العدد 14 - حريات | ||||||||||||||
السجل- سامر خير تهدد الأم ولدها الصغير بأنها ستحضر "عمو الشرطي" إذا لم يسكت أو يستجيب لأوامرها. يمتثل الصغير لأمر أمه خشية أن يتعرض لما يجهله من ذلك الكائن المسمى شرطياً. لكن المسألة لا تتوقف هنا، فقد يتحول الشرطي في ذاكرة ذلك الطفل إلى مصدر للكوابيس، فيشعر تجاهه برعب وذعر لا يوصفان. ومع مرور الوقت يتحول الطفل إما إلى شخص لا يعرف سوى الخوف من الشرطة، أو إلى شخص يريد أن يصير رجل شرطة حتى يخيف الآخرين!. ولو استمر الأمر على هذا الحال، وتعمم موقف كهذا على كثيرين، تتحول العلاقة بين الناس والشرطة إلى علاقة من يخافون بمن يُخيفون!. فهل هي كذلك فعلاً؟! يقول "إبراهيم زريق" وهو من أعوان شرطة السير، ويعمل سائقاً في إحدى المؤسسات، إنه أحب أن ينضم إلى أعوان الشرطة كي يبني علاقة جيدة مع الشرطة بعد أن كان يحس دائماً بقلق من التعامل معهم. ويضيف أنه يريد أيضاً أن يكون مرهوب الجانب من قبل الناس، وبخاصة أولئك الذين عادة ما يخالفون السير، إلى جانب دوره الطبيعي في مساعدة شرطة السير في تعقّب المخالفين وتحرير مخالفات لهم. ويقول محمد حسان، وهو موظف قطاع عام، إنه لا يحب التعامل مع الشرطة، ويحرص على تجنبهم باستمرار، حتى إنه لا يقيم علاقة جيدة بابن خاله الذي يعمل شرطياً. وعن أسباب ذلك يوضح حسان أنه يعتقد أن أي تعامل مع الشرطة يستوجب منه الاستسلام الكامل والاستجابة المطلقة لما يطلبونه منه، وهو موقف لا يحبه، إذ لا يطيق أن يكون مسلوب الإرادة. أما تالا محمد، وهي موظفة، فلا تعتقد أن تهديدها لأولادها بإحضار الشرطة إن لم يمتثلوا لأوامرها، سيسبب لهم مشكلات نفسية، وتستدل على ذلك بأن أولادها يفرحون حين يرون شرطياً في الشارع، ويأخذون بالمناداة عليه وتحيته. لكنها تعترف أيضاً أنها كانت دائماً تشعر بنوع من الرهبة تجاه الشرطة، وهو الأمر الذي يدفعها لتهديد أولادها بهم، إذ تعتقد أن الشرطة لا بد أن تكون مُخيفة!. وتتدخل صديقتها علياء، بالقول إن أولادها، وهم أكبر سناً من أولاد صديقتها، باتوا يخافون جداً من الشرطة، وقد اكتشفتْ ذلك حين زارهم قبل أيام قريب لزوجها يعمل ضابطاً، وهو يلبس زي الشرطة، إذ هرع الأولاد إلى غرفتهم ورفضوا السلام على الضيف، رغم أنهم يُصنفون، في العادة، كأولاد "اجتماعيين" لا يخشون الغرباء. وتقول إنها نادمة على تهديد أولادها بالشرطة، وتنصح الأمهات بعدم فعل ذلك مع أولادهن، خشية أن يتسبب لهم الأمر بـ"عُقدة نفسية". ويذهب نشطاء في مجال حقوق الإنسان للقول إن إحجام بعض المواطنين عن تقديم شكاوى ضد انتهاكات تعرضوا لها، إنما يرجع لتخوفهم من "الأجهزة الأمنية" في حال علمت بشكواهم. ويبدو أن بعض الدول أدركت أن علاقة مواطنيها بشرطتها يشوبها الخوف والتخويف، فعملت على تأسيس أجهزة لـ"الشرطة المجتمعية"، تقوم فلسفتها على العمل المشترك بين الشرطة والمجتمع للوقاية من الجريمة أو لملاحقتهــا معاً في حال وقعت. بـل أن دولة الإمارات العربية المتحدة نصّت صراحة على أن من أهداف شرطتها المجتمعية "كسر الحاجز النفسي لدى أفراد المجتمع والقضاء على مسببات الخوف من رجل الشرطة"!. |
|
|||||||||||||