مرةً فارغاً، ولكن دون أن يغفل آثار الجلوس أو أثر الكائن الإنساني فيه عبر الوجه أو بقايا الكتابة.

وُلد الزعبي في إربد سنة 1957، تخرج في أكاديمية الفنون الجميلة في بغداد (1982)، انتُخب رئيساً لرابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين (1993، و2004–2005)، أقام معارض شخصية ومشتركة في عدد من الدول من بينها: الأردن، الكويت، إسبانيا، الولايات المتحدة الأمريكية، فرنسا، تونس، سوريا، مصر، لبنان، الإمارات، اليابان، وإيطاليا. وحاز عدداً من الجوائز، منها: جائزة اليونسكو للإبداع الفني (1994)، وجائزة الدولة التقديرية (2004).

نافذة على الحياة عبر الطين
 
06-Mar-2008
 
العدد 16