العدد 14 - اقتصادي
 

حسن برواني*

يعود ارتفاع أسعار البترول المفاجئ نهاية الأسبوع الماضي إلى عدة أزمات من بينها الأزمة النفطية التي نشبت أخيراً بين الولايات المتحدة الأميركية وفنزويلا، وكذلك مشاكل إمدادات البترول من نيجيريا.

هذه العوامل ساعدت على ارتفاع أسعار البترول حيث وصل سعر البرميل الواحد في نهاية الأسبوع إلى 96 دولاراً بعد أن كانت في الأسبوع الذي سبقه تتأرجح بين 87و90 دولاراً للبرميل.

اللافت في الأمر، أن منحى الأسعار في هذا الوقت من العام يأخذ اتجاها هبوطياً بسبب اقتراب انتهاء فصل الشتاء وانحسار موجة البرد القارص في معظم دول العالم وانخفاض الطلب على المحروقات وبالتالي هبوط الأسعار.

يتوقع أن ينعكس ارتفاع الأسعار سلباً على العالم العربي لا سيما على الدول غير المنتجة للنفط حيث سيؤدي ذلك إلى ارتفاع فاتورة مستورداتها النفطية وتأثير ذلك على ميزانياتها التي تعاني مسبقا من العجز.

الآثار السلبية للأسعار الملتهبة بدت واضحة وبخاصة في فصل الشتاء الذي يرتفع خلاله استهلاك المشتقات النفطية، الذي لجأ البعض إلى قطع الأشجار وحرق الحطب للتدفئة برغم أثره السلبي على البيئة وحياة المواطنين.

الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز هدد بوقف تصدير النفط الخام الى الولايات المتحدة الاميريكية أكبر مستهلك للنفط في العالم ، رداً على تجميد أرصدة شركة البترول الفنزويلية الحكومية في مختلف أرجاء العالم ، بقرار من محكمة تنظر في دعوى شركة أكسون موبيل الأميركية ضد الشركة الفنزويلية بعد خلافهما حول دور الشركة الأميركية وحصتها في مشروع للنفط الثقيل الفنزويلي وتجميد كراكاس ممتلكات شركة أكسون موبيل في المشروع.

وكذلك، طالب تشافيز باقتطاع نسب من أرباح الشركات الأجنبية العاملة في البلاد في إشارة واضحة إلى الشركات الأميركية كون هذه الشركات تجني أرباحا كبيرة بعد الزيادة الكبيرة الحاصلة في أسعار النفط بخاصة في الأشهر القليلة الماضية.

نيجيريا أيضا اضطرت إلى وقف إنتاج نحو مليون برميل يوميا بسبب العنف السياسي والقبلي المتزايد فيها خصوصا في مناطق انتاج النفط الخام.

الزيادة في الأسعار جاءت رغم تزايد القلق بشأن تباطؤ نمو الاقتصاد الأميركي. فقد أعلن وزير التجارة الاميركي كارلس غواتيريز في مؤتمر صحفي عقده في عمان أخيرا أن اقتصاد بلاده يعاني من تباطؤ في النمو وأن نسبة نموه انخفضت خلال الأشهر الماضية إلى 2.2 بالمائة بعد أن كانت تصل في السنوات السابقة إلى ما بين 2.7 الى 3 بالمائة.

كذلك، جاء ارتفاع الأسعار مغايرا للتوقعات بعد صدور التقرير الشهري لسوق النفط من قبل وكالة الطاقة العالمية التي تقدم النصح ل27 دولة صناعية.

التقرير، أشار إلى نمو الطلب العالمي على البترول بمتوسط 1.67 مليون برميل يومياً، وذلك بانخفاض 310 آلاف برميل يوميا عن تقديرها السابق.

جميع هذه المعطيات تضع منظمة الأقطار المصدرة للبترول «الاوبك» أمام خيار صعب في اجتماعها القادم في فيينا في 5 آذار/ مارس القادم عندما تلتئم لتقرر رفع الإنتاج أو خفضه.

المنظمة غير قادرة على رفع إنتاجها الحالي الذي يصل الى 32 مليون برميل باليوم لتلبية رغبات الولايات المتحدة الأميركية ووكالة الطاقة الدولية ، خوفا من تدهور الأسعار وانعكاس ذلك على اقتصادياتها.

من جهة أخرى، لا تستطيع المنظمة خفض الإنتاج كما تطالب كل من فنزويلا، الأكوادور وإيران، لأن أسعار النفط الخام مرتفعة الى درجة قد تؤدي الى انخفاض الطلب على البترول في ظل القلق العالمي المتزايد من حدوث كساد في الاقتصاد العالمي.

سواء خفضت المنظمة انتاجها أم لا فإن من المتوقع أن تبقى أسعار النفط بمستوياتها الحالية في الفترة القادمة، لأن المشكلة لا تكمن في إمدادات النفط الخام بل في نقص في المحروقات بسبب عدم توافر المصافي الكافية في العالم.

*كاتب وباحث في شؤون البترول

أسعار البترول تقفز مجددا وتؤثر على اقتصاديات عربية
 
21-Feb-2008
 
العدد 14