العدد 14 - اقتصادي
 

السّجل - خاص

تختلف تقديرات خبراء اتصالات حول الإيرادات المالية المتوقع أن تجنيها الخزينة بعد ترخيص جيل الخليوي الثالث، فبينما يقدّرها خبراء ب مليار دولار يرى آخرون أن الفرصة ضاعت لتحصيل مثل هذه المبالغ بسبب تأخر طرح هذه الخدمة لسنوات.

تثار هذه المسألة بالتزامن مع دعوة اللجنة الاقتصادية والمالية في مجلس النواب لشركات الاتصالات الخليوية إلى دعم أسعار غاز المنازل والأعلاف بقيمة 60 مليون دينار. ردت الشركات الأربع بأنها مستعدة لهذا الدعم مقابل الحصول على ترخيص الجيل الثالث، الذي تنشده منذ أشهر.

تلك الدعوة فتحت باب النقاش على مصراعيه حول العوائد التي يحققها المشغلون في القطاع والمسؤولية الاجتماعية لهذه الشركات مقابل مطالبها بتسهيلات رخص ما اصطلح على تسميته بالجيل الثالث (3G).

الجيل الثالث يعد ثورة جديدة في عالم الاتصالات الخليوية، المنتج الأحدث الذي أفضت إليها مسيرة التكنولوجيا خلال ربع قرن، ويمتاز بمضاعفته لمعدل نقل المعلومات مع صور ليصل 2 (ميجا بايت) في الثانية، الأمر الذي سيتيح نقل مواد مرئية بسرعة وبشكل يتيح الاتصال ومشاهدة الطرف الآخر في الاتصال في الوقت ذاته.

رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب خليل عطية يبين أن اللجنة سعت لتحريك الموضوع القابع في أدراج هيئة تنظيم الاتصالات منذ سنوات، بدلا من استثماره لتوفير مئات ملايين الدنانير للخزينة.

عطية يؤكد أن اللجنة لن تهمل الموضوع، وستلتقي خبراء في قطاع الاتصالات ومديري شركات الخليوي للوقوف على حيثيات الموضوع من أجل تحقيق أفضل النتائج للاقتصاد الوطني.

يعيد الحديث عن ترخيص جيل الخليوي الثالث إلى الذاكرة صفقة ترخيص شركة أمنية العام 2004 كثالث مزود لخدمة الاتصال الخليوي في المملكة بقيمة 4 ملايين دينار ليصار إلى بيعها مقابل 290 مليون دينار (415 مليون دولار) بعد عام واحد من الترخيص. تلك الصفقة أثارت في حينه شكوكا بوجود شبهة فساد، إلا أن مجلس النواب السابق استبعد الشبهة كما صدر قرار محكمة في الاتجاه نفسه.

الشركات الأربع في السوق (زين، وموبايلكوم، وأمنية، وأكسبرس) تميل إلى التسريع في الحصول على ترددات هذه الخدمة ل"لارتقاء بمستوى خدماتها"، لكنها في الوقت نفسه تقلل من الرسوم الواجب دفعها للحكومة مقابل الحصول على الترددات، التي قدرها المدير العام السابق لشركة زين محمد صقر ب مليار دولار.

الخبير في قطاع الاتصالات جواد عباسي، يؤكد أن ترخيص الجيل الثالث سيوفر عوائد كبيرة على الخزينة، لكنه يرى أن المشكلة "تكمن في قدرة الهيئة على توفير الترددات وتحديد قيمتها ومقدرة الشركات على تطوير شبكاتها لتصبح قادرة على تقديم هذه الخدمة".

هيئة تنظيم قطاع الاتصالات الجهة الرسمية المسؤولة عن القطاع، تقول على لسان مصدر مسؤول فيها إن "تحديد أسعار الرخص يخضع لمعادلة رئيسية أطرافها خزينة الدولة، والمواطن، والشركات المستثمرة، إذ تدرس حاجة المواطن لهذه الخدمة ومدى سرعة انتشارها، وذلك لضمان حق الخزينة من العوائد وحق المواطن في الحصول على هذه الخدمة بجودة مناسبة مع ضمان الحد الأدنى لنجاح استثمار الشركة".

قيمة الطيف الترددي للجيل الثالث، بحسب المصدر، ستحدد منتصف العام الحالي.

الحكومة تعول على الجيل الثالث لتحقيق وفورات يمكن استخدامها في سد عجز الموازنة، إذ يقدر مسؤولون حكوميون أن هيئة تنظيم قطاع الاتصالات توفر للخزينة حوالي 60 بالمئة من إيرادات 53 مؤسسة مستقلة تقدر ايراداتها العام الحالي بمليار دينار فيما تبلغ نفقاتها 990 مليون دينار، بوفر 10 ملايين دينار.

تنتظر الشركات التعليمات الحكومية التي سيتم بموجبها ترخيص وبيع ترددات الجيل الثالث، سواء للمشغلين الحاليين او الجدد.

خبيرة قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المهندسة منى نجم -الرئيس السابق لهيئة تنظيم قطاع الاتصالات- تحبذ في تصريح لـ«ے» «أن تقوم الهيئة بدراسة وتحليل معمقين للسوق قبل تقديم توصيات واستنتاجات لتحديد العوائد على التنافسية، وكيفية تطبيق هذه التقنية المتقدمة، وعوائدها على المواطن، وتأثيرها على الناتج المحلي الإجمالي (GDP): يتم تحديد قيمة الطيف الترددي".

