العدد 15 - بورتريه
 

خالد ابو الخير

من يراها تأسره من الوهلة الأولى بدفء شخصيتها، ويتعين على الذين يبحثون عن الهفوات، أن يضيفوا إليها إنسانيتها الظاهرة للعيان.

عمانية المولد، في هوى أحيائها القديمة تدرجت في مدارج الطفولة والصبا والأحلام الأولى، تلك التي نسير وتسير فينا..

مجتهدة في عملها تسعى بموقعها الجديد للتعامل مع واقع جسيم، آلت على نفسها أن تجد حلاً لفئات ضعيفة « فقراء، أصحاب احتياجات خاصة، ومكفوفين» وهي أبداً تنحاز للإنسان.

حين تسأل عن سلبيات وزيرة التنمية الاجتماعية، هالة لطوف بسيسو، تصدم بأن الكثيرين يرون أن أكبرها «ضعفها الإنساني وعاطفتها القوية»، وكأن على الوزير أن يتجرد من إنسانيته، ويصير كائناً لا تتسلل الطيبة من يمينه أو شماله أو بين بين.

لكنها بين بين، سياسياً. فرغم أنها تحسب طوراً على الليبراليين الجدد، تحسب في طور آخر خارجهم.

خصومها يرون أنها تولي تقارير التنمية الغربية جل اهتمامها، ولا تلتفت إلى الخصوصية المحلية. ويضيفون أنها جاءت الى الوزارة وفي حقيبتها «أجندة تغيير قانون الجمعيات». ويحلو لهم أن يغمزوا من قناة ضعفها السياسي.

على الضفة الاخرى، تبدو الصورة مختلفة، إذ يصفها مقرب بأنها «منظمة جداً، دقيقة، تركز في عملها على احترام إنسانية الإنسان، وحين تزور الأطفال في مراكز الأيتام تنسى نفسها». ويؤكد آخر «بمنتهى الدماثة وصارمة مهنياً في آن، ديمقراطية بطبعها، تحب أن تستشير مع احتفاظها بحقها في القرار.. لا تحب أن تتحدث عن شيء لم تفعله بعد، وسياستها العمل أولاً ومن ثم الكلام».

«أم سفيان»، اللقب الأحب الى قلبها، أنهت دراستها الثانوية في المدرسة الأهلية للبنات«CMS» التي اشتهرت في عقدي الخمسينات والستينات أغنية شعبية عنها كانت تردد في الأعراس تقول" يا بنات الـ "CMS يلي كلكن عرايس".

بعد حصولها على التوجيهي التحقت بالجامعة الأردنية التي تخرجت منها في العام 1987 ببكالوريوس في الاقتصاد والإحصاءات التطبيقية وبتقدير امتياز، حصلت بموجبه على منحة من جامعتها لدراسة الماجستير في المحاسبة والمالية في جامعة لندن وتخرجت منها العام 1990.

وتعود الى عمان بشوق يسبقه حنينها إلى مقاعد الدرس، ورفيقات المدرسة الأهلية، وبضع تذكارات ورؤى ومشاوير وأشياء صغيرة.

سرعان ما انغمست في عملها كمحللة مالية في وزارة المالية، انتقلت بعدها للعمل في البنك العربي في إدارة الفروع الدولية سنة 90-1991 قبل أن تتوجه للعمل في المعهد الطبي الدولي في جورجيا في الولايات المتحدة 91-1993.

في تلك المرحلة ارتبطت برفيق عمرها رجل الأعمال المهندس جمال لطوف، ومع قدوم أول الأولاد تحولت شيئاً فشيئاً الى ربة أسرة، دون أن تتخلى عن طموحها الكبير ورسالتها.

مدخلها للعمل العام كان عن طريق التنمية، فقد عملت في البنك الدولي كمنسقة مشروع بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار الأردنية 95-1997 قبل أن تترأس إحدى الفرق في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الأردن 1997-2002. عن هذه المرحلة تقول شخصية أكاديمية عرفتها " كانت تركز على أن ما يقدم من معونات من الأمم المتحدة يجب أن توجه لبرامج مكافحة الفقر والبطالة وأن تنفق في وجوه سليمة".

في الفترة بين 2002-2005 عادت للعمل مع الحكومة الأردنية، وتولت منصب الأمين العام لوزارة التخطيط و التعاون الدولي، والأمين العام لوزارة التنمية الإدارية - وحدة تطوير القطاع العام، قبل أن تتولى منصب مستشار لشؤون تطوير القطاع العام .

قبل التحاقها بالعمل كمديرة لمكتب الملكة رانيا العبد الله منذ أيار2007، ترأست مشروع ورلد لينكس للمنطقة العربيةمنذ 2005، وشاركت في عضوية مجالس إدارات مجموعة من المؤسسات مثل بنك الإنماء الصناعي وشركة الاتصالات الأردنية والمجلس الوطني للسياحة واللجنة التنفيذية للمجلس الأعلى للتدريب المهني والتقني، كما شاركت في مجلس أمناء مؤسسة نهر الأردن، والمجمع الملكي للفنون الجميلة، وعملت كنائب لرئيس مجلس إدارة البريد الأردني.

بدأت سيرتها كوزيرة تنمية اجتماعية بإعلان الحرب على مراكز ذوي الاحتياجات الخاصة التي لا تؤدي الدور المنوط بها، وسجل لها أنها أول وزيرة دعت وزراء التنمية السابقين الى لقاء، للتعرف منهم على المشاكل التي واجهتهم وكيفية تذليلها، مع إصرارها على أن وزراء التنمية، خلافا لغيرهم، لا تنتهي مسؤولياتهم بمغادرة المنصب.

ينسب اليها التنويع في افتتاح مراكز الأحداث ومتابعتها متابعة حثيثة، والتركيز على مكافحة الفقر عن طريق اطلاق المشاريع الإنتاجية للتخفيف من المعونات المتكررة وغير المجدية.

مثقفة، مطلة على الأحداث، ومتوقدة الذهن. يصفها مقرب آخر، ويسرد أنها أنيقة دون تطرف، "من يمضون وقتاً في تأملها يخدعون أنفسهم، فالنظرة الصائبة تتجاوز الخارج إلى أعماقها".

يبقى أن ننتظر كيف ستتعامل هالة لطوف بسيسو، التي عرفت إبان عملها في الأمم المتحدة بصرامتها المنهجية، واعتبارها أن معالجة القضايا الاجتماعية متروكة لقضايا السوق، ولا شأن للدولة بها، وهي منطلقات تزيد من الفوارق بين الطبقات، وبالتالي الفقر والبطالة.. وهي في الموقع الأول لمحاربتها.

السطر الاخير: أيتعين حين نلحظ انحيازها للبسطاء أن ننسى أن من كتب "الأشجار تموت واقفة" و"ثورة الزنج".. عمها!

هالة لطوف بسيسو: كفاءة اكاديمية وخبرة ادارية على المحك
 
28-Feb-2008
 
العدد 15