العدد 14 - أردني
 

حسين أبورمّان

"المنع دون بيان الأسباب"، شمل في الآونة الأخيرة إقامة ندوات كانت مراكز دراسات أردنية تعتزم تنظيمها، كما حدث مع "مركز الأردن الجديد للدراسات" و"مركز القدس للدراسات السياسية"، ما يشير إلى أن منع إقامة أنشطة عامة، لم يعد يقتصر كما درجت العادة، على أنشطة الأحزاب السياسية والنقابات المهنية.

السلطة المختصة، ويمثلها المحافظ أو المتصرف أو مدير القضاء، تستند في قرارها إجازة تنظيم اجتماع عام من عدمه، إلى قانون الاجتماعات العامة رقم 7 لسنة 2004، الذي حل محل قانون سابق للاجتماعات العامة صدر قبل نصف قرن، إلا أنه يعد أكثر تقدماً وديمقراطية من القانون الجديد.

ويعد الحق في الاجتماع من الحقوق الدستورية الأساسية للمواطنين. المادة 16 من الدستور التي نصّت في فقرتها الأولى على أن "للأردنيين حق الاجتماع ضمن حدود القانون" هي نفسها المادة التي أكّدت في فقرتها الثانية، حق الأردنيين في تأليف الجمعيات والأحزاب السياسية.

هذا التلازم بين الحق في الاجتماع، والحق في تأليف الجمعيات والأحزاب السياسية، لاحظته "الأجندة الوطنية" التي أعدتها لجنة ملكية من مختلف الأطياف والخبرات، لتكون مرجعية وبرنامجاً للدولة الأردنية للسنوات 2006 - 2015.

الأجندة ارتأت أن تيسير عقد الاجتماعات العامة للأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني، يستدعي "إعادة النظر بقانون الاجتماعات العامة وإلغاء الموافقة المسبقة على عقد تلك الاجتماعات، مع كفالة حق السلطة التنفيذية في وضع الإجراءات اللازمة للقيام بواجبها في ضمان الأمن والسكينة في المجتمع".

وكانت الأجندة الوطنية أوصت أيضاً بإصدار قانون لتنظيم العمل السياسي استناداً إلى مواد الدستور الخاصة بحريات الرأي والصحافة، وحق الاجتماع، وبتشكيل الجمعيات والأحزاب السياسية، ومخاطبة السلطات. واقترحت أن يسمى "قانون ممارسة العمل السياسي". وبينت الأجندة أن الاجتماع والتظاهر والاعتصام، وسائل أساسية للتعبير عن الرأي ومخاطبة السلطات. ولذا أكدت وجوب التزام أجهزة الدولة كافة بضمان حرية العمل السياسي وتنظيم النشاط السياسي، بما يكفل حرية الأفراد والمؤسسات التي تقوم به، ولا يتعارض مع النظام العام.

الحاجة إلى تعديل قانون الاجتماعات العامة، أملاها التشدد في صياغة القانون الذي صدر كقانون مؤقت في آب/أغسطس 2001، قبل أن يقر كقانون دائم في نيسان/أبريل 2004.

ويعود توسع السلطات في فرض قيود على الحريات العامة، إلى ميلها المبالغ به في أحيان كثيرة، نحو منح أولوية قصوى للجوانب الأمنية، دون مراعاة التوازن المطلوب للحفاظ على معادلة "الأمن والحقوق معاً".

الأردنيون الذين خبروا نعم الأمن في محيط إقليمي ملتهب، حريصون على أمن بلدهم واستقراره، لكنهم حريصون في الوقت نفسه على ممارسة حقوقهم وحرياتهم الدستورية. وتجارب الأردن في العقود الأخيرة تؤكد أن هذه المعادلة ممكنة، ويعززها أن بلادنا لا تعاني من وجود قوى معارضة تعمل من خارج الحدود. فالجميع ينضوي تحت المظلة نفسها، مظلة الدستور ونظام الحكم النيابي الملكي.

قانون الاجتماعات العامة القديم لسنة 1953، والذي كان أقرب إلى الروحية الديمقراطية في الدستور الأردني الصادر عام 1952، كان يكتفي بشرط "إعطاء إشعار قبل 48 ساعة" من أجل عقد اجتماع.

فيما اشترط القانون الجديد لعقد اجتماع عام أو تنظيم مسيرة الحصول على "موافقة خطية مسبقة" من الحاكم الإداري المختص على أن يقدم الطلب قبل الموعد لإجراء أي منهما بثلاثة أيام على الأقل. علاوة على أن الحاكم الإداري ليس ملزماً بالرد على الطلب قبل أكثر من 48 ساعة من الموعد المحدد للنشاط.

القانون الجديد رفع أيضاً سقف العقوبات من 20 ديناراً إلى ألف دينار، أو الحبس من شهرين إلى 3 أشهر، مع جواز الجمع بين العقوبتين..

في ضوء تكرار حظر أنشطة “فكرية”: الموافقة الخطية المسبقة تكبح تطوير قانون الاجتماعات
 
21-Feb-2008
 
العدد 14