العدد 14 - كتاب
 

أحمد النمري

العديد من الفعاليات السياسية والاقتصادية، والاجتماعية الأردنية، داخل دوائر الحكومة وخارجها، تستغرب وتتساءل عن أسباب عدم انعكاس نسب النمو المرتفعة في الناتج المحلي الإجمالي، على تحسن فعلي ملموس في مستويات معيشة المواطنين، بل تراجعه في أحيان أخرى.

وفيما يكتفي اقتصاديو الليبرالية الجديدة في الأردن داخل الحكومة وخارجها، بالتركيز على نسب النمو بأرقامها المطلقة الإجمالية، بوصفها مؤشراً ودليلاً على مصداقية توجهاتهم ونجاحها في تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتطويرها في البلاد، فإننا بعكس ذلك نعتقد أن الاقتصار على الاستشهاد بالنسب المطلقة الإجمالية مضلل في حد ذاته.

خلال السنوات الخمس الماضية أعلن عن نسب نمو كلية بالأسعار الثابتة بلغت 4.2 بالمئة في العام 2003، لتقفز إلى 8.6 بالمئة، في 2004، ولتهبط إلى 7.1، 6.3، و5.8 بالمئة في السنوات 2005، 2006، 2007 على التوالي، دون أن تنعكس نسب النمو على معدلات البطالة الكلية الرسمية تتأرجح حول 14 بالمئة، ونسبة الفقر بحدود15 بالمئة.

الملاحظ من الأرقام الاتجاه الهبوطي في نسب النمو العامة المعلنة بالأسعار الثابتة بعد بلوغها الذروة ومن 8.6 بالمئة في العام 2004 إلى 5.8بالمئة في العام 2007، فيما يرجح أكثر من مؤشر إمكانية استمرار التراجع في العام 2008.

الحكم الصحيح على مسار النمو الحقيقي وجوهره يتطلب ضرورة اجراء تحليل تقييمي للأرقام والنسب العامة لقطاعات الاقتصاد الوطني، لتحديد مدى توازن النمو الكلي المتحقق أو عدمه.

نسبة النمو المتحققة في العام 2007 بحدود 5.8 بالمئة، تحققت من نشاطات اقتصادية خدمية وأقل أهمية، لا سيما أن قطاع الخدمات الشخصية والاجتماعية نما 8.9بالمئة، 6.8 بالمئة لقطاع الخدمات المالية والتأمين، والنسبة نفسها للإنشاءات، فيما نما قطاع منتجي الخدمات الحكومية 6.3 بالمئة، وكانت النسبة الأكثر ارتفاعاً والأكثر سوءاً في مضمونها تتصل ببند «صافي الضرائب على المنتجات» بمعدل 9.4بالمئة، لما لها من أثر سلبي على مستوى معيشة المواطن.

في المقابل، اقتصر النمو في قطاع الصناعة التحويلية الحيوي على نسبة 4.9 بالمئة، وهي نسبة أقل من نسبة النمو العامة، فيما كان النمو سلبياً لقطاعين أساسيين من فروع الاقتصاد الأردني، وهما: الزراعة الذي سجّل نسبة نمو متراجعة 4.9بالمئة، والصناعات الاستخراجية المحوري بنسبة سلبية 1.4 بالمئة.

القراءة التحليلية التفصيلية لنسب النمو تظهر تشوهاً واختلالاً في تركيبة هيكلية الاقتصاد الوطني التي تمنع استفادة شرائح واسعة من المواطنين من النمو المعلن، وبخاصة عندما يترافق مع حدوث نسب تضخم موازية أو تزيد عنه.

أحمد النمري: النمو ومضمونه
 
21-Feb-2008
 
العدد 14