لكن نجم تستبعد حصول الحكومة على دخل عال جدا في المدى القريب في حال قررت ترخيص تلك الحزم للطيف الترددي. وتستدرك "يستخلص من العرض المالي الذي قدمته إحدى الشركات ب 60 مليون دينار أن قيمة الطيف الترددي لاستخدامات الجيل الثالث أكبر بكثير من الرقم المعروض".

وتقول نجم- التي رخصّت أمنية في أثناء توليها إدارة الهيئة- إن هذا النوع من الاستثمار على المستوى العالمي، "خلق سوقا ضخمة للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لا سيما أن حجم الطلب على الخدمات التي تحتاج سرعات عالية وحزم عريضة بازدياد، ويتوقع أن يصل 3 تريليونات دولار عالمياً في العام 2010".

وتؤكد نجم أن الثورات الاقتصادية الناتجة عن التقدم الكبير في مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، تستوجب إعادة النظر في القرارات المتعلقة بسياسة هذين القطاعين المتكاملين، لضمان استمرارية النمو والاستثمار في الشبكات الخاصة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في العالم.

وفيما يختص بالضرائب، وسياسة التراخيص، تؤكد نجم أهمية تحديدها بناء على قاعدة صلبة تسمح لاستخدامات، بخاصة الإنترنت، لتتطور وتنمو، دون إعاقتها بالتنظيمات التي استخدمت حتى الآن التي ترتبط بكل سوق جغرافياً، وأصبحت بحاجة إلى تحديث.

من جانبه يعتبر صقر أن هذه الترددات ثروة حقيقية ومن أغلى الممتلكات لأي دولة في العصر الحالي، إذ إن ما يدفع مقابل الترخيص لهذه الترددات في دول تتقارب مع الأردن في مستوى دخلها الوطني تقل عن هذه القيمة.

بيد أن هيئة تنظيم قطاع الاتصالات الجهة المسؤولة عن تنظيم القطاع فنياً، ترى أن تحديد أسعار بيع الطيف الترددي للجيل الثالث يحدده واقع السوق وأفضل الممارسات العالمية.

ويؤكد مصدر مسؤول في الهيئة أنها تدرس تجارب الدول المتقدمة للاستفادة من ايجابيات تجاربها، وتجنب السلبيات والمشاكل التي واجهتهم في إدخال إي خدمة.

يتوقع المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه "أن تنتهي الهيئة من الدراسة التي بدأتها مطلع العام الحالي منتصف العام، لتحديد قيمة الطيف الترددي للجيل الثالث". من جانبه، عرض الخبير في قطاع الاتصالات جواد عباسي -الرئيس التنفيذي لمجموعة المرشدون العرب- المنافع الفنية للطيف الترددي للجيل الثالث ومنها حل مشاكل السعات بالنسبة لجودة الصوت في المكالمات، ناهيك عن إمكانيات نقل البيانات التي تتيحها التردّدات من تحميل وتنزيل للبيانات الصوتية والمرئية والبيانية.

ويضيف عباسي إن إتاحة هذا الطيف الترددي للشركات سيعود بمردود مالي كبير على الخزينة، لا سيما أن الشركات تسعى إلى تسريع طرح هذه التردّدات بشكل فعلي ولكنهم ما زالوا بانتظار تحديد القيمة.

بين التوقعات بجني عوائد ضخمة للخزينة من بيع الجيل الثالث وبين شروط المشغلين في السوق، ينتظر المستهلكون دخول هذه التقنية عالية الجودة في بلد يعمل به 3،9 مليون خط خليوي، أي أكثر من نصف عدد سكانه المقدر بخمسة ملايين و800 ألف نسمة. في الأثناء، يترقب الأردنيون تفاصيل العقود والصفقات التي ستقترن بهذه الثروة الوطنية، وفي خلفية المشهد ضياع عشرات الملايين على الخزينة في صفقة أمنية.

**

صفقة أمنية في سطور

حصلت شركة أمنية للاتصالات المتنقلة على ترخيصها في آب أغسطس 2004، لتبدأ نشاطها في 2005، باستثمار أردني كويتي مشترك من خلال مجموعة فؤاد الغانم وأولاده.

بيعت لشركة بتلكو البحرين بقيمة 415 مليون دولار. في واحدة من أكبر 4 صفقات تبرم في قطاع الاتصالات المحلي، في حين لم تتجاوز الرسوم التشغيلية التي تقاضتها الحكومة مقابل الترخيص،4 ملايين دينار.

وكانت شركة اتصالات البحرين «بتلكو» اشترت في حزيران/يونيو 2006 نحو 96 بالمئة من أسهم شركة أمنية بقيمة 415 مليون دولار.

يذكر أن النائب ممدوح العبادي قدم مذكرة نيابية في المجلس النيابي الرابع عشر تساءل فيها عما اذا كانت شركتي اتصالات عرضتا مبلغ 86 مليون دينار للحكومة مقابل منع او تأجيل اصدار الرخصة الثالثة لثلاث سنوات.

في العاشر من كانون ثاني يونيو الماضي أصدر النائب العام الأردني قرارا بالمصادقة على توصية المدعي العام بخصوص ملف قضية ترخيص شركة «أمنية» للهواتف المتنقلة المتضمن «حفظ أوراق الملف لعدم وجود فعل يشكّل جريمة يعاقب عليها القانون».

تردّدات الجيل الثالث.. ثروة للأردن أم إثراء للمستثمرين؟
 
21-Feb-2008
 
العدد 14