العدد 2 - نبض البلد | ||||||||||||||
في أمسيةٍ بديعة أحيتها السورية لينا شماميان، وسط جمهورٍ كبير ملأ مسرح الأورديون بوسط البلد، اختُتمت فعاليات مهرجان موسيقى البلد، الذي أقيم في مواقع مختلفة بعمّان خلال الفترة من 30 حزيران/يونيو إلى 5 تموز/يوليو 2009. فور اعتلائها المسرح، غنت شماميان بصوتها المنفرد، ترنيمة «يا عصفورة الجنة» التي أهدتها للشعب الفلسطيني. هذا الاستهلال جذب الشبّان، الذين شكلوا معظم الجمهور، إلى غناء ينساب بهدوء ودونما صخب، عبر صوت شفيف وموسيقى صافية. واصلت شماميان بعد تصفيق حارّ أكد به جمهورها تعطّشه للمزيد، تقديم أعمال من ألبومها الجديد «شامات» الذي تتعانق فيه الموسيقى الكلاسيكية الشرقية والأرمنية بموسيقى الجاز الغربية، والذي اشتمل على أغانٍ تراثية غير منتشرة على نطاق واسع، بتوزيع موسيقي جديد، فقدمت بصوت غنيِّ الطبقات: «يا مايلة عالغصون عيني»، و«يا مسافرة في البحر»، «يا روح لا تسهري»، ومن الموشحات الأندلسية شدت بـ«لما بدا يتثنى»، وغنت «هالأسمر اللونا»، من ألبومها الذي يحمل الاسم نفسه، الذي أنجزته مع الموسيقي باسل رجوب. استلهام تراث الأغنية العربية والتفاعل معه ليخرج بحلّة صوتية وتوزيع موسيقي جديدَين، والدمج بين أصوات آلات غربية وشرقية، كانتا السمتين البارزتين لما قُدّم من فعاليات موسيقية وغنائية في المهرجان. وقد أطل المشاركون على جمهورهم عبر ما قدموه من ألبوماتهم الجديدة، ليمثّل المهرجانُ ساحة ثرية بالحوار الموسيقي الفني، تكشف عن طاقات إبداعية شابة تواصل الحفر عميقاً في موروثها الغنائي الجميل، وتعيد إحياءه بروح عصرية تستثمر طاقات الآلات الموسيقية على اختلافها، وطبقات الأصوات على تنوعها. المهرجان الذي نظمه مسرح البلد بالتعاون مع أمانة عمّان الكبرى، افتُتح بأمسية لطارق الناصر، استعرض فيها تجربته الموسيقية الدرامية «أصوات» التي تقوم على الدمج بين صوت الحنجرة البشرية والآلة الموسيقية عبر «التراويش» و«الارتجالات الصوتية» التي أطلقت العنان لطاقة الصوت البشري القادرة على الوصول إلى طبقات لا يمكن للآلة أن تؤديها. كذلك جاءت التنويعات الإيقاعية للآلات ضمن طبقات يصعب على الصوت البشري الوصول لها. وكشف العرض عن ثراء كبير في التنويع الصوتي المتولّد من التآلف بين الصوتين؛ الإنسان والآلة، في تجربة تُحسَب للناصر الذي ما برح يبحث عن التجديد في القوالب الموسيقية والتنويعات الصوتية. استهل الناصر أمسيته بأغنية «ما إنت روحي» من كلماته وألحانه وتوزيعه، أمّا الأداء فكان للمغنيتين وسام قروي وعربية طرابلسي من تونس. فيما قدم ياسر فهمي ثلاث أغنيات تراثية قديمة بتوزيع جديد للناصر. وفي تجربة مازجت بين الموسيقى العربية والغربية، قدمت فرقتا «جدل» من الأردن، و«دام» من فلسطين، تجربتيهما في التطوير الموسيقي عبر مقطوعات تنوعت بين أسلوبَي «الروك» و«الراب» الغربيين، وبين الإيقاعات العربية التي تسيَّدها العود وإيقاعات الطبل. أما ما قدمته فرقة «الثلاثي خوري»، فجاء بأجواء مغايرة للروك والراب اللذين يعتمدان الإيقاع السريع والموسيقى الحادة، حيث قدمت الفرقة مقطوعات موسيقية ذات إيقاع هادئ اعتمد الكمان والقانون والعود، لتمتّع جمهورها بمقطوعات ذات إيقاع عاطفي شفيف، ولحن بطيء شجِن. من التراث العثماني الشرقي، عزف «الثلاثي خوري»: «سماعي عجم» للموسيقار إبراهيم أفندي، التي تقيم حواراً بين الكمان والقانون. فيما جمعت مقطوعة «بدون رقص» بين الإيقاعَين الغربي والشرقي بأسلوب هادئ يترك للمتلقي مساحة من التأمل والسفر عبر الحلم، ويعيد الوهج للموسيقى الكلاسيكية. تواصلت فعاليات المهرجان بأمسية للفنانة سحر خليفة، لتقدم جديدها من ألبوم «شمس» من تأليفها وغنائها، وقد تميز بأسلوب الجاز، وباستخدام الآلات الشرقية والغربية. أظهرت الأمسية جانباً من تجربة خليفة التي ترتكز على البحث المستمر في قوالب الموسيقى، والتفاعل مع الأغنية التراثية. وأحيا عازف العود اللبناني زياد سحاب أمسية قدّم فيها أغانيَ ملتزمة تنقد الواقع الاجتماعي والسياسي بطريقة ساخرة ولاذعة، شاركته الأداء فيها ياسمينا الفايد، فقدما «توت حاوي» للمصري أحمد فؤاد نجم، و«عطشان» للشاعر صلاح جاهين. |
|
|||||||||||||