العدد 3 - أردني | ||||||||||||||
اكتسح رأس المال صناديق الاقتراع في الأردن حاملا أثرياء جدد إلى مجلس النواب إلى جانب عشائريين ومستقلين مقربين من السلطة، بينما انحسرت مساحة هيمنة الإسلاميين من 17 إلى سبعة مقاعد من 110 في بلد تتآكل فيه مداخيل الناس وتتسع جيوب فقره. جبهة العمل الإسلامي، التي رشّحت 22 من أعضائها، اتهمت الحكومة “بالتواطوء” مع حالات تزوير و”شراء أصوات”. لكنّها بقيت في السباق حتى إغلاق الصناديق مساء الثلاثاء، بخلاف قرار مقاطعة الانتخابات البلدية الذي اتخذته منتصف يوم الاقتراع أواخر تموز/يوليو بعد أن اعترضت على “تجاوزات حكومية”. على أن وزير الداخلية عيد الفايز نفى أمس تهم الإسلاميين مؤكدا أن “التشريعية” مرّت “بنزاهة” باستثناء بعض التجاوزات. وأكد الفايز إلقاء القبض على مشتبه بهم بالتورط في “محاولة إفساد الذمم” في إشارة إلى حالات بيع وشراء أصوات. قبل ساعات من إقفال الصناديق تحوّلت ساحات مراكز الاقتراع من إربد إلى العقبة إلى ما يشبه “البورصة”، بوصول مئات الناخبين على متن حافلات خصّصها لهم أعوان مرشحين، غالبيتهم من أصحاب المحافظ المنفوخة. ورصدت وسائل إعلام، حتى وكالة الأنباء الرسمية (بترا)، صفقات “شراء وبيع” أصوات على الرصيف بدءا من 20 دينارا (28 دولارا) في المناطق الفقيرة صعودا إلى 200 دينار (280 دولارا). نقل أفواج الناخبين من دائرة إلى دائرة أحدث حالة من عدم التجانس. إذ ظهرت مئات المحجبّات في مواقع تقطنها غالبية مسيحية مثل الفحيص (محافظة البلقاء). الشرطة النسائية، التي انتشرت بكثافة في إطار خطة طوارئ أمنية قوامها 42 ألف عنصر، فرضت على السيدات رفع خمارهن، وذلك للتأكد من ملامح الناخبة ومقارنتها مع هويتها الشخصية. يشكّل المسيحيون أقل من 5 % من عدد السكان ويخصّص لهم القانون تسعة مقاعد ضمن «كوتا» ثابتة. ونشط عشرات الوسطاء في حشد آلاف الناخبين في المناطق الفقيرة لا سيما مخيمات اللاجئين الفلسطينيين الملحقة بدوائرهم الانتخابية. تجلّى نقل الأصوات في انخفاض نسب الإقبال في الدوائر التي تضم مخيمات مقابل ارتفاع نسب الإقبال في المدن والقرى المتجانسة لا سيما دوائر البدو. يصل التناقض في الإقبال بين 40 إلى 80 %. رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري والوزير الأسبق ممدوح العبّادي، الذي احتفظ بمقعده في المجلس النيابي، يريان أن نسبة إقبال سكان المخيمات كانت دائما منخفضة. وتحدث المصري عن «تبادل المنافع» والبحث عن المال. مصادر داخل المخيمات أوضحت أن سكانها «يشعرون أنهم ليسوا جزءا من اللعبة السياسية أو النيابية وبالتالي يستنكفون». يضم الأردن 14 مخيما كما تؤوي في الإجمال مليونا و700 ألف لاجئ أي 41 % من فلسطينيي الشتات منذ عام 1948 . النائب السابق فلك الجمعاني دخلت كتب التاريخ كأول أردنية تفوز بمقعد نيابي بالتنافس الحر بعيدا عن الكوتا. وينتظر فوز ست نساء بموجب حصص خصصت للمرأة عام 2003، ليرتفع إلى 7 عدد النساء أعضاء المجلس النيابي. كانت توجان فيصل أول أردنية تدخل النيابة عام 1993 لكن على كوتا الشيشان والشركس. بخلاف التوقعات الأولية وصل معدل الإقبال إلى 55 %- بانخفاض 3 % عن الانتخابات السابقة عام 2003- ممن يحق لهم الاقتراع في اللوائح المسجلّة وهم بحدود مليونين ونصف المليون، أي نصف عدد الأردنيين تقريبا. المحلل السياسي فهد خيطان يرى أن المال كان أبرز عامل وراء تحريك المشهد الانتخابي. الخبير الاقتصادي يوسف منصور يرجع اكتساح الأثرياء إلى «شلل الحياة الحزبية» وفي ضوء «تحقيق معدلات نمو مرتفعة غير متوازنة ما أدى إلى تضخم أرصدة الأثرياء وتفاقم فقر الفقراء». ففي غياب الهياكل والبرامج الحزبية يلجأ الأثرياء إلى «المال الوفير» لكسب أصوات الفقراء. ويطمح المرشح أيضا بحصد منافع مالية تصل إلى 550 ألف دينار (750 ألف دولار). إذ ينفرد الأردن بمنح النائب راتبا تقاعديا يفوق 2000 دولار شهريا فضلا عن مزايا تفضيلية وإعفاءات جمركية. وهكذا، يضيف منصور، إذا صرف المرشح/النائب أقل من 750 ألف دولار يكون في خانة اربح. تشير تقديرات مستقلة إلى أن المرشحين ال 900 أنفقوا زهاء 150 مليون دولار على حملاتهم الانتخابية ما ساهم في تحريك مختلف القطاعات الاقتصادية. |
|
|||||||||||||