العدد 2 - احتباس حراري
 

شهدت الفترة الأخيرة، نشر تقارير صحفية ورسائل إرشادات عبر وسائل الإعلام المختلفة، تحث على التوفير في الطاقة.

نسبةٌ غير قليلة من هذه التقارير ركّزت على الدور الذي يؤديه العزل الحراري للأبنية في توفير الطاقة. حيث إن تطبيق كودات العزل الحراري يمكن أن يوفر ما نسبته 45 في المئة من استهلاك الطاقة في أيّ بناء، سواء أكان سكنياً أم تجارياً أم صناعياً.

لكن نسبة التوفير هذه، بحسب مختصّين التقتهم «ے»، تتحقق عندما يتم تطبيق العزل الحراري أثناء إنشاء البناء، وليس بعد الانتهاء منه.

تكشف الأرقام في هذا السياق، أن 90 في المئة من المباني في البلاد تضيع فيها الطاقة هباء، وتصل كفاءة التكييف في جميع فصول السنة فيها إلى درجة متدنية، بمعنى أن الحرارة تخرج من المبنى مثلاً في الشتاء، وتدخلها في الصيف، وذلك بسبب عدم تطبيق مبادئ العزل الحراري الأساسية في هذه المباني.

ويشتكي كثيرون من ضعف الخيارات أمامهم في تطبيق مبادئ العزل في بيوتهم، في الوقت الذي يؤكد فيه مختصون أن الوفر في فاتورة الطاقة قد يصل إلى نحو النصف حين يتم العزل الحراري أثناء بناء الشقة أو البيت أو المبنى التجاري والصناعي.

وفي حال تطبيق العزل الحراري بعد البناء، تنخفض قيمة التوفير إلى نحو 25 في المئة، لكنها تبقى نسبة مقبولة، بخاصة أن العزل يساعد على جعل البيئة المنزلية مثلاً، مريحة أكثر لقاطني المنزل، لأن العزل يسهم أيضاً في التخفيف من «تسرُّب» الضوضاء إلى البيوت.

مدير دائرة الهندسة القيمية في شركة خدمات إدارة الطاقة نعيم عوض الله، يقول في هذا السياق: «أنصح الناس دائماً بأن يحاولوا شراء بيوتهم قبل التشطيب، لأن هذا يساعدهم على تسليح منازلهم بالعزل الحراري قبل أن ينتهي بناؤها كلياً، وهذا بالطبع أقلّ تكلفة على المدى البعيد وأكثر كفاءة».

بعدما «تقع الفأس في الرأس» يصبح العزل أصعب، لكنه «ممكن» بحسب مختصين. وبينما يؤكد الرئيس السابق لمركز بحوث الطاقة مالك الكباريتي، أن أقل من 10 في المئة من المباني في الأردن تطبق كودات البناء الخاصة بالعزل الحراري والميكانيكي، فإنه يلفت إلى أن البيوت تفتقر أيضاً إلى تطبيق كودات الإنارة الطبيعية، المصاعد، التدفئة، تكييف الهواء، التهوية الطببيعية والأصول الصحية.

الكباريتي يرى أن الرقابة على البناء والتشييد غائبة، بخاصة يما يتعلق بالعزل الحراري، ويضيف لـ«ے» أنه لا بد من الاهتمام بزيادة كفاءة الطاقة، في اقتصادٍ يستورد أكثر من 95 في المئة من احتياجاته من الطاقة، وتقضم فاتورة استهلاك الطاقة نحو 20 في المئة من ناتجه المحلي الإجمالي.

أرقام دائرة الإحصاءات العامة، تبين أن إنفاق البلاد على المحروقات بلغ نحو 2.5 بليون دينار في العام 2008، وفي العام 2007 نحو 2 بليون دينار، بزيادة تزيد على 25 في المئة.

في الأبنية القائمة، يرى عوض الله أن متطلبات التوفير في استهلاك الطاقة قد تكلف أكثر من تطبيق العزل قبل البناء، لكنه يؤكد في الوقت نفسه أن الوفر الذي يتحقق عبر توفير الطاقة يبرر الإنفاق على تدابير العزل الحراري. «التوفير حاصل حاصل، لكن في بعض الأحيان تكون فترة استرداد ما أُنفق على الاستثمار قصيرة، وفي أحيان أخرى طويلة».

الفقد الحراري يُحسب بما يسمى «معامل الانتقالية الحرارية» Uw. وهناك طرق علمية سهلة التطبيق لحساب الوفر الحاصل عند تطبيق العزل في الجدران وفي الزجاج.

عزل الشبابيك مهم جداً لمنع الفقد الحراري. وقد كشفت دراسة أجراها المركز الوطني لبحوث الطاقة أخيراً أن 20-35 في المئة من الفاقد الحراري سببه الشبابيك القديمة، والتي «تهرّب» الهواء.

استخدام الشبابيك المزدوجة العازلة double glaze قد يكون أكثر تكلفة. لكن تركيب هذه الشبابيك أثناء تشييد البناء أقل تكلفة مما لو تم ذلك بعد البناء، بحسب عوض الله الذي يستطرد أنه رغم أن تكلفة الاستثمار قد يتطلب استرداها وقتاً طويلاً نسبياً، عند استبدال شبابيك double glaze بالشبابيك العادية ذات الطبقة الواحدة، إلا أن العزل الحراري يهدف، ليس إلى توفير الطاقة فحسب، وإنما إلى جعل البيئة التي يعيش أو يعمل بها الإنسان أكثر راحة، وهو مهم لجعل بيئة المنزل مريحة، وبيئة العمل أكثر إنتاجية.

الكباريتي يؤكد أن التكلفة الزائدة لاستخدام الشبابيك العازلة، وتطبيق العزل في الجدران والأسطح، إضافة إلى إجراءات عازلة أخرى لمنزل مساحته 160 متراً مربعاً مثلاً، تُقدَّر بنحو 3-4 آلاف دينار، لكنه يؤكد أن الوفر الذي يتحقق من تصغير حجم البويلر أو تقليل عدد روديترات التدفئة يصل إلى ألفي دينار على مدى سنتين، على شكل توفير في السولار والكهرباء.

لعزل الجدران المبنية أصلاً، يمكن بحسب عوض الله، استخدام الجبسوم بورد، بعد التأكد أن الجدران لا تسرب ماء، ووضع مادة عازلة، مثل الصوف الصخري، خلفها.

وتُستخدم لعزل الأرضيات أنواع عدة من المواد رديئة التوصيل للحرارة، مثل البوليوريثين. البشيتي، أحد أكبر محلات العِدَد ومواد العزل، يبيع المتر المربع من البوليوريثين الذي يُمَدّ تحت السجاد أو الموكيت، بـ 1.75 دينار، أي أن تكلفة عزل غرفة مساحتها 12 متراً مربعاً 21 ديناراً فقط.

ويمكن استخدام مادة armaflex لعزل أنابيب التدفئة، إذ تساعد على حفظ سخونة المياه الخارجة من المنزل حتى وصولها إلى الروديترات داخل المنزل.

قابلة للتطبيق حتى بعد «وقوع الفاس في الرأس» تدابير العزل الحراري: وفرٌ على المدى البعيد
 
01-Aug-2009
 
العدد 2