العدد 15 - رزنامه | ||||||||||||||
السّجل – خاص وحدها الموسيقى، لغة العالم، حضرت في الحفل الذي أحيته فرقة "تلاقي" بتنظيم من جمعية خريجي الجامعات والمعاهد الألمانية في الأردن، بالتعاون مع المعهد الثقافي الألماني "غوته" على مسرح مركز تراسنطة الثقافي. ومنذ البداية، استحوذ النغم المتصاعد من آلات العازفين الستة بانسجامٍ مبدع على أسماع الجمهور، وافتتحت الفرقة التي قدمت مقطوعات لمؤلفين أردنيين وعرب، أمسيتها بمقطوعة "خواطر" للموسيقي العراقي محمد عثمان صديق، وفيها تصاعد الفلوت (عزف نور التاجي) مختطَّاً لنفسه مساراً خلال المعزوفة ففرض حضوره الخاص دون تنافر مع الانسيابية العامة للنغمة. واستهلت المقطوعة الثانية "لونغا نهاوند" للعراقي ألفريد جميل بتلاقح جميل بين الكمان (عزف عبيدة ماضي) والبيانو (عزف إلياس درزي)، ثم بدأ الدخول المتدرج للقانون (عزف رولا برغوتي) عابراً مساحات الحلم والتأمل وحافزاً الجمهور للعبور معه عبر خلق حالة وجدانية متأتية من شجا النغم وشجنه. أما في مقطوعة "سماعي نوا أثر" للأردني جميل عويس، فحضر البيانو والكمان والقانون معاً، وفيما بدت الآلتان الوتريتان منسجمتَين بطبقة صوت ذات مستوى واحد، كان البيانو يعلو حيناً بطبقة تكسر الرتابة بشكل آسر، ثم يبدأ بالخفوت حتى يصل طبقة صوت خفيضة، تلاحقه الأسماع التي تظل معلّقة كذلك بالنغم الوتري. وإلى أجواء أكثر حركة وإبهاجاً، نقلت الفرقة الجمهورَ عبر عزفها المقطوعة الرابعة "منديرا حجاز"، ولطبيعة هذه المقطوعة ذات الإيقاع الصاخب حضر الدفّ بقوة، ثم توالى الصعود والهبوط للنغم المتسارع تارة والمتباطئ تارة أخرى مؤشراً على حالة درامية موسيقية اختتمت بإفراد مساحة للدف كشف فيها "معن السيد" عن مهارةٍ فائقة في متابعة الإيقاع منفرداً مع آلته، دون أن يُحدث ذلك بتراً أو اختلالاً بالمقطوعة. ومن أجواء الحي الشعبي المصري، قدمت الفرقة مقطوعة "على بلدي المحبوب" للموسيقار محمد عبد الوهاب، وفيها حضر صوت العود (فراس صوالحة) مع إيقاع خفيض على الدف، ثم تبادل العود والدف طبقات الصوت بين علوّ وانخفاض ثم بدأ الدخول الحذر للكمان والفلوت. وفي المقطوعة السادسة "يا نسيم الروح" لمارسيل خليفة، شدت عازفة الكمان عبيدة ماضي بكلمات الأغنية بصوت دافئ وشجيّ، ساعدها في إبراز طبقات صوتها انخفاضُ أصوات الآلات الموسيقية المصاحبة للأغنية الوحيدة في هذا الحفل. واعتمدت المقطوعة السابعة "لونغا البوبول" للأردني عامر ماضي على تقاسيم الكمان والعود والبيانو، حيث تناوبت الآلات الثلاث الأدوارَ في ظلِّ رتم بطيء فيه شيء من الشجن يستدعي مخزون الذاكرة ويحثّ على التأمل والذهاب إلى المتخيَّل البعيد. وتواصلت حركة الإيقاع البطيء في المقطوعة الثامنة "كيشلر" للأرميني شمسي كاريموف، وفي المقطوعة التاسعة "بين بين" للأردني طارق الجندي. وبعد حالة من الوجد والحنين عاشها الجمهور، انتقلت الفرقة بمهارة ج إلى عوالم أخرى، حيث نبض الحياة والفرح والانطلاق عبر مقطوعة "أم سعد" للعراقي منير بشير. التنوع والثراء في المقطوعات المؤدّاة بإتقان وإحساس من قبل العازفين الذين اعتمدوا تجاور الآلات الشرقية والغربية وتلاقيها، أشَّرَ على ولادة فرقة أردنية جادة تختطّ طريقها إلى الاحتراف، وسيتم استضافة الفرقة، بحسب مديرها د.رامي حداد، في فرنسا بعد أن تم اختيارها في "المسابقة الدولية لطلبة الجامعات والكليات في فرنسا". |
|
|||||||||||||