العدد 14 - ثقافي | ||||||||||||||
هيا صالح «أفلامنا قصيرة لكن طموحاتنا كبيرة»، هذا ما يقول به مخرجون أردنيون شباب، مطالبين الهيئة الملكية الأردنية للأفلام أن "تتخذ دوراً أكبر" في دعمهم وإبراز قدراتهم، وأن لا تكتفي بالدعم اللوجستي فقط. من جهتهم يؤكد القائمون على هذه الهيئة، ابنة الأعوام الأربعة، أن الغاية من تأسيسها "حفز المهتمين على التعبير عن أنفسهم بالوسائل السمعية والبصرية"، وبحسب نائب مدير عام الهيئة، جورج داود، فإن توفير دعم مالي لصانعي الأفلام ليس من ضمن مهام الهيئة، إذ إن إنتاج الفيلم يتطلب مبالغ كبيرة لا تمتلكها الهيئة بوصفها مؤسسة حكومية غير ربحية. ويؤكد داود أن "نشاطات الهيئة لا تقتصر على الدعم اللوجستي"، مبيناً أن خدمات الهيئة، التي ترمي إلى دعم أي مخرج أردني أو أجنبي يودّ التصوير في الأردن، تشمل: إفادة صنّاع الأفلام بمعلومات عن القدرات المحلية وطواقم العمل وشركات الإنتاج، والبحث عن مواقع تصوير مناسبة، والمساعدة في استكشاف المواهب بأشكالها المتعددة. كما تعمل الهيئة على إيجاد قنوات الاتصال مع الجهات الرسمية والخاصة، وتساعد في الحصول على الرخص والتصاريح الرسمية، وإيجاد الحوافز المتعلقة بصناعة الإنتاج والاستفادة منها. من جهته، يرى نقيب الفنانين الأردنيين شاهر الحديد، أن "ما تقوم به الهيئة دور شكلي وسطحي"، مؤكداً أن الهيئة لم تزدْ على الحركة الفنية ولم تُضِف إليها شيئاً، وأنها "أخذت اسماً كبيراً لا يتناسب مع ما تقدمه"، فيما يرى الناقد السينمائي ناجح حسن أنه "من الظلم أن نطالب الهيئة بإنتاج أفلام"، موضحاً موقفه بقوله: "إننا نفتقد البنية التحتية اللازمة لذلك". ويذكّر حسن بما حققته الهيئة من خلال دعمها للمواهب الشابة من نجاح، وأنها "بدأت تجني ثمار عملها" من خلال "فوز غالبية الأفلام التي رعتها الهيئة بجوائز رفيعة ومكرسة". وكانت الهيئة الملكية الأردنية للأفلام تأسست بموجب قانون رقم 27 لعام 2003، وهي هيئة حكومية، مستقلة مالياً وإدارياً، يشرف عليها مجلس مفوضين برئاسة الأمير علي بن الحسين. وعملت الهيئة منذ تأسيسها، بحسب القائمين عليها، على دعم عدد من الأفلام الأجنبية التي تم تصويرها في الأردن، مثل الفيلم الأميركي الكندي "المنقح" للمخرج الأميركي من أصل بريطاني بريان دي بالما، وهو يتناول الحرب على العراق، وفيلم آخر للمخرج نفسه باسم "مهمة في المريخ" تم تصويره في وادي رم، كما قدمت الهيئة دعماً لوجستياً للفيلم الأردني "كابتن أبو الرائد" من تأليف وإخراج أمين مطالقة وبطولة نديم صوالحة ورنا سلطان. وفي سياق متصل، لم يُخْفِ الحديد نقده الشديد للهيئة التي "لم تأخذ تصريحاً من النقابة لتصوير مثل هذه الأفلام"، وهو ما يخالف، بحسبه، "قانون النقابة الموثّق"، وهو ما ترد عليه مستشارة الشؤون الإعلامية والثقافية في الهيئة، ندى دوماني، موضحةً أن الهيئة استحصلت على التصاريحَ المطلوبة من الجهات المعنية، مستدركةً: "وليس من بينها النقابة". وقد تبنت الهيئة، وهي أول عضو من منطقة الشرق الأوسط في هيئة مفوضي الأفلام الدولية، برنامج "سحب أفلام"، الذي "يخلق ثقافة أفلام"، بحسب تعبير دوماني، عن طريق منح الجمهور فرصة للتعرف على