العدد 15 - علوم وتكنولوجيا
 

مهند ناجي

مع تزايد تعقيد التطبيقات «الملقاة على عاتق الكمبيوتر»، حاولت الشركات المصنعة للمعالجات الاستمرار في زيادة سرعة معالجاتها للتماشي مع هذا التعقيد الذي يحتاج إلى سرعة تنفيذ عالية، لكنها اصطدمت بالعديدa من المعوقات التي تتعلق بالحرارة الناتجة عن السرعات العالية جدا والزيادة في حجم المعالج بالإضافة إلى زيادة التعقيد، لذا وجدت نفسها مضطرة إلى البحث عن حل آخر، كتركيب معالجين مستقلين على اللوحة الأساسية، ولكن هذا الحل أيضا يترافق مع زيادة كبيرة في السعر لأنه يتطلب نوعيات خاصة من اللوحات الأساسية، لذا اتجه مهندسو الكمبيوتر إلى منهجية أخرى، وهي دمج وحدتي معالجة مركزية «CPU» على شريحة واحدة وتخصيص موارد مستقلة لكل من هاتين النواتين، أي أن المعالج أصبح بقدرة معالجة مزدوجة ولكن مع مقبس واحد على اللوحة الأساسية، ومع سعر أقل من السعر الذي يتطلبه اقتناء معالجين مستقلين، هذا النوع من المعالجات يعرف بالمعالجات ثنائية النواة.

في حالة المعالجات وحيدة النواة، عندما يتم تشغيل عدة برامج على الكمبيوتر سيكون على المعالج تنفيذ سيل من التعليمات من تلك البرامج، وسيؤدي ذلك إلى زمن كبير لتنفيذ التعليمات نتيجة لحجم التعليمات الكبير، كما سيؤدي إلى ضياع في الزمن لأن المعالج سيحتاج إلى التنقل بين التعليمات الخاصة بكل من البرامج لتنفيذها، وذلك لضمان الاستمرار في تنفيذ جميع البرامج في وقت واحد، ولكن عندما يكون المعالج ثنائي النواة تكون عملية السيطرة على سيل التعليمات أكثر سهولة وسرعة، لأن حاجة المعالج إلى التنقل بين تعليمات البرامج المختلفة ستقل، كما أن كمية التعليمات التي يتوجب على كل وحدة معالجة تنفيذها ستصبح أقل.

على الصعيد المعماري، يسمح تصميم المعالج متعدد النواة بدمج معالجين أو أكثر على شريحة واحدة توضع مباشرة على مقبس واحد. لكن نظام التشغيل يرى هذه الشريحة على أنها معالجين. وترتكز الفكرة الجوهرية وراء تطبيق هذه المعمارية على استراتيجية «فرق تسد». بكلمات أخرى إذا استطعنا تقسيم العمليات المطلوب معالجتها على معالجين مثلا، فإن كل معالج سيستطيع إنجاز عملياته بوقت أقل وبالتالي يستطيع المعالجين إنجاز ضعف العمل الذي يستطيعه معالج واحد. هذا الأسلوب يسمى الموازاة على مستوى المسارات «Thread-level parallelism» أو TLP. ويستطيع المعالج المزود بتقنية TLP تنفيذ عدة مسارات مختلفة كليا من الشيفرة، إذ يمكن ان يكون أحد المسارات خاصا بتطبيق ما بينما يكون المسار الثاني مخصصا لعمليات نظام التشغيل.

ويكون الاستثمار الأفضل للمعالجات ذات النوى المزدوجة من خلال نظام التشغيل ومن خلال تطبيقات الكمبيوتر نفسها، فهذه التطبيقات يجب أن تدعم تقنية «TLP» ليتم تنفيذها على عدة مسارات، وتحتوي جميع أنظمة التشغيل المتوافرة حاليا على قطعة برمجية خاصة تسمى مجدول المهام «Task Schedule»، حيث يقوم مجدول المهام هذا بتوزيع التعليمات الخاصة بالبرامج العاملة على الكمبيوتر واللازم تنفيذها في كل لحظة على المعالج. وحتى إن لم يكن التطبيق يدعم المسالك المتعددة، ستكون هنالك إمكانية للاستفادة من المعالجة ثنائية النواة إذا كان نظام التشغيل يدعم «TLP»، فمثلا إذا كنت تستخدم نظام تشغيل ويندوز إكس بي وكان برنامج الحماية من الفيروسات يعمل في الخلفية بينما تقوم بالاستماع إلى محطتك الإذاعية المفضلة عبر الإنترنت، فإن معالجك ثنائي النواة سينفذ التعليمات الخاصة بالبرنامجين وسيعطي أداء أفضل بكثير من المعالج أحادي النواة.

