العدد 14 - كاتب / قارئ
 

بالتزامن مع تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة في 18 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، قراراً يدعو دول العالم لحظر عقوبة الإعدام اختيارياً، طرح فريق "ے" موضوع عقوبة الإعدام للنقاش، متيحاً المجال أمام المهتمين والمعنيين للتعبير عن رؤيتهم للموقف الواجب اتخاذه من قرار الأمم المتحدة.

ضمن هذا النقاش، وردنا هذين الرأيين:

عقوبة الإعدام.. هل تحد من الجرائم؟

د. سليمان صويص*

يبدو أن الجدل حول إلغاء عقوبة الإعدام سيستمر في المجتمع الأردني لسنوات قادمة، وهو مرتبط بالتأكيد بتقدم مستوى الوعي بمسائل حقوق الإنسان في هذا المجتمع.

مما لا شك فيه، أن هناك تقدماً بطيئاً قد وقع على هذا الصعيد، ففي حين أن الرفض المطلق كان السمة الغالبة على مناقشة الموضوع قبل عقد من الزمن، نلاحظ اليوم استعداداً للخوض في كيفية الحد من عقوبة الإعدام بالرغم من استمرار وجود قناعة واسعة الانتشار، على المستويين الشعبي والنخبوي، برفض إلغاء هذه العقوبة اللاإنسانية. على سبيل المثال لا أزال أتذكر رد فعل إحدى الشخصيات الدينية قبل نحو عشر سنوات على تأييدي إلغاء عقوبة الإعدام، عندما سألتني إحدى الصحف اليومية عن رأيي في ذلك. عقّبت تلك الشخصية قائلة «سامحها الله»: "إن الذين يدعون لإلغاء عقوبة الإعدام هم أشرار يحاولون نشر الفساد في المجتمع"!

مثل هذه الآراء لم نعد نسمع بها، خصوصاً بعدما اقترح المركز الوطني لحقوق الإنسان في إحدى تقاريره السنوية تقليص عدد القوانين التي تنص على تلك العقوبة من 25 قانوناً إلى نحو ثلاثة عشر فقط، كخطوة أولية على طريق الحد من اللجوء إليها. وهذا التطور هو في أحد وجوهه ثمرة من ثمار النضال الذي خاضه مناضلو حقوق الإنسان ومنظمات حقوق الإنسان من أجل انتصار الحق في الحياة، وهو أول وأبسط حقوق الإنسان.

وهناك اعتقاد شائع بأن تطبيق عقوبة الإعدام يلعب دور الرادع لكل من تسول له نفسه ارتكاب جرائم كبرى، وبالتالي، فإنها تعتبر "عبرة لمن يعتبر" وتحد من انتشار هذه الجرائم. هنا يجب القول إن العديد من التقارير والدراسات التي أعدتها الأجهزة المختصة في الأمم المتحدة، أظهرت أن تطبيق عقوبة الإعدام في البلدان المختلفة لم يؤد إلى انخفاض عدد الجرائم فيها، لا بل إنها تشير إلى ارتفاعه! وهذا يدل على أن هناك وسائل أخرى يمكن اعتمادها للحد من الجريمة، سوى عقوبة الإعدام التي ثبت أنها ليست الأكثر نجاعة في هذا المجال.

إن آراء كثيرة تُجمع منذ سنوات على اعتبار الظلم والفقر والحاجة والطمع والتخلف، هي العوامل الأساسية وراء تفاقم الجرائم والعنف في المجتمعات. لذلك فإن قيام الحكومات والدول بالبحث بصورة جدية عن حلول اقتصادية ناجعة للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها المجتمعات البشرية، هو الكفيل بالحد من وقوع الجرائم والتقليل منها، ولا نقول اجتثاثها، لأن ذلك سيكون تفكيراً طوباوياً.

*ناشط ومتخصص في حقوق الإنسان، مؤسس الجمعية الأردنية لحقوق الإنسان

نقاش حول عقوبة الإعدام
 
21-Feb-2008
 
العدد 14