علاء طوالبة

"مدرسة لم ينجح فيها أحد"، عبارة تختزل انعكاسات الواقع التعليمي وإسقاطاته على طلبة مدارس حكومية في مناطق متعددة، يصفها أولياء أمور طلبة بأنها «معزولة عن سياق الوطن».

إلا أن الإخفاق التام لم يقترب من مدارس البنات، اللواتي يحققن بالعادة مراكز متقدمة.

في نتائج الثانوية العامة للدورة الشتوية التي أعلنت أخيراً، «رسبت» أربع شعب دراسية كاملة في مدارس ذكورية في لواء الرمثا هي: مصعب، والطرّة، وعمراوة, والبويضة الثانوية. توزعت حالات الرسوب على شعبتين في الفرع الأدبي ومثلهما في التعليم المهني.

ويقول عالم الاجتماع د. حسين الخزاعي، إن الإناث أكثر جدية وحرصاً من الذكور في الالتزام بالدراسة، فهناك إحساس لدى الشاب بأن التعليم غير مجد، وأن الأعباء المالية لبعض الأسر ملقاة على عاتقه، وبذا فهو يجنح نحو العمل المبكر.

ويشير الخزاعي، إلى إن وسائل اللهو والانحراف تتوافر أكثر لدى الذكور، لافتاً إلى دور العامل الاقتصادي في دفع الطلبة نحو التسرب المدرسي.

مدير تربية وتعليم لواء الرمثا، أحمد الزعبي، يرفض التعليق على تدني النسب العامة للنجاح في اللواء، معتبراً أن تصريحات سابقة له أخرجت من سياقها. وكانت يومية «الدستور» نقلت عن الزعبي قوله «إن نسبة النجاح في مدارس الرمثا لم تتجاوز 27,4 بالمئة في الفروع كافة: 14,98 بالمئة للذكور و39,1 بالمئة للإناث. وحققت مدرسة بنات عمراوة الثانوية أعلى نسبة نجاح 61,5 بالمئة».

يُعزى الراسبون تراجع التحصيل العلمي في مدارسهم إلى «إهمال الطلبة أنفسهم، وتأخر تسليم المناهج المقررة إلى الطلبة في موعدها المحدد، فضلاً عن سوء الإدارة التربوية، وضعف التأسيس للطلبة في بعض المناهج الدراسية علاوة على رداءة المرافق المدرسية».

معاوية الغور من الطرّة الثانوية يقول: «إن كتب الجغرافيا، والتاريخ والثقافة العامة تأخر تسليمها إلى الطلبة شهراً ونصف الشهر ما راكم دراسة المواد مع أن الطلبة قدموا شكاوى متلاحقة لمديرية التربية». ويستذكر الطالب الذي لم يحالفه الحظ كيف كان يمضي «أكثر من عشر ساعات يومياً في الدراسة للحاق بالمساقات المتأخرة». كذلك يتحدث عن «صعوبة في الامتحانات النهائية، وعدم توفير أسئلة نموذجية قبل الامتحانات، كما أن مديرية التربية لم تبد جدية في متابعة احتياجات الطلبة».

الطالب عدي الحناوي، يعزو فشله الدراسي إلى كون «المناهج جديدة وتدرس للمرة الأولى، فضلاً عن أن عدداً من الوحدات الدراسية في بعض المقررات ليست متخصصة». ويرفض الحناوي لوم المعلمين معتبراً أن أداءهم كان «جيدا لكن المشكلة تكمن في الطلبة أنفسهم».

على أن احد أولياء الأمور محمد الزعبي، يتهم المعلمين بأنهم لم يكونوا "ملتزمين بالدوام" لافتاً إلى أن الأهالي يضطرون لإرسال "أبنائهم إلى المعاهد لتلقي دروس خصوصية في معظم المواد الدراسية".

يرفض معلم، فضّل عدم ذكر اسمه، اتهامات أولياء أمور الطلبة مشدداً على "التزام المعلمين وحرصهم على أداء واجبهم على أكمل وجه"، ثم ألقى باللائمة على "الطلبة وعدم جديتهم في الدراسة والتحصيل".

يشاركه في الرأي الطالب أمجد الزعبي، الذي يعتبر أن التقصير "جاء من الطلبة وليس من المعلم أو المدرسة، إلى جانب عدم توافر الأجواء النفسية والمالية الجيدة للدراسة البيتية لعدد كبير من الطلبة". لكن الزعبي لا ينفي "أن بعض المعلمين يفتقرون إلى الأسلوب التدريسي الناجع والقدرة على إيصال المعلومات إلى الطلبة بشكل يسير».

ويلقي الطالب علاء بديوي، بالمسؤولية على «طرق التدريس المتبعة لدى المعلمين، فضلاً عن عدم التزامهم بالدوام والتدريس، إذ يحتكم الطلبة إلى مزاج المعلمين في جدية التدريس في بعض الأحيان».

أما الطالب معاذ حفناوي، فيقر بأنه «لم يعط المناهج المقررة حقها في الدراسة»، معتبرا أن «إهمال الطلبة في الدراسة كان السبب الأول في هبوط مستويات التحصيل إلى هذا الحد».

ويقر أولياء أمور طلبة، من بينهم حمدان الزعبي وخالد عطية «بانعدام التواصل مع إدارات المدارس، إذ لم يلتقوا بالمعلمين والإدارات منذ بداية العام الدراسي»، رغم تلقيهم دعوات لذلك.

أكدت هذه المعلومة مصادر في مديرية تربية الرمثا.

الطالب يزن الشرع يتحدث عن عامل سلبي جديد. إذ يقول «إن الأجواء داخل قاعات الامتحان النهائي لم تكن مريحة»، معتبراً أن تغيير المراقبين «يحدث إرباكاً ويشتت تركيز الطلبة».

ظاهرة «مدارس لم ينجح بها أحد» تكررت خلال السنوات الماضية لا سيما في الكرك، ولواء دير علا بالأغوار. إلا أن اللواء حقق نسبة نجاح 50 بالمئة هذا العام.

عدد الطلبة الذين تقدموا فعلياً للامتحانات الشتوية في الفروع الأكاديمية، والمهنية بلغ 109222 طالباً وطالبة من أصل 123104 مشتركين.