وقد أصبحت معظم البرامج في أيامنا هذه تدعم تقنية المسارات المتعددة «multithread» وبخاصة برامج الوسائط المتعددة مثل تلك التي تستخدم لإنشاء الأفلام وإنتاج الموسيقى والرسوم البيانية المتقدمة.

إنتل في مواجهة AMD

كما هو معلوم، تتنـــافس كــل من إنتــل وAMD على سوق المعالجات منذ وقت طويل، حيث يواجه معالج إنتل كور 2 ديو Intel Core 2 Duo منافسه AMD AM2. فبالنسبة للتصاميم التي اعتمدتها كل من إنتل وAMD في بنائها للمعالجات ثنائية النواة، انتهجت إنتل في تصميمها للمعالجات ثنائية النواة خطا مختلفا عن AMD، فقد اعتمدت AMD على تصنيع كل نواة معالجة بحيث تكون قادرة على الاتصال مباشرة بالنواة الأخرى، أما إنتل فقد قامت بوضع معالجين على شريحة واحدة، وعلى هاتين النواتين استخدام مسارات اللوحة الأم عند الاتصال مع بعضهما البعض، مما شكل ذلك نقطة ضعف كبيرة في التصميم الذي اعتمدته إنتل حيث يحتاج الاتصال فيما بين نواتي إنتل الى وقت أطول من نواتي AMD.

بالنسبة للناقل الأمامي للمعالج «Front-side bus»، لم تغير إنتل سرعة الناقل الأمامي الذي يصل بين المعالج واللوحة الرئيسية عندما انتقلت إلى المعالجات ثنائية النواة، أي أن سرعة المعالجة تضاعفت إلا أن عرض الحزمة المستخدمة لتبادل البيانات بين المعالج واللوحة الرئيسية بقي على حاله، مما يشكل نقطة اختناق تحول دون الاستفادة المطلقة من المعالجات المدمجة. وللإلتفاف على هذه المعضلة، حرصت إنتل على استخدام نظام ذاكرة عالي السرعة لتزويد نوى المعالج دائما بالبيانات اللازمة كما يضم هذا المعالج دعما لتقنية «Speed Step» التي تخفض سرعة المعالج عند تراجع الحمل، وبذلك تقلص استهلاك الطاقة وبالتالي توليد الحرارة أيضا. في الجهة المقابلة لم تستخدم AMD الناقل الأمامي للمعالج بالأسلوب الذي استخدمته إنتل، وإنما استخدمت تقنية النقل الفائق «HyperTransport» للاتصال بين نوى المعالجة واللوحة الأساسية، كما قامت بنقل منظم الذاكرة «Memory Controller» إلى نواة المعالجة نفسها مما أسهم بالاستفادة المطلقة من النواتين.

Core 2 Quad

بدأت شركة إنتل في إصدار معالجها الجديد «Core 2 Quad» الذي يحتوي على أربع أنوية بدلاً من نواتين حيث يحتوي المعالج الجديد على شريحتين مدمجتين تحتوي كل منها على نواتين مما يوفر ضعف المعالجة التي يوفرها المعالج الحالي ذي النواتين.

جدير بالذكر بأن إنتل قد أسقطت العلامة التجارية «Pentium» لصالح العلامة «Core» بهدف إنعاش خط إنتاج المعالجات الذي يعتبر أهم خطوط الإنتاج في إنتل.

lمعالجات متعددة الأنوية: قوة أداء مضاعفة في شريحة صغيرة
 
28-Feb-2008
 
العدد 15