العدد 14 - استهلاكي
 

السّجل - خاص

تضافرت عدة عوامل حكومية وخاصة أخيراً في تحويل حلم امتلاك «بيت العمر» إلى حلم بعيد المنال في بلد يتجاوز عدد المستأجرين فيه 25 بالمئة من قطاع الإسكان الذي يقدر بمليون ومئتي ألف وحدة سكنية.

تشير الأرقام الرسمية إلى أن 60 ألف مواطن في القطاع العام، على الأقل، بحاجة إلى مساكن، تقدموا لبرنامج التمويل الإسكاني لدى المؤسسة العامة للإسكان والتطوير الحضري، إلاّ أن مستوى الأسعار الحالي يحول دون قدرتهم على امتلاكها.

رئيس جمعية المستثمرين في قطاع الإسكان، زهير العمري، يقول إن «أثمان المساكن وتحديداً الشقق باتت تفوق القدرات الشرائية للمواطنين، وسط مخاوف من اتساع رقعة تلك الظاهرة خلال السنوات المقبلة، ما يعني حرمان شريحة واسعة من المواطنين ذوي الدخول المتوسطة والمحدودة من التملك».

ويقدر مستثمرون حجم الضرائب والرسوم المحصلة بنحو ثلث قيمة العقارات والوحدات السكنية حديثة البناء.

وتعتبر رسوم التسجيل المفروضة عند تثبيت الملكية أول  الضرائب، التي تتقاضاها الحكومة والتي تبلغ  نسبتها 10بالمئة من قيمة العقار، يضاف إليها 16بالمئة على أغلب المواد الإنشائية التي تدخل في البناء والتشييد.

أرهقت كثرة الاقتطاعات والضرائب قطاع الإسكان وثبطت نشاطه، في الوقت الذي تشير فيه إحصاءات إلى تراجع عدد الشقق المباعة من أعضاء الجمعية من 22 ألف شقة العام 2005 إلى 18 ألفاً العام الماضي.

وكانت بيانات رسمية، أكدت أن عدد الشقق المباعة شهدت تراجعاً مقداره 14بالمئة خلال النصف الأول من العام 2007 مقارنة بالفترة ذاتها من العام 2006.

 يعتبر المستثمر في قطاع الإسكان، الدكتور نعمان الهمشري، أن من بين القرارات الحكومية التي زادت الأعباء على المواطنين  قرار إعفاء الشقق التي لا تزيد مساحتها على 120 متراً مربعاً من رسوم التسجيل، مخفضاً الاعفاء الذي كان يشمل الشقق التي لا تزيد مساحتها على 150 متراً مربعاً.

وفي حال زادت مساحة الشقة على 120 متراً مربعاً غير شاملة للخدمات تخضع المساحة الزائدة إلى رسوم تسجيل بنسبة 1 بالمئة من الرسوم المقررة ولغاية 150 متراً مربعاً، أما إذا زادت المساحة على 150 متراً مربعاً فيخضع كامل مساحة المسكن إلى كامل رسوم التسجيل وضريبة بيع العقار.

وعلى الرغم من  تلك العوامل المؤثرة مجتمعة، إلا أن  الإقبال على تسجيل ملكيات الشقق في مديريات الدائرة في العاصمة من المواطنين، أكثر من مثيلاتها في المحافظات، بحسب مصادر في دائرة الأراضي والمساحة.

ويتسم سوق العقار، وفقاً لخبراء، بتأثيره المباشر في تحريك بقية القطاعات الاقتصادية، ونموها، وبخاصة قطاع الإنشاءات الذي يوفر فرص العمل التشغيلية للأيدي العاملة، ويخلق نشاطاً ملحوظاً للخدمات المسانة كافة مثل: تنشيط أسواق الحديد، والإسمنت، والخشب، والزجاج، والألمنيوم، والأدوات الصحية وغيرها، إضافة إلى تطوير قطاعات البنية التحتية والمشاريع الإسكانية والاستثمارية المختلفة.

وأظهرت إحصاءات «الأراضي والمساحة» ارتفاع حجم التداول الإجمالي في قطاع العقار خلال شهر كانون الثاني(يناير) الماضي بنسبة 17بالمئة مقارنة بالفترة نفسها من العام 2007، ليبلغ 426 مليون دينار.

