العدد 15 - كتاب
 

على هامش التحليلات الكمية والكيفية لمفهوم الفقر، ودلالاته و«خطوطه»، ولماهية الفقراء وأنواعهم تبرز للمراقب عدة صور وصفية وانطباعية نتلمس بعض ملامحها في تقارير التنمية (البشرية الأردنية 2004، والإنسانية العربية 2002 - 2005).

فالفئة التي تعيش دون خط الفقر المدقع هي في عداد «أفقر الفقراء». وهم معوزون لا يكادون يمتلكون شيئاً.

بينهم مرضى، ومعاقون، ومسنون، ونساء وأرامل، وقلة من البالغين الأصحاء الأجسام، إنهم يقيمون في حجرات أو مبانٍ من الطين والزينكو والقصيب، قد لا تجاوز غرفتين مع مرحاض خارجي، والدخل متدن، إذا وجد أصلاً، وقد لا يتجاوز 70 ديناراً في الشهر، وغالباً ما ينتفعون بمعونة نقدية من صندوق المعونة الوطنية، وربما من مصادر أخرى مثل: المحسنين، والمتصدقين، والأقارب، والجيران.

وأكثرهم أميّون، على الأغلب، وبعضهم أنهى جانباً من الدراسة الابتدائية - يتكون غذاؤهم الأساسي من الخبز، والشاي، وزيت الزيتون، والخضار، وقليل من البروتينات، ولا يتمتعون بالتأمين الصحي إلا إذا كانوا من مستحقي المعونة النقدية من صندوق المعونة الوطنية.

أما الذين يعيشون على خط الفقر، أو دونه أو فوقه بقليل، فهم «المستورون». وغالباً ما يستعملون هذا الوصف للتعبير، بطريقة كريمة ومتواضعة، عن ضيق ذات اليد. وعلى الرغم من تدني الدخل، فهم «يدبرون حالهم»، وأمورهم سالكة، لكنهم معرضون دائماً للأزمات المالية والصحية. و عدد الأطفال لديهم أعلى من المعدل، وقد يصل إلى خمسة أو ستة في أغلب الأحيان. وهم يعيشون في سكن بسيط ولكنه مناسب، ربما بني بعد أخذ قرض من البنك، وقد يتكون من ثلاث غرف. وقد يكون لديهم قطعة أرض صغيرة أو بستان، وربما سيارة للأجرة. وقد يكونون ناشطين في عمل زراعي أو مشروع بسيط، وربما يتراوح الدخل الشهري بين 70 ديناراً وثلاثمائة دينار، وربما تعيش الأسرة على راتب تقاعدي أو دخل فرد واحد، ومن المحتمل أن يكون بعضهم ممن أنهوا الدراسة الثانوية ولكن لم يصلوا إلى المرحلة الجامعية، يتكون الغذاء اليومي من الخضار، ومن البيض أحياناً، والدجاج في أوقات أقل، أما اللحم فنادر، وليس لديهم تأمين صحي في كثير من الأحيان.

ويمكن أن نسمي من يعيشون فوق خط الفقر بقليل بــِ «أشباه الفقراء».

إنهم يتدبرون أمورهم، وما لديهم يفي باحتياجاتهم الأساسية دونما رفاهية، ويكون عدد الأطفال ثلاثة أو أربعة، وهم يسكنون منازل مبنية بالطوب والإسمنت بسيطة التهوية قد يضم الواحد منها أربع وحدات، وقد يمتلكون أرضاً خاصة يزرعونها ويبيعون محصولها، أو دكاناً أو محلاً تجارياً صغيراً،. ومن المحتمل أن يكون لهم أكثر من مصدر واحد للدخل نتيجة لعمل عدد من أفراد الأسرة أو تشغيل سيارة أو شاحنة. وهم أصحاء الأجساد على العموم، وقد يبلغ بعضهم مرحلة التعليم الجامعي، ويتناولون اللحم أو الدجاج باعتدال، ويتمتعون بتأمين صحي بسيط.

فايز الصياغ: مشاهد وصور من عالم الفقر والفقراء
 
28-Feb-2008
 
العدد 15