نمط غير معهود من الأفلام والاستمتاع بالتجربة السينمائية وتنمية ذائقة الصورة بشكل عام كونها عملاً فنياً ينبع من روح المبدع الذي قام بإنتاجه، وتؤكد دوماني: "هذه الأفلام تم تمويلها وإنتاجها من قبل صانعيها، ولم يكن للهيئة من دور سوى توفير بعض المعدات لهم أحياناً". برنامج "سحب أفلام" المشار إليه لقي ردود أفعال مختلفة، إذ يصف الحديد هذه الأفلام بـ"أفلام فيديو ومشاريع تخرج للطلبة" وليست "سينما"، مؤكداً أن القائمين على الهيئة "غير متخصصين في شؤون السينما ولا يدركون ما معنى كلمة (فيلم)"؛ فيما يذهب حسن إلى أن هذا البرنامج "يحفز الشباب على صناعة السينما"، أما المخرج طارق حداد فيرى أن ما تقوم به الهيئة "لا يلبي الطموح المأمول"، وأن عمل الهيئة "يقتصر على أعمال ترفد الموهوبين وليس المحترفين". وفي الوقت الذي يؤكد فيه داود أن من أبرز أهداف الهيئة "تشجيع الأردنيين على سرد قصصهم بالوسائل المرئية والمسموعة، وتوفير برامج تدريبية للطامحين في العمل بمجال صناعة الأفلام"، يقول المخرج الأردني يحيى العبد الله إن "الدورات لم تؤت أكلها"، مبيناً أن الخلل كان في مدة الدورة التي لا تتجاوز خمسة أيام، وعدم متابعة النتائج المتحصلة منها، موضحاً في هذا السياق: "نحتاج للتدريب على الضوء السينمائي مثلاً إلى أكثر من مدة الدورة بأكملها". من جهتها تلفت دوماني إلى أنه "من المبالغ به" عدّ كلّ مَن شارك في دورة تدريبية أو ورشة عمل مخرجاً "مخضرماً"، مشددةً على أن الهيئة "ليست جامعة أو معهداً تعليمياً"، وأن على المهتمين "أن يطوّروا مهاراتهم بأنفسهم"، كاشفةً في الوقت نفسه عن نية الهيئة تدارك النقص في مجال تعليم السينما، من خلال إسهامها في تأسيس "معهد البحر الميت للفن السينمائي"، الذي سيفتتح أبوابه، بحسب دوماني، في أيلول 2008، وسيقدم "تعليماً متقدماً ودرجة الماجستير في الفن السينمائي والتلفزيوني ووسائل الإعلام المرئية". التمويل المالي للإنتاج السينمائي الأردني، يظل قضية محورية تؤرق عدداً كبيراً من المخرجين والفنانين المتطلعين إلى "صناعة سينمائية أردنية"، وهو ما يقرّ به داود، لافتاً إلى أن الهيئة، انطلاقاً من وعيها بأن "الشق المالي أساسي وجوهري في صناعة الأفلام"، تعتزم إنشاء صندوق تمويل بشراكة أطراف خاصة وحكومية لدعم صانعي الأفلام ومشاريعهم، مضيفاً: "نأمل أن يتبلور هذا المشروع قريباً، وأن تدرك الجهات القادرة على التمويل مدى أهميته". هنا، يتساءل حسن: "لماذا لا تتجه المؤسسات الرسمية والخاصة، على حدٍّ سواء، والتي تتهافت على إنتاج المسلسلات، إلى الإنتاج السينمائي؟"، ويطالب العبد الله بأن يُفرض على كل فيلم تدعمه الهيئة ضريبة تضاف إلى تذكرة عرضه في صالات السينما أو غيرها، تذهب لصندوق خاص لدعم الحراك السينمائي في الأردن. أما الحديد الذي يرى أن الهيئة "لم تقدم دعماً حقيقياً، على المستويات المختلفة للفنان الأردني"، فهو يطالب بأن تكون الكوادر القائمة على أعمال الهيئة من أبناء المهنة "أصحاب التخصص والخبرة"، مشيراً إلى العلاقات "شبه المقطوعة" بين نقابة الفنانين والهيئة، وداعياً إلى علاقات تحقق، في ظل تعاون مشترك، "مستوى عالياً من العطاء". |
|
|||||||||||||