كما واصلت إيرادات دائرة الأراضي نموها، إذ بلغت خلال الشهر الأول من العام الحالي 27.02 مليون دينار.

إلى ذلك، انخفضت قيمة العقارات في مناطق عمان الشرقية والمحافظات 50 بالمئة عن مناطق عمان الغربية التي شهدت اقبالاً متزايداً خلال الأعوام الثلاثة الماضية، الأمر الذي جعل أسعار الأخيرة تفوق قدرات المواطنين الشرائية.

ويرجع خبراء تلك النتيجة في سوق العقار المحلية ، إلى عدة عوامل من أهمها انخفاض أثمان الأراضي في بقية مناطق المملكة وعمان الشرقية.

وتتسم العاصمة بميزة الطلب على المساكن جراء الثقل السكاني الموجود فيها والذي يزيد على 2 مليون نسمة، من أصل 5.5 مليون نسمة.

ويرجع البعض الإقبال على المساكن في العاصمة لعدة أسباب من بينها قربها من المرافق الحيوية، وتوافر فرص العمل بها، فضلاً عن قلة حظوظ المحافظات في التنمية.

يرجع خبراء آخرون انخفاض أثمان الوحدات السكنية خارج العاصمة الى نوعية التشطيبات وبعض التفاصيل التي يطلبها الراغبون في التملك في العاصمة وخصوصاً عمان الغربية مثل: التدفئة واشتراطهم توافر المصاعد وغيرها من أمور تؤدي إلى رفع الكلفة النهائية للبناء، وبالتالي أسعار الشقق.

ويقول أحد المستثمرين في قطاع العقار إن أسعار الشقق السكنية في المحافظات تقل عن مثيلاتها في العاصمة.

ويوضح المستثمر الذي فضل عدم ذكر اسمه، الأسباب التي تقلل من السعر النهائي بانها ترجع إلى الأسعار المعقولة لأثمان الأراضي في المحافظات، لا سيما أن بعض التشطيبات غير مطلوبة من قبل قاطني المحافظات، مثل: التدفئة المركزية، والمصاعد وغيرها». بلغ عدد الشقق السكنية التي بيعت العام الماضي 21 ألف شقة تركز اغلبها في المناطق التابعة لمديرية أراضي شرق عمان بواقع 4400 شقة تلتها مديرية أراضي شمال عمان 4300 شقة، في حين كانت الشقق ضمن مديرية أراضي اربد الأكثر مبيعاً بين المحافظات بواقع 2400 شقة تلتها أراضي العقبة بـ1600 شقة.

يدعو العديد من الخبراء المواطنين، الى التوجه نحو المناطق السكنية غير المكتظة، بعد أن بلغت أسعار الأراضي في المناطق السكنية المزدحمة مستويات قياسية مبالغ فيها نتيجة قلة المساحات المعروضة للبيع.

وقال تقرير «الاستراتيجية الأولى للدراسات» إن قطاع الإنشاءات حقق نمواً حقيقياً ملموساً، هو الأعلى بين القطاعات، بلغت نسبته 11.1بالمئة خلال العام 2006 مقارنة بنمو نسبته 9.0بالمئة خلال العام 2005. أما بالأسعار الجارية، فقد نما هذا القطاع بنسبة 13.1بالمئة مقابل نموه بنسبة 10.6بالمئة خلال العام 2005. ويظهر ذلك نمواً منخفضاً لهذا القطاع بنسبة 1.8بالمئة مقابل نموه بنسبة 1.5بالمئة خلال العام 2005.

وأرجع التقرير النمو الملحوظ، الذي سجله هذا القطاع بالأسعار الثابتة، إلى استمرار زخم النشاط العمراني خلال العام 2006، بالتزامن مع نمو مبيعات الاسمنت الى السوق المحلي بنسبة 6.1 بالمئة مقارنة مع مستواها خلال العام السابق، رغم تراجع انتاج الاسمنت بنسبة 1.9بالمئة عن مستواه خلال العام 2005.

الضرائب، ارتفاع أسعار الأراضي، والتكدس في عمان: حلم الأردنيين بامتلاك بيت العمر “بعيد المنال”
 
21-Feb-2008
 
العدد 14