العدد 2 - ثقافي
 

كان "نقاط لقاء 5 – عمّان" هذا العام مهرجاناً حافلاً لم يكن ينقصه إلا الأداء الموسيقي الراقص "عيطة"، والفنانة والكوريوغراف المغربيّة بشرى ويزكان. ففي الأسبوع الممتد بين الرابع والحادي عشر من تشرين الثاني، التقت جماهير عمَّان، في الأحياء الشعبية وغير الشعبية، بمجموعة من الفنانين الأردنيين والعرب الآخرين والأجانب، واستمتعت بعروض موسيقيّة وراقصة وأفلام من مدن متنوّعة مثل: ريو دي جانيرو، وبرلين، وصوفيا، وباريس.

استهل المهرجان في يومه الأول بعرض موسيقي في مسرح التراسنطة للفلسطينيّة كاميليا جبران حيث تغنّت بأسلوب مغاير بالحياة والحب والغربة بمصاحبة عودِها. وجاءت فرقة بيكيا من القاهرة بموسيقى إلكترونيّة جذبت جمهوراً جديداً تفاعل معها تفاعلا حيويّاً. ويوميّاً وعلى مدى ثمانية أيّام، أخذت شاحنة صوفيا، الشاحنة التي أتت من بلغاريا، جمهوراً من حوالي 50 شخصاً في المرّة الواحدة في رحلة جابت مواقع متنوّعة من عمّان مثل: الجمرك وسوق الخضار. كما قدّمت عروض الأفلام أفلاماً متنوّعة من الأردن وتونس ومصر وغيرها في "مكان" و"دارة الفنون" و"مسرح البلد". وملأت فرقة برونو بلتراو من ريو دي جانيرو، البرازيل، مسرح التراسنطة بعشّاق وراقصي الهيب هوب والبريك دانس. وقدّمت عرضاً متميّزاً بالإتقان والتجديد.

أمّا المساهمة المحليّة فكانت مشروعاً بعنوان "غير مبوّب" جمع أربع فنانات أردنيّات ساهمن بأعمال فنيّة على شكل مداخلات عامّة. تناولت عريب طوقان ومها أبو عيّاش وسماح حجاوي ولينا صعوب موضوع مدينة عمّان بأساليبهن الشخصيّة والمتنوّعة. وانتشرت أعمالهن في مواقع مختلفة شملت سطوح البنايات ولوحات الإعلانات الضخمة وأربعة وستين شارعاً وأرصفة عدّة.

وكان المهرجان قد بدأ فعاليّاته في المنيا بمصر في الأولّ من تشرين الثاني، ثم انتقل إلى الإسكندرية والقاهرة والرباط وتونس فعمّان، وسيذهب منها إلى دمشق وبيروت وبرلين ورام الله وبروكسيل فيختتم أنشطته فيها في 20 كانون الثاني 2008. ويكون بذلك قد أنتج ونظّم وقدّم ونقل الفنانين والفنانات والأعمال المتنوّعة بين هذه المدن وجذب جماهير منها وأشرك فاعلين ثقافيين محليين. وساهمت عدد من المدن بمشاريع محليّة فيها. بالإضافة إلى ذلك، أدخل المهرجان هذه المرّة مشروعاً جديداً، وهو مكتبة الـ دي في دي، وهي مجموعة من الأفلام اقترحها مخرجون شباب عرب تضمّ أفلاماً من القصيرة والطويلة والروائيّة والوثائقيّة. تتنقّل هذه المكتبة ويجهّز لها ركن في كلّ مدينة تزورها ليتسنى للجمهور مشاهدة هذه الأفلام أثناء الفترة التي يزور المهرجان فيها تلك المدينة. وكان "مكان" مقرّا لهذه المكتبة في عمّان.

وحتّى الساعة الثانية من بعد ظهر يوم الأحد، الحادي عشر من تشرين الثاني، وهو اليوم الأخير للمهرجان في عمّان، كانت بشرى ويزكان، الفنّانة القادمة من الرباط، قد وصلت إلى بيروت وأوقِفت هناك، بعيدة، غريبة، صغيرة. ولم تجد نفعاً كل الاعتبارات المتصلة بالفن والثقافة والمعرفة والتنوّر والمشاركة والتبادل والصداقة والقرابة والعمل والسياحة. وعلى الرغم من جهود مضنية ومساهمات العديد من الأطراف الشغوفة والمؤمنة والصادقة على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية من أصدقاء ومنظّمين وعاملين في سفارات ومراكز ثقافيّة وموظّفي حكومة ومسؤولين، لم تتمكّن بُشرى من الدخول إلى الأردن. وكان فريق العاملين والمنظمين والمشرفين على "نقاط لقاء 5 – عمّان" ما يزال يحاول بشتّى الطرق إدخال بشرى إلى الأردن دونما جدوى. فأُلغِيَ العرض الختامي الذي كان مبرمجاً للساعة الثامنة والنصف من اليوم ذاته.

وهذه ليست أوّل حالة. فقد تابعت في الصيف أمر الحصول على إذن يسمح بموجبه للسفارة الأردنيّة في الرباط بمنح تأشيرة دخول إلى الأردن لمواطنة مغربيّة أخرى هي الفنانة البصريّة بتول السحيمي، التي تقطن في أصيلة حيث افتتحت مساحة فنيّة صغيرة تعرض فيها أعمال الفنانين والفنانات حديثي التخرّج، وهي متزوجة من فنان مشهور، ولديهما ابنة في عامها الثاني، وتركتها في رعاية أمّها وأخواتها لتشارك في ورشة فنيّة في الأردن لأهميّة ذلك بالنسبة لعملها ومستقبلها المهنيّ. وباءت الجهود لإدخالها الأردن بالفشل.

كما كنت في اسطنبول في الأسبوع الماضي، حيث دُعيت لحضور اجتماع يعزز التعاون بين الجيران

من دول المنطقة: تركيّا وإيران وسوريّا ولبنان وجورجيا وأرمينيا وأذربيجان والأردن، في الفن والثقافة. يومان من التعارف والحوار والحديث وصناعة علاقات وتوسيع شبكات. في نهاية اليوم الثاني قالت لي الأرمنيّة إيفا كاتشاتريان، القيّمة على فعاليّات فنيّة، والتي تنظّم مهرجاناً فنيّاً عالميّاً للفنانات النساء يضمّ عروضاً لأعمال فنيّة متنوّعة وورشات عمل ومحاضرات وغيرها، قالت لي بأنّها زارت لبنان وسوريّا ولكنّها لم تتمكّن من زيارة الأردن. لم تستطع إيفا الحصول على تأشيرة لأنّها فنانة، ولأنها امرأة أصغر من عمر معيّن، مما يؤهلها، في تقدير المسؤولين المعنيين لدينا لاحتراف "مهنة غير شريفة".

وذلك هو السبب نفسه لعدم السماح لبشرى بدخول الأردن: مغربيّة، وأنّها امرأة، وأنّها تنتمي لفئة عمريّة معيّنة ما بين الطفولة والشيخوخة. وأنّ مسؤولين لدينا لا يترددون في وسم نساء بلد ما، عربي أو غير عربي، بصفة بائعات الهوى.

نقاط لقاء 5 – عمان: مهرجان منوع حافل، مواهب أردنية وإبداعات شابة مبتكرة = ديالا خصاونة
 
15-Nov-2007
 
العدد 2