العدد 2 - رياضي
 

بعد نجاحه في امتحان «المترك» العام 1954، أُوفد في بعثة لدراسة التربية الرياضية في المعهد العالي في الهرم / القاهرة، لتفوقه بالرياضة، وانطباق شروط لجنة إيفاد المتفوقين عليه، وكانت برئاسة خليل السالم، وعضوية إبراهيم نسيبة ومنير عمر.

«حزتُ على بطولة الضفتين في رمي الجلة، ومثّلتُ الأردن في الدورة الرياضية المدرسية في لبنان» يقول أبو الطيب لـ«ے»، مضيفاً أنه كان أثناء دراسته في طولكرم، لاعباً مميزاً في كرة القدم والسلة والطائرة وألعاب القوى، وعدّاءً سريعاً، كما أتقن رمي الرمح والجلّة والقرص.

في صيف العام 1957 شارك أبو الطيب في بطولة المملكة التي أقيمت على ملاعب الشيخ جراح في القدس، وفاز بالمركز الأول بألعاب الرمي، وكان يشرف على تدريبه ضياء حبيب. وفي العام نفسه شارك في معسكر تدريبي أقيم في معهد المعلمين ببيت حنينا قرب القدس للاّعبين المشاركين في الدورة العربية التي ستقام في بيروت حينئذ، وأثناء المعسكر يتذكر أبو الطيب: «فاجأنا الملك الحسين بزيارة للمعسكر التدريبي ليطّلع على تحضيرات الأردن للمشاركة في الدورة، وقام الحسين بالسلام عليّ بعد أن شاهدني أثناء التدريب، وسماعه عن تفوقي من المدربين، وأراد معانقتي، فرجوته أن لا يفعل، لأنني كنتُ مبللاً بالعَرَق جراء التدريبات، لكنه أصرّ على ذلك، وهو يقول: إنه عَرَق الرجال».

كان ثمة مشكلة تواجه أبو الطيب، تتمثل في غيابه عن الدراسة في المعهد الرياضي، فشرحها للملك الراحل الذي أعطى توجيهاته للشيخ إبراهيم القطان، ولمرافقه العسكري مازن العجلوني، للاتصال بالسفارة الأردنية بالقاهرة، التي خاطبت إدارة المعهد لتسهيل مهمة أبو الطيب.

ذهب أبو الطيب إلى بيروت وكله حماسة. يستذكر: «كانت لحظة فرح لن أنساها عندما تمكنت بفضل الله من إحراز الميدالية الذهبية في رمي الرمح ولمسافة 55.50 م، وكانت أول ميدالية ذهبية يحرزها الأردن في تاريخ مشاركته بالدورات العربية».

عاد أبو الطيب إلى القاهرة لإكمال دراسته في المعهد الذي كان لاعباً متفوقاً في فرق رياضية عدة فيه، ولعب أثناء دراسته هناك ضمن صفوف نادي الجزيرة المصري، وفاز بالميدالية الذهبية في بطولة القاهرة بدفع الجلة، وتخرج العام 1958 ليكون أول أردني يحمل شهادة المعهد العالي للتربية الرياضية.

بعد عودته إلى عمّان، انتسب لصفوف النادي الأهلي، ومارس ألعاباً عدة، لكنه ركز على كرة السلة، وفاز مع فريقه ببطولة الدوري لسنوات عدة، وكان من زملائه: محمد خير مامسر، نظمي السعيد، إحسان نغوي، منصور قردن، وسعيد عمر.

ظل أبو الطيب مع «الأهلي» حتى العام 1963، قبل أن ينتقل إلى صفوف فريق نادي الأردن، وكان موقع النادي في سوق السكّر وسط البلد قبل أن ينتقل إلى دوار الحاووز في جبل اللويبدة، ثم قريباً من مدرسة تراسنطة. أسس أبو الطيب في هذا النادي فريقاً لكرة السلة، وكان من أبرز زملائه عواد حداد، وفاز الفريق ببطولة المملكة العام 1966.

اعتزل أبو الطيب اللعب العام 1970، بعد مسيرة استمرت لعقدين، تولى بعدها تدريب منتخب ألعاب القوى، وفي الوقت نفسه تدريب المنتخب الوطني لكرة اليد التي كان أول من أدخلها للأردن العام 1959، وذلك عبر إدراجها ضمن النشاطات الرياضية لمعهد المعلمين في عمّان ولكلية الصناعة وكلية الحسين، حيث عُقدت دورات تدريبية في المحافظات لنشر اللعبة التي لقيت إقبالاً كبيراً، وقد شارك الأردن بعدها بالدورة العربية التي أقيمت العام 1963 في الدار البيضاء بالمغرب، وفاز المنتخب بالميدالية البرونزية، وكان أبو الطيب لاعباً في الفريق ومدرباً له في الوقت نفسه.

عُين أبو الطيب مشرفاً للنشاطات التربوية في وزارة التربية والتعليم العام 1976، ثم أصبح أول مدير للنشاطات التربوية في الوزارة، وكان مستوى الفرق الرياضية في بعض المدارس أقوى من فرق الأندية. وبعد ست سنوات انتقل للعمل مديراً عاماً لمؤسسة رعاية الشباب حديثة التأسيس، ثم عُيّن أميناً عاماً لوزارة الشباب لغاية العام 1986، انتقل بعدها ليدير مؤسسة النقل العام حتى العام 1990، حيث أحيل على التقاعد من العمل الحكومي.

