العدد 16 - كتاب
 

صرّح محافظ البنك المركزي بأن لا زيادة على سعر صرف الدينار، وأن أي زيادة على السعر سيكون لها أثر طفيف على المدى القصير معتمداً على دراسة أعدها البنك المركزي طالبت بالإبقاء على سعر الصرف كما هو دون الحاجة إلى رفع سعر الدينار مقارنة بالعملات العالمية. الغريب في الأمر أن مثل هذا التصريح لم يلق أي تعليق في الشارع الاقتصادي على الرغم من أهميته الاستراتيجية للأردن، بخاصة في مواجهة الغلاء.

كتبتُ في العديد من المقالات عن الآثار الايجابية التي يوفرها رفع سعر صرف الدينار لا سيما على التضخم، وحين بدأت الكتابة كان سعر صرف الدولار بالنسبة لليورو 1,43 دولار لكل يورو، الآن أصبح سعر الصرف 1,53 تقريباً أي أن كل يورو ربح من فارق العملة 10 سنتات أميركية، أو 7 قروش على مدى شهرين فقط، ومعنى هذا الارتفاع أيضاً أن المواطن في أوروبا أصبح بامكانه شراء السلع من أميركا بأسعار أقل من السابق.

أما المواطن في الأردن، وبكل بساطة، فسيجد أن الأسعار سترتفع لجميع السلع المستوردة إلا تلك المشتراة بالدولار، كما أن قيمة الدين العام الخارجي بعملات تختلف عن الدولار سيرتفع؛ أما فيما يخص المدافعين عن الصادرات التي شرحنا في السابق بأنها غير مرنة بالنسبة لأسعار الصرف، فهي لم تتحسّن مع تراجع الدولار، ومعه الدينار، بل تراجعت قيمتها مقارنة بالمستوردات وفاتورتها، ولم ترتفع كمياتها، مما يعني أننا أصبحنا ندفع أكثر لسلع أقل.

قبل أيام وفي محاضرة في الخليج كان المتحدث الرئيسي فيها ألان جرينسبان، رئيس نظام الاحتياطي الأميركي السابق، نصح هذا الاقتصادي الذي كان يعتبر بحكم مركزه وتاريخه العلمي، الاقتصادي الأقوى في العالم، دول الخليج بفك ارتباطها مع الدولار لتعالج بعض مشاكل الغلاء الناجم عن انخفاض سعر الدولار، ودوت نصيحته في جميع أنحاء العالم إلا في الأردن. الأردن كان يستمع لنصائح جرينسبان، وكان منفذو السياسة المالية يترقبون مع جميع العالم كل حركاته، حتى الشخصية منها، فيوم تعثر والتوت ساقه وتهاوى في اليوم التالي سوق الأسهم في نيويورك كانت كل الأنظار متوجهة له.

وكنا كلما رفع سعر الفائدة نرفعها معه دون تردد، فعلنا ذلك 18 مرة على مدار سنتين وبفارق ساعات في بعض الأحيان. ترى ماذا سيقول ألان جرينسبان لو دعوناه إلى الأردن؟ هل سينصحنا أيضاً بحل الارتباط، ولو جزئياً، كما فعلت الكويت، وارتفعت عملتها بـ 6 بالمئة وتمكنت من كبح جماح التضخم الذي يهدد دول الخليج الآن؟ طالبنا مع بعض المحللين الاقتصاديين على مدى شهور برفع قيمة سعر الدينار دون فك الارتباط، ورغم جميع المحاولات والكتابات، لا شيء يحدث.

ربما لأن الموضوع غير مهم، فما هي سبعة قروش زيادة على كل يورو من ديون الأردن باليورو؟ الإجابة 70 مليون دينار ديون إضافية. وما هو أثر هذه القروش السبعة على ارتفاع أسعار الواردات باليورو؟ الحسبة بسيطة، 100 مليون دينار إضافية على فاتورة الواردات. طبعا لم نحسب أثر تراجع الدولار ومعه الدينار على معاملاتنا بالعملات الأخرى، لأنه لا يوجد داعٍ لذك، فأمورنا بخير، والأردن دولة غنية لا تعاني من الفقر والبطالة والغلاء، وتستطيع موازنتها أن تحتمل مثل هذه الخسائر.

د.يوسف منصور: حسبة السبعة قروش
 
06-Mar-2008
 
العدد 16