بعد ذلك، عمل أبو الطيب عميداً لشؤون الطلبة في جامعة عمّان الأهلية، ثم مديراً عاماً لكلية حطين التي شارك بتأسيسها، وما زال في موقعه حتى الآن.

أثناء مسيرته الرياضية مارس أبو الطيب تدريب كرة السلة وألعاب القوى، وعُين مدرباً للمنتخب الوطني لكرة اليد في الفترة 1961-1976، كما مارس التحكيم لألعاب كرة القدم وكرة اليد وألعاب القوى التي ترأس اتحادها بين العامين 1979 و1985.

يرى أبو الطيب أنه لم يتم تطبيق الاحتراف في الأردن كما ينبغي، ويوضح: «يشمل الاحتراف الآن اللاعبين والمدربين فقط، بينما يجب أن يطبَّق الاحتراف كمنظومة متكاملة تشمل الأندية ومنشآتها وإداراتها، وإيجاد موارد مالية لها، ليصبح النادي مؤسسة قائمة مستقلة، كما هي الحال في بقية بلدان العالم، أما في الأردن فهذا من مهام الحكومة بوصفها مسؤولة عن رعاية الرياضة والشباب».

ويصف أبو الطيب رياضة ألعاب القوى بقوله: «إنها منجم الذهب، وأمّ الألعاب»، مبدياً أسفه «لأننا في الأردن لا نهتم بالألعاب الفردية، ويتركز اهتمامنا على الألعاب الجماعية».

ينسب أبو الطيب الفضلَ في إنجازاته الرياضية «لله عز وجل»، ثم إلى والده موسى قاسم بركات، الذي كان لاعباً في كرة القدم وألعاب القوى. كما يدين بالفضل إلى مدرّس الرياضة عبد الرحيم أسعد، وإلى إبراهيم نسيبة الذي شجعه كثيراً.

حياة أبو الطيب كلها رياضة في رياضة، وأفراد عائلته رياضيون متفوقون، فوالده كان رياضياً بارزاً، وابنته الكبرى، رولا، كانت لاعبة كرة سلة وسبّاحة، وحققت للأردن أربع ميداليات في الدورة العربية المدرسية بالصومال، وكذلك ابنه الأكبر، الطيب، الذي كان لاعباً في المنتخب الوطني للسباحة في الثمانينيات، وسجل رقماً أردنياً جديداً في بطولة آسيا في هونج كونج. أما ابنه الأوسط، المنتصر، فيشرف على تدريب المنتخب الأولمبي بكرة السلة حالياً، وكان لاعباً في المنتخب الوطني للّعبة، ولاعباً في المنتخب الوطني للشباب في السكواش. وكان ابنه الأصغر، مضر، عضواً في المنتخب الوطني للسباحة، ولاعباً في منتخب الشباب لكرة السلة.

يُعرب أبو الطيب عن حزنه، بسبب ما وصفه بـ«العقوق» تجاه رواد الرياضة الأردنية حالياً، عكس ما يجري في دول أخرى «تحترم الرواد، وتعدّهم ثروة كبيرة قامت الرياضة على أكتافهم رغم صعوبة الحياة». ويضيف بأسى واضح على ملامح وجهه، أنه لا يجد «الترحيب» الذي يستحقه مع زملائه عند قيامهم بمتابعة النشاطات الرياضية، ويطالب الاتحادات الرياضية بـ«وضع قائمة شرف لرواد اللعبة، ودعوتهم في ختام البطولات».

يوجّه أبو الطيب الشكر للأميرة هيا بنت الحسين التي قدمت لهيئة رواد الرياضة التي يرأسها «مقراً نموذجياً» في ضاحية الرشيد، كما يوجّه شكره لها بوصفها رئيسة لرابطة اللاعبين الدوليين الأردنيين، حيث عُين أبو الطيب نائباً لها في الرابطة التي ترعى شؤون اللاعبين الدوليين المعتزلين.

يرى أبو الطيب أن الرياضة المدرسية «أساس التفوق الرياضي»، لكنها في الأردن «ضعيفة جداً، مما انعكس سلبياً على مستوى منتخباتنا الوطنية ونتائجها».

يهوى أبو الطيب المطالعة، بخاصة الكتب الصحية والتربوية والرياضية، كما يمارس رياضتَي التنس والسباحة بشكل مستمر، إضافة إلى زراعة حديقة منزله العامرة بأشجار الفاكهة، وهو «مكتفٍ ذاتياً بالعنب والتين والليمون»، بحسب تعبيره.

أبو الطيب يقضي بعض سهراته مع زوجته، في متابعة المباريات الرياضية. يقول: «أم الطيب مظلومة معي، لأنني أقضي معظم وقتي إما في مكتبي في الكلية، أو في متابعة أمور هيئة الرواد ورابطة اللاعبين»، لكنه يقرّ أن زوجته ملهمته ورفيقة دربه.

أبو الطيب.. علامة فارقة في تاريخ الرياضة الأردنية
 
01-Aug-2009
 
العدد 2